| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد 11/12/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

ولاية بطيخ

عدنان حسين

منذ بداية تأسيسها، كانت شبكة الإعلام العراقي إحدى بؤر الفساد في دولتنا، وهذا ما يفسّر كثرة التغييرات في إداراتها، وهي تغييرات عكست في الواقع ضرواة الصراع من أجل السلطة والنفوذ في هذه المؤسسة التي يراها البعض دجاجة تبيض ذهباً، وهي بالفعل قد باضت ذهباً للبعض ممّن عمل في إداراتها حيث دخلوها "مديونيرية" وخرجوا منها مليونيرية.

شبكة الإعلام العراقي أُريد لها عند تشكيلها أن تكون في صورة هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، فغدت وأمست صورة مشوّهة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون في عهد النظام السابق. وهنا واحدة من قصص التشوّه هذا.
في آذار الماضي شهدت الشبكة حدثاً قوبل بارتياح في الوسط الإعلامي–الثقافي، فقد عُيّن رئيسا لتحرير صحيفة "الصباح" الزميل عبد الستار البيضاني خلفاً للزميل عبد الزهرة زكي. وكان حدثاً لأن الخطوة أعطت الانطباع بأن الشبكة تسعى إلى تعميق منهج تولية الكفاءات النزيهة إدارة مؤسساتها، وأمّلنا أنفسنا بأن تسري "العدوى الحميدة" إلى سائر مؤسسات الشبكة. والزميل البيضاني صحفي وكاتب مرموق، وهو فوق هذا نظيف اليد والقلم واللسان، وهذه قيمة كبرى وثمينة للغاية في هذا الزمن الأغبر الذي تعزّ فيه كثيراً الصفات من هذا النوع. وبذا بدا لنا أن الأمور في الشبكة قد وُضعت في النصاب الصحيح، فالزميل البيضاني حقق نجاحاً لافتاً في إدارة مجلة "الشبكة العراقية" التي تصدر عن الشبكة، إذ في غضون سنة واحدة رفع من شأنها وحوّلها من مطبوعة رديئة، مهملة ومنسيّة إلى مجلة مرموقة يُقبل الناس عليها. ومن المفترض أن ذلك النجاح كان الأساس في تكليفه رئاسة تحرير "الصباح"، فالبيضاني كما نعرف لا ينتمي إلى أي حزب أو كتلة أو ائتلاف لكي يكون هناك اعتبار آخر غير الكفاءة في اختياره المهمة الجديدة.
ولكن فجأة، بعد أربعة أشهر فقط من التعيين، ومن دون مقدمات تراجع مجلس أمناء الشبكة عن قراره وعن اعتبار الكفاءة في الاختيار وقرر الاستغناء عن خدمات السيد البيضاني "لانتفاء الحاجة"!. وكانت تلك الخطوة محلّ انزعاج شديد في الوسط الإعلامي تجلّى في موجة انتقادات قوية وُجّهت إلى مجلس الأمناء. ويبدو أن أصداء الموجة ترددت في ديوان رئيس مجلس الوزراء الذي تدخل شخصياً لإلغاء القرار.
ولكن فجأة أيضاً، بعد أربعة أشهر أيضاً، ومن دون مقدمات أيضاً، عاد مجلس الأمناء إلى الاستغناء عن خدمات البيضاني من دون ذكر لأي سبب أو ذريعة من قبيل "انتفاء الحاجة" مثلاً.
لا ندري بالضبط ما الذي يكمن وراء قرار "الطرد" الأول الذي اتخذه مجلس أمناء الشبكة في حق الزميل البيضاني، لكن القرار الأخير غير المُسبب بدا ذا طابع انتقامي، فالمجلس في ما يبدو رأى انه أهين من رئيس مجلس الوزراء فقرر أن يتصرف على طريقة الضعفاء الذين إذا أرادوا الانتقام فعلوا ذلك في الأضعف منهم وليس في الأقوى الذي لا يقدرون على مواجهته.
وأياً كان الأمر فان تصرفات إدارة شبكة الإعلام وأحوال الشبكة تعطي فكرة واضحة عن الكيفية التي تُوضع فيها السياسات في دولتنا وتُتخذ القرارات.. فدولتنا لا تبدو دولة تعمل بالطريقة المؤسساتية، وإنما تتبدى لنا باعتبارها "ولاية بطيخ".. وبطيخها من النوع المتعفن.

 


العدد (2329) الأحد 11/12/2011



 

 

free web counter