| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأثنين 14/11/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

المعارضة اليونانية.. ومعارضتنا!

عدنان حسين

واجهت اليونان في الأشهر المنصرمة ظرفاً عصيباً للغاية هدد بانهيار الدولة، فقد اشتدت بمرور الوقت أزمة مالية واقتصادية طاحنة لم تنفرج حتى مع عشرات المليارات من الدولارات التي ضخّها الحلفاء والشركاء الأوروبيون في الخزينة اليونانية، فسعى اليونانيون إلى حلّ جذري، ولم يكن أمامهم سوى الحل الداخلي: تغيير الحكومة.

الناس في كل مكان ينظرون إلى الحكومة باعتبارها المسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة وكل شاردة وواردة في حياتهم. وهم على حق في هذا، فمن يحكم تقع على عاتقه مسؤولية إدارة الدولة والمجتمع، ويتعيّن عليه أن يؤدي هذه المسؤولية بكفاءة ومقدرة، وإلا فليرحل ويُخلي المكان لمن هو أكفأ وأقدر منه.
في اليونان خرج الناس إلى الشوارع مطالبين بحل ناجع للأزمة.. وتطورت الحركة الشعبية إلى المطالبة بتغيير الحكومة، باعتبارها فشلت في إدارة الدولة والمجتمع.
رئيس الوزراء اليوناني آنذاك جورج باباندريو الذي يدرك مسؤولية حكومته عن الأزمة اقترح تشكيل حكومة وحدة وطنية (نحن نسميها شراكة وطنية) من حزبه الحاكم وأحزاب المعارضة. لكن هذه المعارضة رفضت العرض ما لم يتخل باباندريو نفسه عن منصبه ويغادر الحكومة تماماً.. وفي النهاية كان لها ما أرادت.. استقال باباندريو ومعه حكومته، وتشكلت في الحال حكومة وحدة وطنية برئاسة شخصية تكنوقراطية مستقلة (خبير مالي واقتصادي) ضمت ممثلين عن حزب باباندريو الحاكم وأحزاب المعارضة التي أصبحت هي الأخرى أحزاباً حاكمة، وستقع عليها كما على حزب باباندريو مسؤولية إدارة الدولة والمجتمع بمقدرة وكفاءة.
لم تشأ المعارضة اليونانية أن تكذب على نفسها وعلى شعبها بالقبول بتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة باباندريو الذي لا تحبه فتضع قدماً في الحكومة والقدم الأخرى في المعارضة، كما هو حاصل لدينا هنا في العراق.
نحن لدينا حكومة وحدة وطنية أيضاً، لكننها لا تشبه أي حكومة وحدة وطنية في العالم، فأطراف حكومتنا لا تتعامل مع بعضها البعض لا بروح الوحدة ولا بروح الوطنية.. هي حكومة لكن بعضها معارض في الوقت نفسه، فثلث أعضاء الحكومة أو أكثر (وزراء ائتلاف العراقية وبعض وزراء التحالف الوطني) يعملون على إفشال مهمة رئيسهم، وثلث آخر(وزراء التحالف الوطني) يعمل على تهميش دور الثلث الأول، أما الثلث الثالث (وزراء التحالف الكردستاني والكتل الصغيرة) فدوره أقرب إلى دور المتفرج، خصوصاً بعدما أفشل الثلثان الآخران مساعيه لحل أزمة الحكم والحكومة.
لو ان باباندريو الذي لم يزل حزبه يتمتع بالأغلبية في البرلمان اليوناني قد ركب رأسه، كما يفعل حكامنا (بمن فيهم الذين يعتبرون أنفسهم معارضين)، وأصرّ على أن تكون حكومة الوحدة الوطنية برئاسته ما كان للمعارضة أن تشاركه في الحكومة وأن تلعب على الحبلين: حبل الحكومة وحبل المعارضة، كما تفعل "معارضتنا"، بل كانت ستواصل الضغط على باباندريو داخل البرلمان وفي الشارع لكي يتحمّل مسؤوليته ويستقيل ويُفسح في المجال أمام انتخابات برلمانية مبكرة.
فرق كبير بين المعارضة اليونانية و"معارضتنا".. أليس كذلك؟


العدد (2302) الأثنين 14/11/2011






 

 

 

free web counter