| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد 16 / 6 / 2013                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

أردوغان ذو الأظافر والأنياب

عدنان حسين     

الآن يقف أصحاب الإسلام السياسي أمامنا عراة كما ولدتهم أمهاتهم، بكامل عوراتهم وعيوبهم، فلم يعد للأحزاب الإسلامية الأمثولة أو القدوة التي تتقدم بها إلى الناس لإقناعهم بإمكانية إقامة نظام ديمقراطي وحياة مدنية في ظل الإسلام السياسي.

في بث حيّ ومباشر عرض واحد من أكبر وأهم الأحزاب الإسلامية ما ينقض أطروحة الإسلام السياسي الديمقراطي، ويؤكد في المقابل أن هذا الإسلام السياسي، بمختلف صوره وأشكاله ومذاهبه وطوائفه، ليس سوى حركة شمولية لا تحبل إلا بالدكتاتوريات ولا تلد غير الدكتاتوريين.

عرض الإسلام السياسي المبثوث على الهواء مباشرة بالألوان امتدت رقعته من ساحة تقسيم وحديقة غازي في إسطنبول إلى متنزه كوجولو في أنقرة الى ساحات وحدائق عدة في مدن تركية أخرى، بل حتى إلى العاصمة تونس التي لم يتورع رئيس الوزراء التركي زعيم حزب العدالة الإسلامي رجب طيب أردوغان من الخروج فيها على الأعراف المرعية والتقاليد المتبعة في العلاقات الدولية، باستخدامه هذه العاصمة ومؤسساتها الرسمية ساحة لارسال خطابات التهديد والوعيد الى المتظاهرين السلميين في حدائق مدن بلده وساحاتها، في انعكاس لحال الانفلات العصبي وروح الطغيان المتمكنة منه.

في الشكل وفي المضمون تعامل رجب طيب أردوغان، ومن ورائه حزبه، مع المتظاهرين السلميين بالضبط كما تعامل حسني مبارك والقذافي وبشار الأسد.. ولماذا نقارن حاكماً إسلاميا بحكام علمانيين؟ فقبل اردوغان كان نظام الجمهورية الاسلامية في ايران والنظام الاسلامي في السودان قد لجئا الى العنف المفرط ذاته الذي استخدمه أردوغان عن سابق تصميم في محاولته قمع حركة الحدائق والساحات السلمية. ولن نستثني حكومتنا الإسلامية هي الأخرى، فرئيس وزرائنا الذي يتزعم حزباً اسلامياً عريقاً نطق قبل سنتين بالكلمات نفسها (ارهابيون، مؤامرة خارجية ...) التي رددها اردوغان ضد المحتجين على سياساته. بل ان حاكمنا تجاوز نظيره التركي باستخدام طائرات الهليكوبتر والبلطجية حملة "التواثي" لترويع متظاهري ساحة التحرير وتفريق صفوفهم، إضافة الى تزوير الوثائق والوقائع للحطّ من سمعتهم.

حزب اردوغان الاسلامي ولد وترعرع تحت شمس النظام الاتاتوركي، ولم يضطر للعيش في الأقبية والسراديب السرية، كما الاخوان المسلمين في مصر وسواها وكما الحزب الإسلامي وحزب الدعوة الإسلامية وسواهما من أحزاب الاسلام السياسي عندنا. ومع ذلك تكشف حزب العدالة التركي، وهو اخواني، عن حزب بروح شمولية، في أول اختبار حقيقي لمدى التزامه بالديمقراطية التي حملته الى السلطة، فلديمقراطيته أظافر طويلة وأنياب حادة. وما تراها أن تقدم من ديمقراطية أحزاب الاسلام السياسي المولودة في الظلام تحت أجنحة الانظمة الدكتاتورية، إن في ايران أو مصر أو تونس أو العراق؟

عندما أدرك شيوعيو أوروبا الشرقية في أواخر الثمانينات واوائل التسعينات من القرن الماضي ان تجربة الحكم السوفييتي قد فشلت، أذعنوا لحكم الحياة وسلّموا مقاليد حكمهم الى المعارضة من دون غازات مسيلة للدموع أو رصاص حي أو مطاطي أو هراوات، وتحولوا الى أحزاب ديمقراطية. والاسلام السياسي لن يفعل شيئاً كهذا كما تؤكد الآن تجربة تركيا ومعها مصر وقبلهما ايران .. ونحن معهم بالطبع.


المدى
العدد (2819) 16/6/2013

 

 

free web counter