| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 12/4/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

الطبع يغلب التطبّع في البرلمان أيضاً

عدنان حسين   

استشاط النائب عن "دولة القانون" محمود الحسن غضباً داخل قبة البرلمان الاثنين الماضي وهو يستمع الى بيان مشترك للكتل الكردستانية يُذكّر ويُندد بجرائم الأنفال التي اقترفها نظام صدام حسين في حق الكرد. وما أثار النائب ان البيان دعا الحكومة الى الاعتذار الى الشعب الكردي عن تلك الجرائم.

النائب الدولة - قانوني، وهو قاض سابق في المحكمة الجنائية العليا التي حاكمت أقطاب النظام السابق عن مسؤوليتهم عن جرائم نظامهم في حق الشعب العراقي بكافة قومياته، تملّكه غضب شديد وهو يستمع الى طلب زملائه في البرلمان فلم ينتظر حتى انتهاء تلاوة البيان ليسجل اعتراضه أو تحفظه وإنما قاطع قراءة البيان قبل اكتماله في مخالفة لقواعد النظام الداخلي لمجلس النواب ما اضطره الى الاعتذار عن فعل المقاطعة بعد مشادة مع زميلته الكردستانية بيرزاد شعبان.
تصرف النائب الدولة – قانوني لا يمكن تفسيره الا باعتباره انعكاساً للشوفينية التي تسكن الكثير من سياسيينا. النواب الكردستانيون لم يتقدموا بمشروع قانون وإنما بمجرد بيان أعرب عن أمل ورجاء بتحقيق الطلب. وكان من المفترض أن يكون للنائب الحسن موقفاً متفهماً لطلب زملائه وهو القاضي الذي يفترض أن يكون اكثر حساسية من غيره تجاه جرائم نظام صدام، لكنه الطبع الذي يغلب التطبع دائماً.
طلب النواب الكردستانيين ليس بدعة، فاعتذار الحكومات عن أفعال مشينة من التاريخ في حق جماعات، غدا ممارسة روتينية في العلاقات الدولية. في آب (أغسطس) 2010 قدم رئيس الوزراء الياباني آنذاك ناوتو كان اعتذاراً الى الأمة الكورية عن جرائم ارتكبها اليابانيون ضدهم. وهي جرائم لم تقترفها حكومته ولا الحكومة السابقة ولا السابقة، بل حكومات يرجع تاريخها الى 100 سنة.
ناوتو كان قد اعتذر في بيان رسمي أعرب فيه عن أسف بلاده وندمها العميقين عما سببه الحكم الاستعماري الياباني من معاناة خلال الفترة من 1910 الى 1945. واليابان ضمت إليها في آب 1910 شبه الجزيرة الكورية التي كانت دولة موحدة، ولم ينته الحكم الاستعماري الياباني لكوريا إلا في آب 1945 مع هزيمة اليابان واستسلامها في نهاية الحرب العالمية الثانية.
لم يكن ذلك أول اعتذار في تاريخ اليابان، فمن قبل اعتذرت الى الصين وباقي دول شرق آسيا عما فعلته جيوشها في هذه الدول خلال الحقبة الاستعمارية وفترة الحرب العالمية الثانية.
لم يتحجج رؤساء الحكومات اليابانيون بأن الجرائم القديمة اقترفتها حكومات سابقة ولا بأن حكوماتهم ليست وريثة تلك الحكومات البائدة، بخلاف النائب القاضي الدولة – قانوني الذي تذرّع لتبرير غضبه حيال بيان زملائه الكرد بأن الحكومة الحالية ليست وريثة نظام صدام.
النائب محمود الحسن هو من نمط النواب الذين يكثرون الكلام عن وحدة أراضي العراق والوحدة الوطنية بين مكونات الشعب العراقي، لكنه كما كثير من زملائه يسقطون في الاختبار العملي .. يستثيرهم مجرد الطلب باعتذار الدولة العراقية وتبرّئها من جرائم النظام السابق .. لا يفكرون بأهمية اعتذار كهذا لتمتين الوحدة الوطنية بين مكونات الشعب العراقي وتوطيد وحدة البلاد.
إنه الطبع الذي يغلب التطبّع.
 

المدى
العدد (2451) الخميس 12/4/2012



 

 

free web counter