| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأثنين 14/5/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

كل هذا الفساد مَن وراءه؟

عدنان حسين   

يجري التحقيق في وزارة الصحة الآن في قضية فساد تبلغ قيمة السرقة فيها 100 مليون دولار كانت مخصصة لبناء ثلاث مستشفيات في رصافة بغداد ومحافظتي الديوانية وديالى. وتفيد التفاصيل بأن المشروع برمته قد عُهد بتنفيذه الى شركة استرالية يديرها شخص عراقي يحمل الجنسية الاسترالية، وتبيّن الآن ان الشركة لا وجود لها ألبتة.

التحقيق يلاحق شركة وهمية إذن، والعراق صار مرتعاً خصيباً ومستوطنة مزدهرة للشركات الوهمية. لكنْ وراء هذه الشركات الوهمية أشخاص معلومون، فالعراقي الاسترالي لا بد انه معلوم لمن أرسوا عليه المقاولة الدسمة للغاية. ومن أرسوا المقاولة لابد انهم معلومون أيضاً، فلا بد انهم موظفون كبار في وزارة الصحة وفي مكاتب حكومية أخرى صاحبة سلطة عليا وكلمة نافذة، ولا بد انهم مستفيدون من المقاولة لكي يحيلوها الى شخص أفّاق.
منذ أيام أعلن المتحدث باسم مجلس القضاء الاعلى القاضي عبد الستار بيرقدار ان محكمة التحقيق المتخصصة بالنظر في قضايا النزاهة أنجزت نحو 522 دعوى قضائية خلال شهر نيسان الماضي. هذا يعني ان المحكمة كانت تنظر في اليوم الواحد 25 قضية (20 يوم عمل ونصف اليوم في الشهر). وبالتأكيد فإن ما وصل الى هذه المحكمة هو جزء يسير مما هو معروف ومُكتشف من قضايا الفساد المالي والإداري، وهذا المعروف والمكتشف هو بدوره جزء يسير من مجمل قضايا الفساد في عموم البلد.
أمس كشفت النائبة نجيبة نجيب، وهي عضو اللجنة المالية في البرلمان وعضو في اللجنة النيابية التي تحقق في ما يعتقد انها أكبر محاولة لسرقة مبلغ من الدولة (7 تريليونات دينار أو ما يعادل 5.6 مليار دولار أميركي).
وأوضحت النائبة أن التحقيقات الأولية توصلت الى ان محاولة السرقة تمت عبر تزوير اختام الأمانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة المالية ووثائق رسمية لتحويل المبلغ الى حساب شخص معين.
هذه المحاولة الكبرى ما كان سيُخطط لها ويُبدأ بتنفيذها – قبل اكتشافها – لو لم يكن هناك أشخاص معلومون من علية القوم بالذات قد تواطأوا وساعدوا وسهًلوا لاتمام العملية ، ليس لوجه الله تعالى بالطبع وانما بالتأكيد لقاء نسبة معتبرة من قيمتها. وبالفعل فإن رئيس اللجنة المالية في البرلمان النائب هيثم الجبوري أعلن عن تورط "شخصيات مهمة" لم يشأ الكشف عنها حماية للتحقيقات. وأفاد بأن جميع الأختام والتواقيع التي استعملها الشخص الذي حاول سرقة ذلك المبلغ، ويدعى عبد الله، كانت مزورة، وهي أختام وتواقيع لمسؤولين مهمين في وزارة المالية والأمانة العامة لمجلس الوزراء، كما قال الجبوري الذي أعرب عن ارتيابه في كيفية الوصول الى شكل بعض الأختام السرية جداً التي أكد ان "من غير الممكن تزويرها"! ذلك لأن بعض الأختام التي جرى تزويرها "على غاية كبيرة من السرية ولا يطلع على شكلها إلاّ النخبة من الموظفين الكبار"!
منذ عشرة أشهر كشف مقرر لجنة النزاهة النيابية النائب خالد العدواني عن أن حجم الفساد المالي والإداري في العراق وصل الى 229 مليار دولار أميركي، وهذا يعادل نصف الموازنات السنوية للدولة منذ العام 2003!
كل هذا الفساد وراءه وفي قلبه وصميمه حشد كبير من علية القوم، وربما كان بينهم الأكثر صراخاً عن الفساد ومكافحته.
 

المدى
العدد (2482) الأثنين 14/5/2012



 

 

free web counter