| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء  14 / 8 / 2013                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

عيد غير سعيد (2)

عدنان حسين   

أمس بيّنت في هذا العمود كيف أن حساب الحقل لدى وزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد لم يطابق حساب البيدر في ما خصّ عيد الفطر المنصرم، فالوعود والتأكيدات بتمضية عيد سعيد لم تتحقق، بل أن هذا العيد تحوّل الى مأتم وطني بعشرات التفجيرات والهجمات الإرهابية التي سقط فيها مئات القتلى والمصابين، ما أكد من جديد أن اليد العليا على الصعيد الأمني لم تزل للقوى الإرهابية التي تتعزز المخاوف من تحقيقها اختراقات خطيرة للمنظومة الأمنية.
اليوم سأتناول انموذجين لصعوبات واجهها المعيِّدون الذين لم يهنأوا بالعيد ليس فقط بسبب الإرهاب وإنما أيضا بسبب تصرفات القوات الأمنية المنتشرة في الشارع.
لم يكن حلّ الجيش والشرطة بعد سقوط صدام عملاً طيباً، فالجيش السابق لم يكن جيش صدام تماماً والشرطة السابقة لم تكن كذلك، والدليل انهما لم يقاوما من أجل الإبقاء على نظام صدام. وحدث ذلك حتى في المناطق الغربية التي يُنظر اليها بوصفها مغلقة لصدام، فالقوات المسلحة هناك لم تخضع لأوامر صدام بالمقاومة، واستسلمت للقوات الأميركية من دون قتال.
مع ذلك أمّلنا انفسنا بان جيشاً وطنياً وشرطة وطنية ستتشكلان على انقاض الجيش والشرطة السابقين اللذين سعى صدام على الدوام لقمع الشعب وقواه السياسية المعارضة بهما.
لا الجيش الجديد هو الجيش الوطني الذي تطلّعنا اليه ولا الشرطة أيضاً .. الجهازان مخترقان من الفاسدين والإرهابيين، وسلوك الكثير من عناصرهما لا يختلف في شيء عن سلوك جيش وشرطة صدام .. انهما ينظران الى نفسيهما بوصفهما أداة قمع في أيدي السلطة الحاكمة. التصرفات في الشارع تُفصح عن هذا وتفضحه. حتى العيد لم تكن له حرمة واعتبار.
احدى الزميلات عرضت في صفحتها على فيسبوك منذ يومين مشهداً يصادفنا كل يوم تقريبا عند نقاط التفتيش .. فجأة تتحول النقطة الى عنق زجاجة خانق بوقف مرور السيارات أو التضييق عليها بالمرور من مسربٍ واحد بدلاً من اثنين أو ثلاثة، وفي الغالب لا يكون هذا لأغراض التفتيش الدقيق وإنما لان عناصر قوة التفتيش لا يعجبها أن تعمل بكامل عديدها حتى في ساعات الذروة. الزميلة كتبت: اليوم ظهراً لدى عودتي من المستشفى وقف طابور من السيارات أمام نقطة تفتيش في مدخل اليرموك من جهة المنصور دون حراك لأكثر من ربع ساعة .. كانت هناك عجلة للجيش قد أغلقت الطريق. لماذا ؟ لا أحد يعرف .. أوقفت محرك سيارتي وتوجهت الى عناصر النقطة لاستطلاع الأمر.. كان عناصر النقطة مشغولين بالمزاح والضحك في ما بينهم .. ناديتهم بصوتٍ عالٍ من أجل فتح الطريق لعبور المرضى والعاجزين والأطفال المحبوسين في السيارات.
الزميلة كانت سعيدة الحظ لأن عناصر القوة استجابوا في الحال لندائها، فعادة ليس جائزاً لمواطن أن يسأل عن السبب أو أن يعترض على إجراء ما خوفاً من انتقام عناصر التفتيش بتأخير المرور أكثر أو حتى تهديده بتهمة التعدي على موظف حكومي وقت الواجب.
شخصياً حدث لي شيء من هذا في العيد. كنت مسافراً من بغداد الى الحلة لزيارة الأهل. عند نقطة تفتيش بغداد – بابل على مشارف مدينة بابل الأثرية كان عليّ ان أفتح حقيبتي. لم يكن فيها غير الملابس وقنينة مشروبات روحية لزوم الاحتفال بالعيد.
عناصر قوة التفتيش قالوا انهم لا يسمحون بمرور القنينة!.. لماذا يا سادة؟ ممنوع! كيف ممنوع؟ هل هي أداة لعمل إرهابي؟ أنتم مكلفون بملاحقة الإرهابيين، ولا يوجد قانون في البلد يحرّم شرب الخمرة أو حمل قنانيها من محافظة الى أخرى، فبأي قانون تمنعونني من حمل متاعي الشخصي؟ لم يكن هناك جواب لا من العناصر ولا من ضابطهم ولا من قائدهم الأعلى الذي اتصل به هذا الضابط بعد ان كشفت له عن هويتي وألححت في معرفة القانون الذي يمنعونني بموجبه .. لم يكن لديهم جواب سوى "الأوامر"، ولأنني تمسكت بقنينتي أسمعوني ما ينمّ عن إمكانية اتهامي بالتجاوز على موظف حكومي أثناء الخدمة!!!
أرغب بجواب من وزارتي الداخلية والدفاع عن القانون الذي يستند اليه عناصرهما في وقف المرور في نقاط التفتيش من أجل المزاح والضحك في ما بينهم، وفي مصادرة قنينة مشروبات روحية في حقيبة مسافر بينما تتسرب المفخخات بيسر وسهولة عبر نقاط التفتيش.


المدى
العدد (2865) 14/8/2013

 

 

free web counter