| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء 14/5/ 2013                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

دم .. ودم

عدنان حسين   

الحركة التي قام بها النواب الممثلون لجبهة الحوار الوطني (صالح المطلك) ولعرب كركوك أمس لا أظنها كانت تعبيراً عن حميّة وطنية أو غيرة إنسانية. وما فعله هؤلاء أنهم انسحبوا من جلسة مجلس النواب احتجاجاً، كما قيل، على عدم موافقة رئاسة البرلمان على إدراج طلب في جدول أعمال الجلسات باعتبار حادثة الحويجة إبادة جماعية.
ما جرى في الحويجة، حتى لو كان كل ضحاياه من البعثيين وعناصر القاعدة، هو جريمة نكراء وُرطت فيها قوة من الجيش الذي ما كان له أن يقبل بالقيام بمهمة قذرة كهذه أو غيرها. ومع هذا فإنها ليست مما يُمكن تصنيفه في قائمة جرائم الإبادة الجماعية، (ليت القانون الدولي يقضي باعتبار كل جريمة يُقتل فيها عشرة أشخاص فما فوق جريمة إبادة جماعية)، ولا أظن ان صالح المطلك وجماعته وبعض النواب العرب عن كركوك جادون كل الجدّ في المسعى لاعتبار ما حدث في الحويجة جريمة إبادة جماعية.. الأرجح أنهم يمارسون نوعاً من الانتهازية السياسية لا علاقة له بحمية وطنية أو غيرة إنسانية.
لو كان صالح المطلك وجماعته والنواب العرب الكركوكيون بهذه الغيرة الإنسانية لكانوا عملوا على اعتبار الأنفال جريمة إبادة جماعية، وهي كذلك بالفعل. ولو كانوا بهذه الحميّة الوطنية لسعوا الى إدانة قمع الانتفاضة الشعبية في 1991 واعتبار ما جرى في المقابر الجماعية بوصفه جريمة إبادة جماعية، وهو كذلك تماماً.
دعونا من الأنفال، فضحاياها كرد، وصالح المطلك وجماعته والنواب العرب الكركوكيون يهرشون جلودهم كلما سمعوا باسم الكرد.. ودعونا أيضاً من انتفاضة آذار- نيسان 1991 لأن ضحاياها ممن يوصفون بالمعارضين لنظام صدام والمتمردين عليه، وما أدراكم ما نظام صدام بالنسبة لصالح المطلك وجماعته والنواب العرب الكركوكيين. هذا إذا لم نقل أيضاً إن معظم ضحايا الانتفاضة هم من الشيعة، وصالح المطلك وجماعته والنواب العرب الكركوكيون لديهم حساسية تجاه الشيعة تشبه حساسية أمثالهم من الطائفيين في المناطق الغربية، وتشبه أيضاً حساسية الطائفيين الشيعة تجاه السنة.
دعونا من الأنفال والانتفاضة، ولننظر في موقف صالح المطلك وجماعته والنواب الكركوكيين العرب من هذا النمط من الإبادة الجماعية الجاري منذ خمس سنوات وأكثر والذي راح ضحية له آلاف العراقيين من مختلف القوميات والأديان والمذاهب والمناطق.. إنها الإبادة الحاصلة باستخدام الجهاز المزيف للكشف عن المتفجرات.
لم نسمع ان جماعة صالح المطلك والنواب العرب الكركوكيين قد حرنوا داخل البرلمان أو انسحبوا من جلساته احتجاجاً على عدم اهتمام الحكومة والبرلمان بهذه القضية الخطيرة للغاية، خاصة وان هذا الجهاز لم يزل عاملاً في شوارع مدننا، أي انه ما برح يتسبب في موت أعداد من العراقيين يضافون الى من ماتوا سابقاً وهم أكثر بألف ضعف من ضحايا جريمة الحويجة.
إذا كان دم ضحايا الحويجة أغلى من دم ضحايا الأنفال وانتفاضة 1991 عند صالح المطلك وجماعته والنواب الكركوكيين العرب، فهل الأمر كذلك مع دم ضحايا الجهاز المزيف المتورط فيه بعض من الكبار في دولتنا، وهم (الضحايا) من مختلف قوميات العراق ودياناته ومذاهبه؟


المدى
العدد (2796) 14/5/2013

 

 

free web counter