| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 11/8/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

 بيان البرلمان عن سوريا وثيقة مزورة!

عدنان حسين

ليست شطارة ولا براعة ولا ذكاء من مجلس النواب أن يمسك بالعصا من الوسط وهو يعبّر عن موقفه، المُفترض أنه يعكس الشعب العراقي، حيال الأوضاع المأساوية في سوريا فيُصدر بياناً لا طعم له ولا لون ولا رائحة، بل هو في الجوهر يخدم موقف النظام السوري ضد شعبه.

بين دول العالم القريبة من سوريا والبعيدة عنها لم يعد الا القليل للغاية ممن لم يندد بما تمارسه السلطة السورية من قمع سافر تجاه الحركة الشعبية المطالبة بالحرية والكرامة وحقوق الإنسان. وهذا القليل يشمل ايران ولبنان والدولة في العراق. الموقف الإيراني مفهوم فالنظام السوري هو العكّاز الوحيد المتبقي في المنطقة للنظام الإيراني. والموقف اللبناني مفهوم هو الآخر باعتبار أن الدولة اللبنانية مُختطفة من ميليشيا حزب الله نصف اللبنانية نصف الإيرانية. ولكن كيف يُمكن تسويغ الموقف العراقي؟
كثير من العراقيين المعارضين لنظام صدام، ومنهم أعضاء بارزون في الحكومة والبرلمان الحاليين، عاشوا في سوريا بعض الوقت مضطرين أو مروا بها مروراً غير متعجل، وهم بالتالي الأعرف بين غيرهم بالطبيعة الاستبدادية للنظام السوري، وكان من المفترض أن يكون هؤلاء الأكثر تفهما لدوافع الانتفاضة السورية والأشد تعاطفاً معها وتأييداً لمطالبها التي تشبه إلى حدّ كبير مطالبنا يوم كنا نعارض نظام صدام.
وحتى لو لم يكن الكثير من السياسيين العراقيين الذين تضمهم الحكومة والبرلمان الآن ممن عاشوا في سوريا، فان سفك الدماء الجاري لشعب شقيق على تخوم العراق الغربية ما كان يجب أن يُقابل من الدولة العراقية بالصمت تارة وبموقف مائع وحمّال أوجه تارة أخرى، فكلا الموقفين يفهمهما النظام السوري على إنهما تأييد له أو تواطؤ معه.
حتى دول الخليج المحافظة التي لها استثمارات كبيرة في سوريا لم تتحمل أن تلزم الصمت طويلاً، فما يجري في شوارع المدن السورية دم بشري وليس دماً حيوانياً أو ماء. وفي حالات القمع السافر كهذه لا مجال للحياد، فإما أن تكون مع الضحية أو أن تقف إلى جانب الجلاد، وإذا كان الساكت عن الحق شيطان أخرس فان الناطق بالمساواة بين الضحية والجلاد هو شيطان ناطق.
لا مبرر لأن تتخذ الدولة العراقية موقفاً مخالفاً لموقف سائر جيران سورية وسائر أعضاء جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي. من المفهوم أن يسعى بعثيو القائمة العراقية إلى عدم التنديد بسياسة السلطة السورية باعتبار أن نظام الأسد هو المتراس الأخير لفلول نظام صدام، ولكن ما بال الآخرين يتخذون الموقف ذاته؟ أهكذا يُصان العهد لعشرات الآلاف من ضحايا الإرهاب الذين سقطوا في مدننا وقرانا بمفخخات مرّ ناقلوها ومفجروها من شذاذ الآفاق عبر الحدود مع سوريا بعلم سلطات الأمن السورية وبتسهيلات منها؟
جملة القول إن البيان الذي ألقاه رئيس مجلس النواب أول من أمس ليس هو الذي كان الشعب السوري ينتظره منّا، بل ليس هو الذي كان يريد الشعب العراقي صدوره عن هيئته التمثيلية العليا... انه وثيقة مزورة أخرى تضاف إلى أكداس الوثاق المزورة التي ما انفكت تجتاح دواوين الدولة العراقية منذ العام 2003 حتى الآن.. وثيقة مزورة لأنها لا تعبّر عن موقف الشعب العراقي المؤيد لشقيقه الشعب السوري بقومياته المتعددة وكفاحه من أجل حريته وكرامته ولا عن مشاعر الخوف والقلق الشديدين حيال حمامات الدم البعثية في بلد لا يختلف العراقيون في حبّه.
 


العدد (2218) الخميس 11/08/2011






 

 

 

free web counter