| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 15/3/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

حكاية أسامة الجمالي

عدنان حسين  

من قراء هذا العمود الدائمين الذين أعتز بهم الدكتور أسامة الجمالي. ومبعث اعتزازي لا يعود إلى انه ابن رجل الدولة البارز في العهد الملكي محمد فاضل الجمالي، ولا لأنه من الخبراء المرموقين في مجال اقتصاديات النفط، ولا لأنني تعرفت عليه شخصياً في السنوات الأخيرة، وإنما قبل ذلك وبعده لأنه من الحريصين على التعليق على ما أكتب.

الدكتور الجمالي التقيته مرات عدة، في مناسبات ثقافية في الغالب، في الكويت، فهو من الحريصين على حضور الندوات والمهرجانات الثقافية والفنية والمعارض التشكيلية وسوى ذلك من النشاطات الثقافية والفكرية، وهو رجل واسع الثقافة والمعرفة وشديد التهذيب والتواضع أيضاً.
والدكتور الجمالي يكتب لي عبر البريد الإلكتروني ثلاث أو أربع مرات أسبوعياً وأحياناً كل يوم مُعلقاً على ما أكتبه في عمودي هذا. لغته العربية جيدة جداً ولهجته العراقية لا توحي أبداً بأنه يعيش خارج وطنه منذ نحو ستين سنة. تعليقاته التي يكتبها بالإنجليزية تتميز بقصرها الشديد وبأنها نابتة للغاية .. أحيانا تقتصر على كلمة واحدة أو كلمتين، وفي الغالب تنطوي على سخرية وشعور بالمرارة مما يجري في وطننا.
آخر تعليقاته كان حول ما كتبته بشأن الأسعار العالية لتذاكر السفر جواً من وإلى بغداد وسائر المدن العراقية التي تستقبل طائرات الركاب. وهو كتب التالي:

((I am still looking forward to eventually visit Baghdad which I left in 1953.))

"ما زلت أتطلع لأن أزور في نهاية المطاف بغداد التي غادرتها في العام 1953".

ربما كانت لدى مطاراتنا ومراكز الحدود قوائم بالممنوعين من السفر أو الدخول إلى البلاد، لكنني أشك في أن يكون الدكتور أسامة الجمالي أحد الممنوعين من الدخول، لكنه ممنوع بحكم الأمر الواقع. الأوضاع لا تشجع الدكتور أسامة والآلاف من أمثاله من الكفاءات المرموقة المهاجرة على زيارة البلاد ناهيكم عن العودة إليها. وهذه الأوضاع ليست هي الأمنية وحدها، بل تشمل كل شيء بما فيها حال المطارات ومراكز الحدود والشوارع والفنادق ... الخ.
قبل أن أصل إلى بريطانيا لاجئاً في مطلع التسعينات من القرن الماضي لم أكن أتصور أن لدى العراق مثل هذا الكم والكيف من الكفاءات في مختلف المجالات. ففي لندن وجدت أطباء اختصاصيين ماهرين يترأسون أقساماً في أهم المستشفيات العامة والخاصة، وتعرّفت أيضاً على أساتذة جامعيين يدرّسون في جامعة لندن وسواها من الجامعات البريطانية الشهيرة، فضلاً عن مهندسين ومعماريين ومحامين وعلماء في مجالات مختلفة.
مع تعليق الصديق الدكتور أسامة الجمالي استعدت صور العراقيين ذوي الكفاءات والمهارات العالية الذين قابلتهم وتعرفت عليهم في بريطانيا، وبالتأكيد هناك المئات مثلهم في بقية الدول الأوروبية والولايات المتحدة واستراليا وبلدان أخرى.
منذ سنوات نتنادى من أجل إنقاذ ثروتنا من الغاز الطبيعي المهدورة بالاحتراق .. لدينا ثروة كبيرة تفوق في قيمتها ثروة الغاز والنفط .. إنها عقولنا العبقرية اللاجئة، المنفية، المهاجرة، أو المهجرة، التي تتبدد وتضيع ولا من يسأل ولا من يهتم ولا من يتألم من المشغولين بهمّ السلطة والنفوذ والمال.
 

المدى
العدد (2424) الخميس 15/3/2012



 

 

free web counter