| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 12/10/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

الغول الذي يلتهمُ مستقبلنا

عدنان حسين

في لقائه مع نخبة من الإعلاميين أول من أمس لم يشأ الرئيس جلال طالباني أن يتجاوز في حديثه ظاهرة الفساد المالي والإداري المتفشية في دواوين دولتنا من أعلاها إلى أدناها، فهو توقّف غير مرة عند أمثلة لا يحدث مثلها في الدول التي تحترم نفسها إلا مرة كل عشر سنوات، فيما هي لدينا ممارسة روتينية شبه يومية.

من هذه الأمثلة ان وزيراً استدعى مسؤولي شركة وقّعت وزارته معها عقداً لتنفيذ مشروع حيوي وطلب منهم أن يدفعوا نسبة من قيمة العقد الى حزبه (رشوة) وأن يعيّنوا مسؤولين في المشروع من حزبه.
لم يُخبرنا الرئيس كيف تعاملت دولتنا مع وزيرها، ولم يشعر أحد منا بالحاجة الى السؤال، فالوزير تقف خلفه كتلة، وهي كما سائر كتل الحكومة والبرلمان لن تقبل بمحاسبة وزيرها عن فعله الشائن المشين هذا.
ونحن في الإعلام نعرف عشرات القصص من هذا النوع، والناس العاديون يتداولون بالمئات مثلها. بل ان بعض ما نعرفه ويعرفه الناس معنا أكثر إثارة من القصة التي رواها الرئيس مام جلال. فثمة وزراء ووكلاء ونواب وأمناء ومستشارون ومدراء ومحافظون وأعضاء مجالس محافظات قبضوا لحسابهم الشخصي ملايين الدولارات، وعشرات الملايين أحياناً، وثمة آخرون استولوا من دون وجه حق على عقارات وأملاك اخرى بالغش والتزوير والحيلة والابتزاز والتهديد، وغيرهم يمّول مشاريعه الخاصة، بينها أجهزة دعاية شخصية وحزبية، من المال العام.
ونحن في الإعلام نعرف أيضاً، كما يعرف الكثير من الناس العاديين، ان هؤلاء الفاسدين من الوزراء والوكلاء والنواب والأمناء والمستشارين .. الى آخر القائمة الطويلة، هم في غالبيتهم العظمى من عناصر الأحزاب المتنفذة في السلطتين التنفيذية والتشريعية، وبالتحديد من أحزاب الإسلام السياسي صاحبة النفوذ الطاغي في الحكومة والبرلمان، والتي يُفترض ان أعضاءها يبزّون غيرهم في شدة التقوى والورع وفي كثرة الخوف من الله ورسوله ومن نار جهنم.
حتى الإعلاميون والناس العاديون الذين لا تتوفر لهم الدلائل القاطعة على الفساد المالي والإداري، يستدلون بحسّهم على وجود هذا الفساد من خلال آثاره المدمرة اقتصادياً واجتماعياً، فلا يشترط ان يعيش المرء في وسط الإعصار ليدرك حجم الدمار الذي يُخلفه، فآثار الدمار التي يخلّفها الإعصار تكفي في العادة لصنع هذا الإدراك. وما تعانيه الناس من سوء الخدمات وتفشي الفقر والبطالة وتأخر بناء المشاريع الاساسية للسنة الثامنة على التوالي، يجعل حتى محدودي المعرفة من الناس يدركون الحجم المتفاقم للفساد لأنهم يواجهون آثاره المدمرة.
الرئيس طالباني تحدث عن هذا بوضوح مؤكداً ان الفساد يُعطًل بناء الكثير من المشاريع الحيوية، فمع رفض الشركات الاجنبية دفع رشى للوزراء والوكلاء والنواب والمدراء وسائر الفاسدين في دواوين الدولة لا يتورع هؤلاء الفسَدة عن الامتناع عن توقيع العقود انتظاراً لشركات أخرى تقبل بدفع الرشى.
لقاء الرئيس طالباني كان مناسبة أخرى لتأصيل الخوف في النفوس من ان مستقبل العراق يلتهمه غول ضارٍ اسمه: الفساد.


العدد (2275) الأربعاء 12/10/2011






 

 

 

free web counter