| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 14/4/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

المالكي: سمك لبن تمر هندي!

عدنان حسين   

اختار رئيس الوزراء نوري المالكي مناسبة استشهاد السيد محمد باقر الصدر ليفاخر بما هو ليس مدعاة لذلك، فمن دون أي مسوّغ فتح النار في الذكرى الأليمة على من لا علاقة لهم أبداً باستشهاد الصدر، بل كان بينهم من استشهد مثل الصدر على أيدي جلاوزة صدام الذين أُعيد بعضهم الى الخدمة في الأجهزة الأمنية في عهد المالكي.

السيد المالكي أعطى انطباعاً بأن معركة ضروساً كانت تدور في عهد الشهيد الصدر بين فكر الأخير والأفكار"الإلحادية والماركسية والعلمانية"، متفاخراً بأنه بفكر الصدر" استطعنا تهديم كل هذه الأفكار الغريبة".
ما نعرفه، ولابدّ ان المالكي يعرفه أيضاً، ان السيد الصدر خاض معركة شرسة مع نظام البعث، وقد أبلى الصدر بلاء حسناً في تلك المعركة واستشهد فيها مع أخته بنت الهدى والمئات من عناصر حزب الدعوة الإسلامية وحركات إسلامية أخرى وقوى وطنية ماركسية وعلمانية، وكان حرياً بالمالكي أن يوجّه مدفعيته نحو نظام صدام الذي قارعه الشهيد الصدر بفكره وبجسده.
وما نعرفه أيضاً ان الشهيد الصدر لم يضع نفسه في موضع العداوة مع الماركسية والعلمانية، بل ان من منجزاته الفكرية الكبيرة أنه انفتح على الماركسية وحاورها وأخذ عنها وعن الفكر اليساري عموماً مبدأ العدالة الاجتماعية. ولهذا عدّت الحوزة التقليدية والمحافظون من الإسلاميين الشيعة السيد الصدر "يسارياً". ولعل السيد المالكي يعرف، كما نعرف ان من أسباب خلاف مرشد الثورة الإيراني علي خامنئي والرئيس السابق علي رفسنجاني مع رئيس الوزراء الأسبق وقائد الربيع الإيراني مير حسين موسوي الموضوع تحت الإقامة الجبرية الآن أنهما كانا يعتبران موسوي يسارياً لأنه متشبع بأفكار الشهيد الصدر التي تدعو الى نظام إسلامي أكثر عدالة من نظام الجمهورية الإسلامية في إيران.
لو كان السيد المالكي يترأس حكومة ناجحة ويدير دولة ناجحة لتلمسنا له بعض العذر في هجومه غير المبرر على خلطة الإلحاديين والماركسيين والعلمانيين، باعتبار انه يقدّم البديل، لكن السيد المالكي يترأس حكومة فاشلة تماماً في دولة فاشلة كلياً بشهادة ليس فقط قطاعات واسعة من العراقيين، وإنما أيضاً المنظمات الدولية المُعتبرة.
وعدا عن حكومته ودولته الفاشلتين، ليس بوسع المالكي أن يُعطي مثالاً واحداً لنظام ديني، إسلامي أو غير إسلامي، ناجح. جمهورية إيران الإسلامية التي كانت في يوم ما قدوة للسيد المالكي وسائر الإسلاميين الشيعة هي دولة فاشلة. النظام الإسلامي في السودان فاشل هو الآخر.. دولة طالبان الإسلامية فشلت. أين يوجد نظام إسلامي آخر؟ في السعودية؟ الأكيد ان السيد المالكي لا يعتبره كذلك.
في المقابل فإن العلمانيين أقاموا دولاً ناجحة للغاية. كل أوروبا علمانية.. كل دول الأميركيتين علمانية .. كل دول شرق آسيا ووسطها علمانية، بما فيها الهند أكبر ديمقراطية في العالم. ولماذا نذهب بعيداً فها هي جارتنا الشمالية تركيا دولة ناجحة بفضل نظامها العلماني الذي يتمسك به إسلاميو تركيا أنفسهم. حتى الماركسية لديها في الأقل نظام واحد ناجح، هو النظام الذي جعل من الصين الدولة العظمى الثانية بعد الولايات المتحدة.
بجمعه بين الإلحاد والماركسية والعلمانية يكون السيد المالكي قد قدّم لنا، عن قصد أو عن جهل، خلطة هجينة تشبه خلطة السينما المصرية "سمك، لبن، تمر هندي" ! فمن المفترض انه يعرف ان العلمانية ليست أبداً رديفاً للإلحاد وان الماركسي ليس بالضرورة ملحداً.
هل كانت محاولة أخرى من السيد المالكي لمهادنة البعثيين بعدما أثلج صدورهم بإلغاء العيد بسقوط رمزهم والذي يصادف اليوم نفسه الذي استشهد فيه السيد الصدر؟
 

المدى
العدد (2452) السبت 14/4/2012



 

 

free web counter