| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد  15 / 6 / 2014                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

لماذا ليس وقتاً للحساب؟

عدنان حسين     
 
لماذا الوقتُ ليس وقتَ حساب؟ .. واذا كان الوقتُ ليس وقتَ حساب، وهو ليس كذلك بالتأكيد، متى إذاً يحين وقت الحساب ؟ ومن ذا الذي يملك دون غيره الحق في تحديد وقت الحساب؟ ولماذا الوقت في المقابل وقتَ التبريرات والذرائع والحجج؟

بحجة ان كل الجهود ينبغي أن تتوجه لمجابهة الإرهاب وردّ العدوان الزاحف من نينوى الى تخوم العاصمة، يُراد ألّا يجري أي حديث عن المساءلة والحساب عن هزيمة الموصل .. يُراد العودة بنا الى أيام "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" و" كل شيء من أجل المعركة"... ليكن، ولكن ما الموقف من الذين تسببوا في الهزيمة المدوية التي أشاعت شعوراً عارماً بالإحباط في صفوف الشعب وثلمت معنويات قواته المسلحة؟ هل يُتركون لحالهم من أجل التسبب في المزيد من الهزائم والخسائر والمزيد من فتّ المعنويات وفي إثارة حنق الناس وغضبهم؟

أقوى دولة في المنطقة هي أصغرها.. إنها اسرائيل التي لم يستطع أحد أن يقهرها ولم تتمكن الدول العربية كلها من أن تسجل هدفاً ذهبياً أو فضياً أو برونزياً عليها على مدى ثلثي القرن.. واحد من أكبر أسرار هذه القوة الخارقة أن الدولة الاسرائيلية تُسائل نفسها وتُحاسب مسؤوليها باستمرار، ولا أحد فيها معصوم من النقد ومنزّه من المساءلة ومُبرأ من الحساب... عندما باغتتها القوات المصرية والسورية في حرب 1973 وحققت تقدماً محدوداً عليها اعترفت بـ "التقصير"، وقدمت كل "المقصرين" الى التحقيق والمحاكمة.

لا يمكن فهم الطلب بعدم فتح ملف الحساب عما جرى في الموصل إلا بكونه مسعى للتنصل من المسؤولية وعدم دفع الثمن المترتب على سوء التقدير والتدبير من جانب القيادات السياسية والعسكرية.

الطلب بعدم المساءلة والمحاسبة يشبه ويتوافق مع القرار الحكومي بإغلاق مواقع التواصل الاجتماعي .. في الحالين هو مسعى واضح لتقييد حرية التعبير المكفولة دستورياً ومصادرة حق الشعب في المعرفة وفي توجيه النقد إلى ممثليه في الدولة الذين انتخبهم هو ومن حقه مساءلتهم ومحاسبتهم.

على مدى ربع قرن عمل صدام حسين كل ما في استطاعته لتكميم الأفواه وعصب العيون وسدِّ الآذان، ولم يفده ذلك في شيء .. والآن أيضاً لن يستطيع أصحاب القرار الخاص بمنع المساءلة والمحاسبة وبحجب مواقع التواصل الاجتماعي أن يحققوا مبتغاهم، فالفضاء المعلوماتي منفتح أكثر من مئة مرة مما كان عليه في عهد صدام، والمعلومات تتدفق عبر الفضائيات وشبكة الإنترنت أسرع بمئة مرة وأكثر أيضاً، وليس في وسع أحد مهما كانت طاقته وقوة حيلته أن يمنع تدفق المعلومات .. فكما هناك وسائل لإغلاق مواقع التواصل الاجتماعي توجد وسائل مضادة لكسر الحصار الإلكتروني.

السليم والصحيح والصائب والناجح أن تتصالح الدولة مع نفسها ومع الناس. وهذه المصالحة تكون بالشفافية أولاً وبالشفافية ثانياً.. وبالشفافية أخيراً.


المدى
العدد (3102) 15/6/2014

 

 

free web counter