| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 15/2/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

المساكن بدلاً من فوائض النفط

عدنان حسين  

مشكلة السكن في بلادنا ليست بأقل وطأة وخطورة من مشكلة الفساد المالي والإداري أو مشاكل الكهرباء والفقر والبطالة والخدمات العامة أو حتى مشكلة الأمن، وهي جميعاً لا تبدو قابلة للحل قبل أن تحل دولة القانون والعراقية مشكلتهما المزمنة في ان بيضتهم جاءت من الدجاجة أم دجاجتهم جاءت من البيضة!

بعدد السكان الذي يتجاوز الثلاثين مليون نسمة، وبعدد الوحدات السكنية الموجودة فعلاً والمقدّر بنحو مليونين ونصف المليون وحدة، وبمعدل عدد أفراد العائلة العراقية البالغ 5.5 أفراد (كل هذه الأرقام مستقاة من دراسات واحصائيات وزارة التخطيط) نكون في حاجة الآن الى ما يزيد عن ثلاثة ملايين وحدة سكنية، واذا ما علمنا ان نحو مليون من المساكن الحالية في المدن والأرياف غير صالح للسكن، فان الحاجة ترتفع الى نحو أربعة ملايين وحدة سكنية.
هذا رقم مهول في الواقع، فهو يعني ان علينا أن نبني ضعف عدد المساكن القائمة الآن في كل انحاء البلاد لنضمن أن يتمتع العراقيون بحقهم المكفول دستوريا في السكن المناسب.
أواخر العام الماضي أفاد رئيس هيئة استثمار بغداد شاكر الزاملي بان خطة وضعت بالتعاون بين وزارة الاعمار والإسكان وهيئة الاستثمار لبناء مليون وحدة سكنية خلال الأعوام الأربعة المقبلة، وهذا يعني اننا نحتاج الى 16 سنة لبناء الملايين الاربعة من الوحدات السكنية التي نحتاجها. هذا اذا جرى تنفيذ الخطة بحذافيرها وبمواعيدها من دون أي تأخير أو عرقلة. ولكن حتى الست عشرة سنة لن تكون كافية لحل مشكلة السكن لأن ملايين أخرى من العراقيين تكون قد ولدت وتحتاج بدورها الى المساكن المناسبة.
هذا يعني ان ملايين من العراقيين سيظلون في مطاردة لاهثة لعينة مع الزمن للحصول على المساكن.
المشكلة الأكبر التي تواجه قضية السكن لدينا هي الارض والتمويل. فالارض غالية لا يستطيع العراقيون بأغلبيتهم الساحقة تأمينها بدخولهم المتدنية، واذا استطاع قسم منهم فعل ذلك فانه يواجه كلفة البناء المتصاعدة فلكياً هي الأخرى.
أما من حل؟ نعم هناك حلّ سبقتنا اليه دول الخليج العربية ودول أخرى في قارات أخرى.
أكثر من نصف الاراضي في البلاد غير مستثمر لا في الزراعة ولا في السكن ولا في سواهما من الأنشطة الأخرى. في دول الخليج وزعت الحكومات الاراضي الصحراوية على السكان مجانا لبناء مساكنهم، ومنحتهم قروضا للبناء من دون فوائد فعمرت الصحراء بمدن عصرية كبيرة تتوفر فيها كل مستلزمات العيش الكريم، بل انها تبدو لنا في غاية الأبهة والبذخ والفخامة.
نحن أيضاً نستطيع أن نفعل الشيء نفسه في الأقل، فبدلاً من الحديث العقيم عن توزيع بعض أموال النفط على الشعب، يمكن للدولة أن توزع الأراضي على المواطنين وتمنحهم قروضاً نقدية من دون فائدة أو بفائدة متدنية للغاية.
بالطبع لا يكون التوزيع عشوائياً ولا منح القروض مطلقاً، فلا بد من ترتيبات تضمن بناء المساكن على الأراضي الموزعة بالقروض الممنوحة، وتضمن أن يتم البناء جماعياً عن طريق مؤسسات بناء محلية وأجنبية كبيرة.
أظن ان هذه أفضل طريقة لتوزيع الفائض من أموال النفط بما ينفع الناس من أبناء هذا الجيل والأجيال اللاحقة ويؤمن لهم ما يحفظ كرامتهم الانسانية.
نحن أيضاً نستطيع ان نفعل الشيء نفسه.
 

المدى
العدد (2395) الأربعاء 15/2/2012



 

 

free web counter