| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 12/1/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

عراقي .. ولا يفتخر !

عدنان حسين

"(كذا) وأفتخر"، رأيتها لأول مرة في بلد خليجي كنت أزوره، وتكررت في بلد خليجي آخر وآخر، لكن أكثر من ثلاثين بلداً زرتها صحفياً أو سائحاً غير هذه البلدان الخليجية لم ألحظ فيها مثل هذا الشعار الذي أثار استغرابي للوهلة الأولى، لكنني ما لبثت أن فكرت في انه قد يعكس الشعور بالرضا لدى مواطني الخليج على صعيد حياتهم المادية المرفّهة.

منذ أسابيع لفت انتباهي ظهور الشعار الخليجي بصيغة عراقية "عراقي وأفتخر" في بغداد .. الشعار كتبته محافظة بغداد ورفعته قريباً من مبناها المؤقت في حي الصالحية.
الخليجي يفتخر بحال اليُسر التي يعيشها، فبِمَ يفتخر العراقي؟
العراقي يفتخر بتاريخه السومري، وبالذات الاختراع الأعظم في تاريخ البشرية: الكتابة. والعراقي يفتخر بتاريخه البابلي، وبالذات شريعة حمورابي أم الشرائع ، وبالعجلة ثاني أعظم الاختراعات في التاريخ . والعراقي يفتخر بدجلة والفرات ومياهما الوفيرة التي لها الفضل في ظهور أقدم وأعظم الحضارات والاختراعات في العالم القديم.
والعراقي يفتخر بنهضة بغداد وسامراء في العهد العباسي.
وماذا عن الحاضر؟ بِمَ يفاخر العراقي في أيامنا هذه؟
ستار عبد الجبار سلمان مواطن عراقي يصف نفسه بـ"نصف مواطن" عنده بعض الجواب.
السيد سلمان (38 سنة)، وهو حداد، كان ضحية لإحدى العمليات الإرهابية المتواصلة منذ العام 2003، فقد أصيب بجروح بليغة في انفجار سيارة مفخخة في بغداد وأنفق على نفسه ملايين الدنانير(آلاف الدولارات) للتعافي، وأعاقه العمل الإرهابي الذي أزهقت فيه أرواح عديدة، عن استئناف عمله فترة طويلة.
من جانبها دولتنا، التي هي أيضا دولة هذا المواطن، لم تتكفل علاجه وتعويضه عن خسائره الفادحة. ودولتنا لم تفعل هذا لا لنقص في مواردها المالية، وإنما لأن قادة هذه الدولة مشغولون سبعة أيام في الأسبوع وثلاثين يوماً في الشهر واثني عشر شهراً في السنة عن مواطنهم ستار عبد الجبار سلمان وسائر مواطني العراق بصراعاتهم المتوحشة وحروبهم الضروس من أجل السلطة والنفوذ والمال.
السيد سلمان نفد صبره وهو ينتظر ان تتذكر دولتنا انه مواطن وتعترف بمواطنيته الكاملة، وارتفع لديه منسوب اليأس الى الذروة فعمد الى عمل غير مسبوق.. كتب على لافتة بالأصباغ الملونة ما يلي (بأخطائه اللغوية) :"هذا حدي يا عراق.أطالب الحكومة العراقية باسقاط جنسيتي العراقية لكوني متنازل عن العراق أرضا وشعبا وحكومتا. التوقيع شبه مواطن". ووقف المواطن (نصف المواطن) بلافتته هذه في أماكن عامة أحدها غير بعيد عن مقر الحكومة، فتعرض للاعتقال والإبعاد عن ذلك المكان.
الجديد في قصة "نصف المواطن" هذا انه عرض أخيراً نفسه للبيع (القصة على الصفحة الثالثة) في مزاد علني عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مشترطاً ألا يشتريه عربي أو مسلم، ربما لأنه يفكر أن هؤلاء هم أيضاً أنصاف مواطنين مثله.
السيد سلمان يبرر فعلته بأنه ثبت له "أن الإنسان الذي يولد على أرض العراق ليست له أي قيمة".
المواطن – نصف المواطن ستار عبد الجبار سلمان عراقي لكنه لا يفتخر. كم عراقياً في العراق أو في المنافي والمهاجر تركهم صدام حسين وخلفاء صدام حسين لا يفتخرون بعراقيتهم بخلاف ما تُعلنه محافظة بغداد في الشارع المار بمبناها المؤقت؟
 

المدى
العدد (2361) الخميس 12/1/2012



 

 

free web counter