| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 14/7/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

حكومة .. وصحافة

عدنان حسين   

هذه حكاية ما كنت سأستعيدها في ذهني لو لم أقف في يومين متتاليين على تصريحات ومواقف للمتحدث باسم الحكومة علي الدباغ الذي هو عضو في الحكومة لأن منصبه في مرتبة وزير. ولا بد قبل كل شيء التذكير بان القاعدة الذهبية تقضي بان المثل يُضرب ولا يُقاس عليه، وقد حفل القرآن مثلاً بأمثلة وحكايات ضُربت للاعتبار بها وليس للقياس عليها.

ومما يروى من حكايات بغداد في زمنها الجميل ان أحد قوادي منطقة العاصمة كان يركب سيارة اجرة نفرات (سيرفيس) في شارع الرشيد متوجها الى قاعدة عمله في ساحة الميدان، وكاد سائق السيارة ان يتوقف عند سيدتين اشارتا له بذلك الا ان القواد طلب الى السائق عدم التوقف مؤكداً انه سيدفع له عوضاً كاملاً.

لم يتوقف السائق لكنه لم يصبر على تصرف الرجل الذي كان يجلس الى جواره ولا يعرف من يكون. سأل السائق بعد ان اجتاز المكان الذي توقفت فيه السيدتان: لماذا لم تدعني اتوقف؟ ولماذا تحملت الأجرة عنهما؟ ردّ الرجل (القواد) في الحال: شوف هذولة من اشراف بغداد وانا قواد واذا رآهما أحد ممن يعرفونني معي في السيارة فقد تذهب به الظنون  مذهباً يسيء الى سمعة السيدتين بسببي.

منذ يومين قرأت تصريحا للسيد الدباغ يتبرأ فيه ويبريء رئيس الوزراء نوري المالكي مما أثار الكثير من اللغط في الوسط الاعلامي وخارجه بشأن الاحتفالانت الباذخة غير المبررة بمناسبة يوم الصحافة العراقية.

الوسط الاعلامي الذي يعرف بالتفاصيل المملة العلاقة الوثيقة بين السيد الدباغ ورؤسائه مع المسؤولين عن نقابة الصحفيين  ضحك علنا وليس في سره من تصريحات السيد الدباغ التبرؤية، فالجميع يعرف ان الاحتفالات التي اثارت الحفائظ تمت بمعرفة ودراية وتشجيع ودعم وتعضيد وتأييد وإعجاب من السيد الدباغ ورؤسائه، والجميع يعرف ان زواج مصلحة ومنفعة من الطراز الأول قائم بين رئاسة الحكومة والمسؤولين عن نقابة الصحفيين.

أمس قرأت ان السيد الدباغ رعى رسمياً المؤتمر التأسيسي لمنظمة ((صحفيات بلا حدود)) التي شكلتها مجموعة من الزميلات أظن انه كان من الأفضل لمشروعهن ان ينأى بنفسه عن الحكومة ومسؤوليها، من اجل سمعة المنظمة.

الناشطات اللائي بادرن لتأسيس المنظمة أعلنّ انهن  يريدنها ان تكون معنية بحقوق الصحافيات العراقيات و((نبض الشعب وعين الحقيقة بلا قيود)) وفي سبيل ((تعزيز حرية الصحافة وحرية التعبير وبتقديم الدعم القانوني والمساعدة للصحفيات والكاتبات والشاعرات والاعلاميات والمثقفات والناشطات والسعي نحو حق الوصول للمعلومة دون قيد وتعزيز مكانة المرأة الصحفية في العراق، والعمل على تقديم كافة التسهيلات للصحفيات، وتأمين بيئة آمنة للصحفيات)).

هذه اهداف نبيلة، لكن تحقيقها لن يكون في ظل وتحت رعاية حكومة شغلها الشاغل تقييد حرية الرأي والتعبير وحرية التنظيم، بدلالة قانون حقوق الصحفيين الصادر في العام الماضي وقانون جرائم المعلوماتية وقانون حرية التعبير والتنظيم المقدمين من الحكومة الى البرلمان هذه الأيام، وهما من أسوأ ما يمكن ان يتصوره المرء في مجال حرية الرأي والتعبير.

ما يتعين ان يعرفه السيد الدباغ ان أفضل شيء تقدمه الحكومة لنا ان تنأى بنفسها عن ميدان شغلنا نحن الصحفيين والاعلاميين، فهو ميدان لا بد ان يظل مستقلا تماماً.

 

المدى
العدد (2535) السبت 14/7/2012



 

 

free web counter