| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 13/7/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

التعداد في عهدة شعيط ومعيط!

عدنان حسين

علينا أن ننتظر ربما أربع عشرة سنة أخرى لكي نتفاءل بإمكانية أن يكون مستقبل أولادنا وأحفادنا أفضل من حاضرنا وماضينا، وليس من المستبعد أن يستغرق الأمر مدة أطول ما دامت الحكومة قد دفعت به في أحدث إعلان لها إلى غياهب المجهول.في الاحتفال باليوم العالمي للسكان الذي أقامته وزارة التخطيط في بغداد أول من أمس الاثنين، أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق آد ملكيرت "حاجة العراق إلى تطوير سياسات واستراتيجيات للسكان ليكون بإمكانه استكشاف احتياجات المستقبل لضمان تخطيط ملائم للمستقبل"، حاثاً صناع القرار على وضع التعداد السكاني المؤجل منذ العام 2007 "كأولوية خلال الأشهر المقبلة"، لكن الحكومة ردت عليه بلسان رئيسها بربط هذه العملية بـ"التوافقات" السياسية و"الإجماع" الوطني.
هذه الإشارة من جانب رئيس مجلس الوزراء السيد نوري المالكي في كلمته تعني إحالة التعداد إلى الرفوف العالية أو جعله من مسؤولية "شعيط ومعيط وجرار الخيط"، فليس من المتوقع أن يحصل توافق، ناهيك عن الإجماع الوطني، في هذا الشأن على مدى السنوات الخمس أو حتى العشر المقبلة مادام التوافق على تعيين وزير للدفاع أو الداخلية مثلاً يتطلب نحو سنة كاملة وربما أكثر.
"لا يمكن بناء دولة حقيقية قائمة على أساس علمي إلا بإيجاد تعداد عام للسكان وإحصاء شامل لكل القدرات والإمكانات". هذا ما قاله رئيس الحكومة في الاحتفال، وهو كلام يعادل وزنه ذهباً، وكان يمكن أن يكون أثمن من الذهب بكثير لو اقترن بقرار حكومي بإجراء قريب للتعداد السكاني المستكملة استعداداته الفنية والمهنية، بحسب إعلان السيد المالكي.
ليست للتعداد المُنتظر أهمية تنموية اقتصادية واجتماعية فحسب، فهو أيضاً ضرورة سياسية وطنية ذلك ان النظام السابق استخدم عمليات التعداد السكاني التي أجراها لأغراض سياسية، وكانت لذلك عواقب وخيمة في مختلف مناحي الحياة لم تزل قائمة ومتفاعلة في آثارها السلبية، وكان من المؤمل أن يساعد التعداد المفترض إجراؤه قبل أربع سنوات في التخفيف من هذه العواقب ووضع المشاكل الناجمة عن عمليات التعداد السابقة على طريق الحل، وهو ما يساهم في تحقيق الاستقرار السياسي والأمني المُفتقد في البلاد.
تعليق التعداد السكاني على شماعة التوافقات والإجماع يبدو محاولة للهروب إلى الأمام من استحقاق وطني أساس. فكما الحكومة من مسؤوليتها استخدام القوة لفرض النظام والقانون، وهو ما تقوم به حتى من دون انتظار للتوافق والإجماع، فان من واجبها أيضا استخدام القانون لتنفيذ مهماتها وقراراتها وبرنامجها. التوافق في كثير من القضايا بين القوى المتحكمة بالعملية السياسية ليس سهلاً، والإجماع بعيد المنال، بيد أن هذا لن يبرر للحكومة تعطيل أعمالها وإغلاق أبواب دوائرها.
التوافق والإجماع على صعيد التعداد السكاني في حقيقة الأمر حجة، ذلك أن السبب الحقيقي وراء تعطيل التعداد يكمن في موقف قومي وآخر طائفي من بعض القوى المتنفذة التي لا ترغب في أن يقرر التعداد حقيقة أن أبناء القوميات الأخرى أكبر عدداً مما هو متعارف عليه الآن ومتوارث من بيانات وإحصاءات النظام السابق الموظفة سياسياً، وكذا الحال بالنسبة لأبناء الديانات والطوائف الأخرى.
الحكومة لا تريد إجراء التعداد لأن القوى المتنفذة فيها لا تريد أن تُؤخذ أي ثلمة من المغانم التي أتاحتها لها عملية سياسية دُبرت في ليل.



العدد (2189) الأربعاء 13/07/2011






 

 

 

free web counter