| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 11/2/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

وداع متأخر لأستاذٍ رائد

عدنان حسين 

لأننا في زمن عراقي أغبر لم يزل ممتداً منذ نصف قرن (مجزرة 8 شباط 1963 كانت بدايته)، فان شاعراً متمكناً من مجايلي السياب وأصدقائه المقربين وإعلاميا بارزاً وأكاديمياً من الرواد في مجال الإعلام، يموت غريباً في بلاد بعيدة جداً، ولا نعرف بموته إلا بعد أسبوع أو أكثر، فلا ينعاه اتحاد الأدباء ولا تستعيد سيرته شبكة الإعلام، ولا تؤبنه جامعة بغداد.

انه الشاعر زكي الجابر .. الإعلامي زكي الجابر .. الأستاذ الجامعي الدكتور زكي الجابر، أستاذي الذي ساهم في تأسيس قسم الصحافة بكلية الآداب (صار الآن كلية كبيرة)، وأدين له، مع الدكاترة عبد اللطيف حمزة وحسنين عبد القادر ومختار التهامي و خليل صابات وسواهم، بالكثير من معرفتي الأكاديمية في مجال الصحافة والإعلام.
شكرا للزميل الدكتور كاظم المقدادي الذي نبّهني الى رحيل أستاذنا الذي لم أنسَه أبداً بفضل ما زوّدني به من علم، وما علّمني إياه من معرفة، وما قدّمه لي من أمثولة في التواضع والسماحة.
في قسم الصحافة درّسني زكي الجابر فنون الإذاعة والتلفزيون والاتصال بالجماهير، وكذلك فن الترجمة (من الإنجليزية إلى العربية)... أشهد انه كان جاداً للغاية في تعليمنا وجاداً في متابعتنا وحثنا على التعلم، وكان تهذيبه الجمّ وتواضعه الواضح مما يشجعنا على حضور درسه الغني بالمعلومات بلهفة والامتثال لتوجيهاته التي كان يضعها في قالب الأبوة العطوفة والأخوة الحانية. ولم يفارقه تواضعه وتهذيبه حتى عندما أصبح وكيلاً لوزارة الثقافة والإعلام، فلم ينقطع عنا ولم يغلق باب مكتبه في وجوهنا، ولم يتخل وجهه العريض عن سماحته وعن ابتسامته الساحرة.
ذات مرة كتبت في صحيفة "الصحافة" التي كنا نصدرها في قسم الصحافة للتمرين والتدريب، عموداً تحدثت فيه عما يعانيه طلبة طلاب الأقسام الداخلية في المبنى الكائن عند ساحة الشهداء. امتعضت إدارة الأقسام الداخلية منتهى الامتعاض لذلك، ولكن بدلاً من أن تردّ على ما كتبت، اشتكتني إلى إدارة كلية الآداب التي عقدت مجلساً بشأني وقررت معاقبتي بفصلي من الكلية لمدة سنة واحدة. وكان ذلك بسبب تخاذل الأستاذة الموكلة بالإشراف على الصحيفة، فهي لم تشأ الدفاع عني خوفاً من تحميلها المسؤولية.
لجأت الى أستاذي زكي الجابر أشكوه ظلم عمادة الكلية، وعلى الفور تدخّل ليُلغي القرار مدافعاً عن حق صحفيي المستقبل في نقد الظواهر السلبية في حياتنا.
كان زكي الجابر بعثياً، لكنه لم يكن من مؤيدي الاتجاه القمعي لسلطة انقلاب 17 تموز 1968، ولم يكن يتردد في الكشف لنا، نحن طلبته غير البعثيين، عن آرائه ومواقفه المناهضة للعنف الصدامي.
ويبدو انه لهذا السبب بالذات ولكفاءته في مجال الإعلام لم يكن على وفاق مع صدام وبطانته، وهذا ما دفعه الى الهجرة مبكراً من البلاد.
أستاذي الراحل زكي الجابر، المتوفى في الولايات المتحدة أواخر الشهر الماضي، يستحق التقدير من الدولة باعتباره من الرواد، فهو كان من أوائل المتخصصين أكاديمياً في مجال الإعلام وممن تخرج على يديه العشرات من الإعلاميين، فضلا عن شاعريته.
ومني له الذكر الطيب والمحبة الدائمة.
 

المدى
العدد (2391) السبت 11/2/2012



 

 

free web counter