| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 11/7/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

الولاية الثالثة الممنوعة

عدنان حسين   

العراقيات والعراقيون الذين تحدّوا الإرهاب ومنظماته النشيطة في الخامس عشر من تشرين الأول 2005 ، بذهابهم الى مراكز الاقتراع للتصويت على الدستور الدائم، كانت تحركهم وتحثّ خطاهم فكرة واحدة هي أن تكون لديهم دولة ديمقراطية مستقرة ومزدهرة تضع نهاية سعيدة لمحنتهم الطويلة مع عهود الدكتاتورية والعسف والعنف والفقر.

بطاقة المتطلع الى مستقبل الأحلام الوردية عاد المستفتون على الدستور بعد شهرين من ذلك الى ميدان التحدي لينتخبوا أول برلمان لهم خلال نصف قرن، لكن السلطات العليا للدولة التي انبثقت عن تلك الانتخابات لم تتقيد في تشكيلها بأحكام الدستور المجاز للتو. فالدستور لم ينص على أن يكون رئيس الجمهورية كردياً ونائباه عربيين أحدهما شيعي والآخر سني، ولم يقض بان يكون رئيس البرلمان عربياً سنياً ونائباه عربياً شيعياً وكردياً، ولم يُحدد ان يكون رئيس الوزراء عربياً شيعياً ونائباه عربياً سنياً وكردياً.

القيادات السياسية التي استحوذت على العملية السياسية بررت يومها التركيبة غير الدستورية والغريبة على الحياة العراقية، السياسية والاجتماعية، بانها إجراء مؤقت لمواجهة تحديات مؤقتة في فترة انتقالية. وزادت بالقول انها ضرورية لتحقيق الأمن والمصالحة الوطنية التي لم تتحق حتى اللحظة.

لكن الإجراء "المؤقت" رسّخ جذوره في الأرض وأتخذ طابعاً دائماً في ما يبدو، فترتيبات المحاصصة الطائفية – القومية احتفظت بكامل قيافتها ومكوناتها بعد الانتخابات التالية التي جرت مطلع 2010. وهذه المرة أيضاً لم تؤول تلك الترتيبات غير الدستورية الى الأمن والمصالحة الموعودين.

بدعوى الحؤول دون قيام دكتاتورية جديدة هناك الآن دعوات مشتدة لإجراء ترتيب جديد يمنع رئيس الوزراء من الترشح لولاية ثالثة. معارضو هذه الفكرة يتذرعون بالدستور الذي ينتهكون هم وخصومهم سواء بسواء أحكامه للسنة السابعة على التوالي، فما من نص في الدستور يحظر، وما من مبدأ ديمقراطي يمنع.

الأسباب التي جرى الاستناد اليها لتسويغ فكرة الترتيباتت المؤقتة (المحاصصة الطائفية – القومية) لم تزل قائمة حتى اليوم، وليس من المستبعد أن تجري الانتخابات البرلمانية المقبلة (بعد سنة ونصف السنة من الآن) وتعود القوى الممسكة بعنان العملية السياسية لتتحجج بالأمن الوطني والمصالحة الوطنية والوحدة الوطنية والمصالح الوطنية ، و و و و و .. لتتوافق على الترتيبات عينها ضماناً لمصالحها الشخصية والحزبية.

طيّب، ما دام الأمر لم يزل يتطلب اجراءات "مؤقتة" للفترة الإنتقالية الممتدة، لماذا لا تتسع دائرة فكرة الولاية الثالثة الممنوعة؟ أقصد أن يصار الى ترتيب يُحظر فيه الترشح الى ولاية ثالثة ليس فقط لرئيس الوزراء، وانما ايضاً لرئيس الجمهورية ونائبيه ورئيس مجلس النواب ونائبيه ونواب رئيس الوزراء والوزراء والنواب ورئيس السلطة القضائية ونوابه ورؤساء الهيئات المستقلة (بالاسم فقط).

هذا الترتيب سيحل المشكلة القائمة الآن حيث يريد خصوم رئيس الوزراء عدم عودته الى  مكتبه في القصر الحكومي، بينما يرفض هو هذا (المعلومات تفيد بانه أعلن في بعض مجالسه انه لا يرغب في ولاية ثالثة لكنه لا يريد أن يُفرض عليه هذا فرضاً). وهذا الترتيب سيصادف هوى لدى غالبية العراقيات والعراقيين الذين لن يسوؤهم خروج الفاشلين من الحياة السياسية.

 

المدى
العدد (2533) الأربعاء 11/7/2012



 

 

free web counter