| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 14/9/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

دولة دينها الفساد!

عدنان حسين

قبل خمسة أشهر تساءلت في هذا المكان بالذات: ما هي جنسية دولتنا؟ .. وجزيل الشكر لرئيس هيئة النزاهة المستقيل القاضي رحيم العكيلي الذي قدّم خلال الأيام القليلة المنصرمة إجابة وافية وشافية عن هذا السؤال الحائر.
القاضي العكيلي قال في رسالته إلى لجنة النزاهة البرلمانية مبرراً استقالته من منصبه ((إن التكالب على نهب أموال الدولة وعقاراتها هو الجزء غير المعلن من الصراع على السلطة في العراق اليوم، لذا فان ملف الفساد فيه سائر إلى المزيد من الالتباس والتعقيد والتسييس وخلط الأوراق في ظل إرادة سياسية تدّعي الوعي بحجم الفساد المستشري، لكنها أضحت في الفترة الأخيرة متذمرة بقوة من الرقابة، بمحاربة الرقابيين أكثر من انشغالها بمكافحة الفاسدين، وبذلك قد لا نحصد إلا المزيد من التراجع الذي أرفض بشدة أن أكون شريكا فيه)).
هذا تصريح واضح بان الفساد هو جنسية دولتنا.
وهذا اعلان جليّ بان الفساد هو قومية دولتنا.
وهذه وثيقة دامغة بان الفساد هو دين دولتنا.
وهذه شهادة راسخة بان الفساد هو مذهب دولتنا.
فالشخص الأكثر دراية بحجم الفساد في دولتنا، والأكثر معرفة بمسارب الفساد وزواياه وبؤره في دولتنا، والأكثر اطلاعاً على ملفات الفساد في دولتنا، يقدّم في هذه الجملة المقتطعة من رسالته بياناً فصيحاً بان كبار دولتنا جميعاً فاسدون .. لا أحد منهم مستثنى ولا أحد بريء ، فهم المتصارعون على السلطة. وفي البرلمان وعبر وسائل الإعلام يبدو صراعهم هذا بهوية وطنية تارة وقومية أخرى ودينية ثالثة ومذهبية رابعة، لكنه في الواقع، كما تكشف رسالة القاضي العكيلي، يتمحور "على نهب الأموال" العامة والخاصة وينحصر في هذا الشأن.
الى جانب رسالة العكيلي نشر بعض الصحف أمس خبرين يدعمان ما كتبه القاضي العكيلي في رسالته، وهما خبران عن الكشف عن عصابتين تقوم إحداهما بنقل ملكية عقارات للدولة مسجلة باسم كبار مسؤولي نظام صدام حسين الى مسؤولين كبار في النظام الحالي بأثمان بخسة عن طريق التزوير والغش في وثائق الملكية. أما العصابة الثانية فمتخصصة في تعيين موظفين في ديوان مجلس الوزراء!
الموظفون الكبار المزورون في ملكية العقارات لا بدّ أن يكونوا مقرّبين للغاية من أكبر الرؤوس في دولتنا،حكومة وبرلماناً، لكي يتجرؤوا على فعل ذلك. وعصابة التعيين في ديوان مجلس الوزراء لا يعمل أفرادها في مستوصف في الشعلة مثلاً أو في مديرية تربية في الرصافة.. لا بدّ انهم موظفون متنفذون في ديوان مجلس الوزراء كيما "يتحلّوا" بقدر من الصلافة يجعلهم يصدرون الأوامر بالتعيين في ديوان مجلس الوزراء.
معنى هذا كله ان الفساد في دولتنا لا يعرف حرمة لشيء، وان القائمين به لا يخشون أحداً ولا شيئاً، لأنهم يعلمون علم اليقين ان الرؤوس الكبيرة فاسدة ومفسدة مثلهم، واننا في دولة جنسيتها الفساد وقوميتها الفساد ودينها الفساد ومذهبها الفساد.

شكرا للقاضي رحيم العكيلي لأنه وضع النقاط على الحروف وأجابني جواباً قاطعاً على سؤالي القديم.
 


العدد (2247) الأربعاء 14/09/2011






 

 

 

free web counter