| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد 12/8/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

الجعفري وأضرابه

عدنان حسين   

لا يزيد طول الطريق بين البيت والمكتب عن 12 كيلومتراً. مسافة من المفترض ألاّ يتجاوز وقت قطعها بالسيارة ربع ساعة، خصوصاً وان نصف المسافة تقريباً هي جزء من طريق سريعة، لكن الوقت الضائع بين البيت والمكتب يصل في بعض الأيام إلى 45 دقيقة.

لا أريد أن أشكو من السيطرات التي خُفّفت إجراءاتها خلال الأشهر الأخيرة على نحو ملحوظ (تشدُّد هذه الإجراءات بدرجة كبيرة للغاية في الأيام التي يكون فيها الإرهابيون قد ضربوا ضرباتهم، فلا تبقى أي عاقبة للتشديد غير إزعاج ركاب السيارات وبخاصة سيارات النقل الجماعي التي لا تتوفر فيها أجهزة التبريد في هذا الصيف اللاهب). لكن ما أخذ يثقل عليّ هذه الأيام وعلى كل المسافرين عبر شوارع العاصمة، كما أظن، أن سياسيين ورجال دين يتبارون في ما بينهم في هذه الشوارع، ليس من أجل خدمة الناس وإنما على الزيادة في إزعاجهم والأثقال عليهم بصرياً.
في أحد الأيام الماضية أحصيتُ على الطريق بين البيت والمكتب أكثر من عشر صور كبيرة للغاية للنائب إبراهيم الجعفري مقرونة بمقتطفات من أقواله التي أشك كل الشك في أن 90 بالمئة ممن يقرؤونها يفهمون معانيها بسبب رطانتها.
لا دخل لنا بالأسلوب فهذا يخصّ صاحبه، ولكن إلى أي حق استند الجعفري، وهو واحد من 325 عضواً في مجلس النواب، لكي يحتل مساحات على أرصفة الشوارع العامة ويرفع عليها صوره ومقولاته؟ أي قانون أباح لعضو الهيئة التي تشرّع القوانين أن يمارس تلوثاً بيئياً (بصرياً) في حق سكان العاصمة، وربما غيرها أيضاً؟ وما المناسبة؟ هل نحن في فترة حملة انتخابية لكي يكون من حق المرشح الجعفري أن يعرض أفكاره وبرنامجه الانتخابي على الناخبين؟ هل دفع النائب، وهو رئيس كتلة التحالف الوطني، الرسوم التي تتقاضاها أمانة بغداد عادة عن إعلانات الشوارع؟
هذه الأسئلة وغيرها لا يقتصر أمر توجيهها على النائب الجعفري، وإنما المعني بها كل هؤلاء السياسيين ورجال الدين الذين أخذوا القانون بأيديهم وتصرّفوا على طريقة "الحواسم" في التصرّف بالأملاك العامة، والخاصة أيضاً، بما فيها أرصفة الشوارع وجدران المباني الحكومية والمساكن والعمارات الخاصة.
في سنوات المعارضة كنا نتهكّم على صدام لأنه حشا الشوارع والساحات بصوره وتماثيله. والآن فأن صور ذوي السطوة هذه الأيام من السياسيين ورجال الدين فاقت في عددها ما كان لصدام في عهده (الحق يقال إن صدام وأصحابه لم يتركوا تلك الصور والتماثيل لكي تصبح مقراً ومستقراً للتلوث البيئي البصري وغير البصري كما هو حاصل مع "جماعتنا"!).
يا سيد الجعفري، ويا كل الذين تشوهون مدننا بصوركم ومقولاتكم.. ملايين الصور والتماثيل والمقولات والقصور لم تنفع صدام من قبلكم في شيء، وهي لن تنفعكم من بعده في شيء أيضاً. اتقوا الله الذي جعلتم من أنفسكم وكلاء له، وارحمونا نحن الذين جعلتم من أنفسكم أوصياء علينا من دون دعوة منا ولا رغبة.

 

المدى
العدد (2564) الأحد 12/8/2012



 

 

free web counter