| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء 15/11/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

"خبصة" الفيدرالية

عدنان حسين

كل هذه "الخبصة" التي لم نكن في حاجة لها، وكل هذا الشحن السياسي والطائفي الذي أثقل علينا وزاد من همومنا، وكل هذه الحملات المتخمة بكلام الحقد والكراهية، كنا سنستغني عنها لو كانت لدينا إدارة كفئة. ونعني بالإدارة هنا إدارة الدولة التي من سوء حظ الشعب العراقي ان من تولاها منذ خمسين سنة حتى اليوم لم يتحل بالمواصفات اللازمة.

"خبصة" الفيدرالية هي عمل تسييسي بامتياز من كل الأطراف المتورطة فيه، التي أشعلت فتيله والتي صبّت على ناره المزيد من الزيت تحمساً للفيدرالية أو انحيازاً ضدها. فمن ساهموا في زيادة الاشتعال ليسوا فقط الذين أيدوا مطالب أصحاب الدعوة الى الفيدرالية، وانما أيضا الذين وقفوا ضدها. . المؤيدون كانت غايتهم في الغالب تسعير الإوار، والذين حملوا على الدعوة وأصحابها انما أرادوا على الأرجح تصفية حسابات مفتوحة.
لم تكن المطالبة بالفيدرالية في هذا الوقت بالذات بريئة، لكنها ليست خطة بعثية مدبرة، مثلما لم يكن رفضها ومعارضتها قراراً إيرانياً.
أول مجموعة عربية في العراق دعت الى الفيدرالية جاءت من أقصى الجنوب.. من البصرة بالتحديد، فقد انطلقت في العام 2008 بين بعض ابناء النخبة البصرية حملة قوية لإعلان عاصمة الجنوب العراقي إقليماً يرتبط بالعاصمة الاتحادية بغداد بعلاقة فيدرالية كما إقليم كردستان العراق. الحملة استندت الى الدستور الدائم الذي كرّس النظام الفيدرالي في جمهورية العراق. وأشدّ من وقف يومها ضد الحملة البصرية التي لم تحظ بالتأييد الكافي هم سياسيو تكريت والرمادي والموصل وديالى الذين يتحمسون اليوم لفيدرالية صلاح الدين الملحّة وفيدراليات الأنبار أو نينوى أو ديالى المؤجلة.
ليست الفيدرالية سيئة أو جيدة في حدّ ذاتها. في ألمانيا والهند وبلجيكا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة (بريطانيا وايرلندا الشمالية)، تجارب فيدرالية ناجحة للغاية، بل انها جعلت من كلّ من هذه البلدان دولة قوية مستقرة ومرفهة ومتطورة. ولماذا نذهب بعيداً؟، فالفيدرالية في كردستان العراق جعلت الإقليم يسبق سائر مناطق العراق بمسافة حضارية لا تقل عن خمسين سنة. في المقابل فان المركزية قادت العراق في العهد السابق الى الحروب والدمار والفقر والتخلف، وهي الآن تُبقي على العراق (عدا إقليم كردستان) في الحال ذاتها التي كان عليها في العهد المباد قبل أكثر من ثماني سنوات، مع ان الموارد المالية تضاعفت عشرات المرات، والسبب سوء الإدارة الذي من تجلياته هذه "الخبصة" الفيدرالية.
ربما كانت هناك أجندات خاصة، محلية وخارجية، وراء بعض المطالبات بالفيدرالية، لكن أحداً في محافظة صلاح الدين أو محافظات الأنبار وديالى ونينوى وسواها ما كان سيتحمس لهذه الفكرة أو حتى يعير لها أدنى اهتمام لو كانت لدينا إدارة كفئة للدولة تُحسن استثمار موارد النفط الهائلة في خطط تنموية مغرية وواعدة في هذه المحافظات وسواها.
يا من لا تحبون الفيدرالية، أعطونا إدارة جيدة للدولة (الحكومة والبرلمان والقضاء) وخذوا نسياناً تاماً لفكرة الفيدرالية .. لكن هذه الإدارة تلزمها نخبة سياسية واعية ووطنية ... أينها؟


العدد (2303) الثلاثاء 15/11/2011






 

 

 

free web counter