| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأثنين 12/12/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

منحة تُشبه "مكرمات" صدام

عدنان حسين

من المُفترض أن تُوزّع اليوم المنحة السنوية المقررة من الحكومة للفنانين والأدباء والصحفيين والإعلاميين. ومن المقرر، كما تردد في الأخبار، أن تشمل المنحة ما يزيد عن 19 ألف شخص من المُفترض أن يتسلم كل واحد منهم نحو 1000 دولار أميركي، أي أن مجموع المنحة سيبلغ نحو 20 مليون دولار.

بالتأكيد سيُسعد كثيراً جداً بهذه المنحة، على ضآلتها، الذين لا يستحقونها، وهم ليسوا قليلين، فبين من سيتسلمها مئات وربما آلاف من سائقي أجرة وأرباب مهن أخرى وربات بيوت وأفراد عوائل لصحفيين وإعلاميين وسواهم، فالمنحة بالنسبة لهم هبة من السماء، فيما سيتعفف عن مدّ أيديهم إليها صحفيون وإعلاميون وفنانون وأدباء وكتاب حقيقيون يرون أن هذه المنحة لا تفرق في شيء عن "مكرمات" صدام حسين التي كانت هي الأخرى تشمل من يستحق ومن لا يستحق، وكان الطاغية يتمنن بها على الناس حتى لو كانت زيادة في الرواتب مُستحقة منذ حين.
تكريم الأدباء والكتاب والفنانين والصحفيين والإعلاميين وسواهم من المبدعين عمل جيد، بل هو واجب على المجتمع والدولة تقديراً للخدمة المتميزة التي يُسدونها إلى المجتمع والدولة. لكنّ هذا التكريم لا بدّ من أن يقتصر على المبدعين الحقيقيين، لا أن يكون عاماً يشمل الدخلاء والخاملين.
لا توجد دولة في العالم تحترم نفسها ومبدعيها تتكرم على المبدعين بهذه الطريقة التي هي في الجوهر مهينة للمبدعين طالما انها تشمل من ليس له علاقة بالإبداع، ففي هذه الحال يكون الغرض والمراد منها شراء الذمم والضمائر وليس تقدير الإبداع وتكريم المبدعين.
الدول التي تحترم نفسها تُكرّم المبدعين بالجوائز الدورية وبمُنح التفرغ المؤقت لغرض إنجاز أعمال إبداعية.
عشرون مليون دولار ليس بالمبلغ الهيّن، فهو يوازي قيمة جوائز نوبل في حقولها الست لثلاث سنوات. ولو كان القصد من تخصيص هذا المبلغ تكريم المبدعين وتقدير الإبداع والتشجيع عليه لنهجت دولتنا نهج الدول التي تحترم نفسها ومبدعيها بتخصيص الجوائز ومنح التفرغ للمبدعين الحقيقيين وللواعدين بالإبداع.
عشرون مليون دولار يمكن بها منح 800 جائزة تقديرية وتشجيعية، 300 جائزة تقديرية بمعدل 50 ألف دولار (15 مليون دولار) و500 جائزة تشجيعية بمعدل 10 آلاف دولار (5 ملايين). وهذه الجوائز الثمانمئة يمكن تقسيمها على مختلف حقول الإبداع الأدبية والفنية والعلمية والإعلامية، وبهذا نضمن أن يذهب هذا المبلغ بالضبط إلى من يستحقه من الأدباء والفنانين والعلماء والباحثين والصحفيين والإعلاميين الذين قطعوا شوطاً كبيراً في طريق الإبداع أو ممن هم بدأوا خطاهم الأولى على هذه الطريق، فتكون هذه الجوائز حافزاً لكل المبدعين على مضاعفة الإبداع، فينتفع بهم وبإبداعاتهم المجتمع والدولة.
المنحة الحالية الموزعة على الجميع، الذين يستحقون والذين لا يستحقون، المثابرين والخاملين، لن يكون لها أي مردود، حتى على صعيد كسب ولاء غير المستحقين، فهؤلاء سيضحكون في سرهم على دولة لا تُميّز بين الأديب أو الفنان أو الإعلامي أو العالم وسائق سيارة الأجرة أو ربة البيت، مع كامل الاحترام والتقدير لكل ذوي المهن الشريفة ولكل ربات البيوت.

 


العدد (2330) الأثنين 12/12/2011



 

 

free web counter