| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 15/6/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

جنّ في أروقة النزاهة!

عدنان حسين

في مناسبتين سمعتُ من مسؤولين كبيرين في الحكومة تأكيداً بان هيئة النزاهة لا تُفصح عن كل ما يقع بين يديها من قضايا فساد مالي وإداري، وان القضايا المُعلن عنها صغيرة، فيما الكبيرة التي تصل قيمة الواحدة منها إلى مئات ملايين الدولارات وأكثر يمتنع مسؤولو الهيئة عن فضحها خوفاً على حياتهم لأن هذه القضايا ترتبط بمسؤولين كبار في الدولة والأحزاب المتنفذة فيها.

شخصياً لا أشك في جدّية الهيئة ونزاهتها في تقصي قضايا الفساد وملاحقتها، بيد أن الأمور بخواتيمها كما يقال، وحتى الآن فان النتائج التي حققتها الهيئة تبدو متواضعة للغاية بالمقارنة مع حجم الفساد القائم على الأرض وآثاره الكارثية على الاقتصاد الوطني وحياة الناس، فالمبالغ المسروقة المُستعادة ليست ذات قيمة، فيما لم يُعلن عن أسماء مسؤولين كبار، بدرجة وزير أو وكيل وزارة أو نائب في البرلمان إلى المحاكمة، باستثناء وزير التجارة الأسبق الذي لم ينله شيء بسبب "عدم كفاية الأدلة". حتى ليخيل لنا أن وراء هذا الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة وخارجها وراءه جنّاً وليس إنساً.
لنأخذ مثلاً آخر تقرير للهيئة، وهو الذي صدر أول من أمس، وأفاد بأنه "بلغ تقدير قيمة الفساد في الدعاوى التي حققت فيها الهيئة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي (226.704.395.955.100)
دينار"، وهو رقم فلكي، فالمبلغ يعادل نحو 190 مليار دولار.
وأضاف التقرير أن الهيئة "عملت على التحقيق في (16860) دعوى، منها (9961) إخبارية و(6899) جزائية، وكانت أعلى وزارات فتحت دعاوى جزائية عن جرائم فساد فيها خلال الفترة من 1/1/2011 ولغاية 1/6/2011 الداخلية والبلديات والأشغال والعمل والشؤون الاجتماعية".
وزاد انه "بلغ عدد المطلوبين للهيئة (3318) متهماً منهم (77) بدرجة مدير عام فأعلى من ضمنهم (6) بدرجة وزير، فيما بلغ عدد المطلوبين بأوامر إلقاء قبض (1439) منهم (24) بدرجة مدير عام فأعلى بضمنهم (1) بدرجة وزير نفذ منها (624) أمراً.. أما عدد المطلوبين بأوامر استقدام فبلغ (1879) منهم (53) بدرجة مدير عام فأعلى بضمنهم (5) بدرجة وزير نفذ منها (991) أمراً".
وأضاف "وأحالت الهيئة (1777) متهماً على محاكم الموضوع لمحاكمتهم عن (1448) دعوى فساد بينهم (56) من مرشحي الانتخابات و (66) بدرجة مدير عام فأعلى منهم (10) بدرجة وزير".
وصدرت أحكام بالإدانة والعقوبة على (479) متهما من مجموع عدد المحاكمين البالغ (627)، ومن بين المدانين (47) مديراً عاماً فأعلى بضمنهم (3) بدرجة وزير و(18) من مرشحي الانتخابات.
وأشار التقرير إلى انه تم إيقاف الإجراءات الجزائية نهائيا في حق (291) متهماً في (114) دعوى جزائية لعدم موافقة الوزير أو المرجع الإداري الذي يتبعه المتهم بحكم المادة (136/ب) الملغية من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
كما أوضح التقرير أن عدد مزوري الوثائق الدراسية من مرشحي انتخابات مجلس النواب لعام 2010 بلغ (102) مرشحين اثنين لكن لم يُحل سوى (7) منهم على المحاكم فيما حُكم على واحد فقط.
ورغم هذا الغابة الكبيرة من الأرقام لم نجد في التقرير اسماً واحداً لمتهم أو مُدان. وهذا الامتناع عن ذكر الأسماء لا يساعد الهيئة في تحقيق أهدافها وأداء واجباتها.
ذات مرة سمعت رئيس الهيئة القاضي رحيم العكيلي يقول في مقابلة تلفزيونية إن سياسة الهيئة عدم إعلان أسماء المتهمين، بدعوى أن هذا تقليد عالمي.. والواقع انه حتى في الولايات المتحدة وبريطانيا لا يتردد القضاء ولا أجهزة الشرطة والتحقيق عن أسماء المتهمين ناهيك عن المدانين. ومنذ أسابيع عرف العالم كله ان رئيس صندوق النقد الدولي قد أعتقل بتهمة محاولة اغتصاب عاملة فندق في نيويورك. وبعد أيام من ذلك أُعلن في بريطانيا أن عضواً في البرلمان متهم بالتحرش الجنسي بفتاة صغيرة وقد أستدعي إلى التحقيق وحدد له موعد للاستماع الى رده على التهمة.
نعم، القاعدة القانونية تقول ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته، لكن لا توجد قاعدة قانونية تمنع إعلان من وُجه إليه الاتهام رسمياً بعد توفر عناصر هذا الاتهام لدى الأجهزة التحقيقية والقضائية. وبالطبع لا يوجد البتة ما يمنع إعلان أسماء المدانين.
امتناع هيئة النزاهة عن نشر أسماء حتى المدانين يعطي صدقية للقول بأنها تخاف فعلاً.. وهذا يُقلل من التعويل عليها ويُضعف الثقة بها ويبدد الأمل في أن تكون اليد التي تُنقذ الشعب من هذا غول الفساد.




العدد (2161) الأربعاء 15/06/2011






 

 

 

free web counter