| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد 15/7/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

الجنة الكذبة

عدنان حسين   

في سنوات المعارضة الطويلة والمريرة كنا نبشر الناس بأننا سنحوّل العراق الى جنة بعدما جعله صدام جحيماً. وكنا نجادل العرب الذين أعمى بصيرتهم التعصب القومي وعقدة الفشل التاريخي والتخلف الحضاري بأن السوء كل السوء في صدام ونظامه وسياساته وان الخير العميم قادم لهم وللعراقيين معنا.

في نضالنا الشاق، خصوصاً في السنوات التي سبقت غزو الكويت، عزّ علينا الأصدقاء والأنصار، لكنّ اثنتين من منظمات حقوق الإنسان العالمية تفردتا في معاونتنا لجهة تقوية المبرر السياسي والأخلاقي لنضالنا المعارض بالدأب على الكشف عن جرائم صدام ونظامه ضد الشعب العراقي وقواه الوطنية، هما منظمة العفو الدولية "أمنستي إنترناشنال" و"هيومن رايتس ووتش" (مراقبة حقوق الانسان) التي كنا ننتظر بفارغ الصبر تقاريرها لكي نهرع الى العالم، وبخاصة العرب، لنقول: ألم نقل لكم ان نظام صدام وحشي؟
إذن فـ "هيومن رايتس ووتش" ليست منظمة إرهابية منبثقة عن تنظيم القاعدة أو فلول النظام السابق ولا هي سلفية متشددة (ناصبية)، ولن يستطيع أحد في حكومتنا أن يتهمها بانها متحيزة وذات مواقف مسبقة وتعتمد على معلومات من جهات معادية لوطنها كما كان يفعل نظام صدام في السابق.
هذه المنظمة أصدرت للتو تقريراً في غاية الأهمية بشأن ما يواجه حرية الرأي والتعبير في بلادنا من مخاطر جمة مع القوانين المقدمة من الحكومة الى البرلمان في هذا الخصوص، قالت فيه ان مشروع قانون جرائم المعلوماتية الذي ينظر فيه مجلس النواب الآن من شأنه تقييد حرية التعبير وخرق القانون الدولي وتهديد الصحفيين والأفراد الذين يكشفون عن وقائع فساد وكذلك النشطاء السلميين، ولاحظت ان القانون يشتمل على أحكام فضفاضة مبهمة تسمح للسلطات العراقية بإنزال عقوبات قاسية بمن يعبّرون عن آراء لا تتوافق مع سياسة الحكومة، وحثت مجلس النواب على عدم الموافقة على القانون قبل مراجعة القيود الواردة فيه على الحقوق أو إلغائها تماماً.
التقرير الذي يقع في حوالي خمسة آلاف كلمة يخلص إلى أن مشروع القانون جزء من جهد أوسع تبذله السلطات الحكومية لقمع المعارضة السلمية من خلال تجريم المشاركة المشروعة بالمعلومات من قبل النشطاء،وقال إن "قيود مشروع القانون الشاملة على المحتوى تشمل عقوبات جنائية وحشية متطرفة من شأنها إسكات أصوات المعارضة"، وان القانون في صيغته الحالية "يقوّض ضمانات الدستور العراقي الخاصة بحرية التعبير وحرية التجمع، ويخرق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعراق دولة طرف فيه".
ويبين التقرير أن مشروع القانون "جزء من نمط من القيود المتزايدة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع"، مشيراً هنا الى مشروع قانون حرية التعبير عن الرأي والتجمع والتظاهر السلمي الذي يشتمل على أحكام تجرّم الخطاب السلمي بعقوبات تصل إلى السجن خمس سنوات. ولفتت المنظمة الى انها وثقت منذ تظاهرات شباط 2011 "هجمات عنيفة عديدة ارتكبتها قوات الأمن العراقية وعصابات، يبدو أنها تعمل بدعم من الحكومة العراقية، ضد متظاهرين سلميين يطالبون بحقوق الإنسان وتحسين الخدمات وإنهاء الفساد".
باختصار شديد ان هذه المنظمة المحترمة تقول لنا:عليكم أن تستحوا وتدفنوا رؤوسكم في التراب .. لا فرق بينكم وبين نظام صدام.
وأنا أوافقها تماماً في هذا الرأي، فالجنة التي وعدنا بها الشعب يتبين الآن أنها كذبة كبرى.

 

المدى
العدد (2536) الأحد 15/7/2012



 

 

free web counter