| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء 13/9/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

يا سامعين الصوت

عدنان حسين

كأنما هادي المهدي لم يكن مثقفاً.. كأنه ليس إعلامياً بارزاً وفناناً مسرحياً وإذاعياً مميزاً، بل كأنما هو ليس ببشر، لكي تُقابل جريمة اغتياله بهذا الصمت القاتل من مؤسساتنا الثقافية الرسمية (وزارة الثقافة ومديرياتها البيروقراطية، شبكة الإعلام) وغير الرسمية (اتحاد الأدباء، نقابة الفنانين وسواهما)، ومن معظم المثقفين المرموقين!

ليست المرة الأولى التي تمرّ فيها جريمة من هذا النوع "مرّ الكرام" بجسمنا الثقافي. قبل هذه المرة كان اغتيال كامل شياع، وقبله كان اغتيال قاسم عبد الأمير عجام، وبين هذه الاغتيالات الثلاث أنهى الرصاص الآثم حياة العشرات من المثقفين الواعدين في ميادين الإعلام والأدب والفن.. وفي كل هذا الحالات كان الصمت سيد الموقف.. لا تقولوا: أقيمت كذا فعالية تنديد واستنكار وتأبين وإحياء ذكرى .. لا تقولوا: صدر كذا عدد من مؤلفات الضحايا وكُتب كذا عدد من المقالات، فهذا كله لا قيمة له عند القتلة الذين كلما لاحظوا المثقفين منصرفين إلى مجالس التأبين والعزاء ومنهمكين في تدبيج المقالات أدركوا أنهم قد أمنوا العقاب وقد تلقوا الضوء الأخضر للانطلاق نحو هدفهم التالي.
وزارة الثقافة الموكولة إليها من الدولة والمجتمع شؤون الثقافة والمثقفين لزمت الصمت إزاء الجريمة وكأن الأمر لا يتعلق بمثقف من هذه البلاد لا يعنيها مصيره من قريب أو بعيد، كما لو أن هادي المهدي مواطن من بوركينا فاسو مثلا! وكذا الحال بالنسبة لاتحاد الأدباء ونقابة الفنانين ومجاميع المثقفين، باستثناء أصدقائه المقربين المصدومين بالحادث الجلل، وباستثناء نخبة من المثقفين الكرد الذي هزتهم الجريمة ودلالاتها فاجتمعوا في احدى ساحات مدينة السليمانية للتنديد بالجريمة وللتضامن مع سائر مثقفي البلاد المستهدفين وللتحذير من عواقب الصمت... الحكومي والمجتمعي.
ولكي نرد الفضل إلى أصحابه يتعين أن نستثني أيضاً منظمات دولية ناشطة في مجال حقوق الإنسان (أمنستي انترناشنال وهيومن رايتس ووتش) كان لها موقف مشرّف في التنديد العاجل بعملية الاغتيال السياسي التي جرت في قلب بغداد ومطالبة الحكومة بعدم التهاون في ملاحقة قتلة المهدي وسواه من المثقفين.
أستعير من الراحل غدراً هادي المهدي اسم برنامجه الإذاعي (يا سامعين الصوت) لأقول: يا سامعين الصوت، إن هذا الصمت القاتل المريب يُغري القتلة فيكم جميعاً.
لا يجب أن ندع هذه الجريمة تمرّ علينا "مرّ الكرام".. يمكننا جميعاً، اتحاد الأدباء ونقابة الفنانين وسائر المنظمات والجمعيات الثقافية وباقي المثقفين غير المنتمين إلى هذه الهيئات، أن ننتظم في حركة مدنية تضغط على الحكومة والقوى السياسية والمجتمع لتوفير الحماية لمبدعي البلاد وعقولها المفكّرة، وهي حماية لا تكون بتعيين عسكري مسلح ليمشي خلف كل مثقف، وإنما بالعمل الجددّ لملاحقة القتلة والكشف عنهم وتقديمهم إلى العدالة، وبالقيام بنشاط متواصل لا ينتهي في اليوم الأربعين لكل ضحية، للتنديد بقتل المثقفين وقتلتهم.
يا سامعين الصوت.. صمتنا يغري القتلة بقتلنا.
 


العدد (2245) الثلاثاء 13/09/2011






 

 

 

free web counter