| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء  11 / 12 / 2013                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

البيان الأوروبي

عدنان حسين      

مع بعثة الاتحاد الأوروبي في العراق كل الحق في أن تولي قضية الاعتقالات العشوائية في بلادنا اهتماماً خاصاً، فهذه قضية ظلت تتفاقم على مدى السنين العشر المنصرمة، وهي قضية مهينة لكل فرد من أفراد الشعب العراقي، ومهينة وجائرة في حقنا نحن الذين ناضلنا ضد الدكتاتوريات السابقة وكنا نركز في ذلك النضال على الاعتقالات العشوائية والتعذيب والمحاكمات الصورية للمعتقلين.

البعثة الأوروبية عبّرت في بيانها لمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان (أمس) عن "القلق إزاء عمليات الاعتقال العشوائية بموجب المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب وإزاء التقارير العديدة بشأن إساءة معاملة المحتجزين".

أمس زارني زميل وروى لي "قصة حزينة" وأجهها مع أحد أبنائه. هذا الابن أبكم، واعتقله جهاز المخابرات لا لشيء إلا لأنه أبكم كان يتمتع بحقه في التمشي على رصيف أحد شوارع العاصمة. لا ادري ما العلاقة بين البكم والإرهاب! اذا كان الارهابيون قد استخدموا ذوي إعاقة في بعض عملياتهم، فهذا لا يبرر الاشتباه بكل المعاقين، مثلما غير مبرر الاشتباه بكل الأصحاء لأن أعمال الإرهاب يخطط لها ويمولها وينفذها أصحاء في الغالب.

الزميل تحدث أيضاً عما عاناه من رفض القائمين على اعتقال ابنه اطلاق سراحه ما لم يوقّع على تعهد! .. تعهد بماذا؟ ولماذا؟.. هكذا هي الأمور.. أما ان يوقع على التعهد أو ان ابنه "سيخيس" بين مراكز الاعتقال والمحاكم، كما أخبره الضابط!

طيّبت خاطر الزميل ونقلت له قصة أكثر حزناً رواها لي ذات يوم سائق تاكسي لاحظ انني أحمل حقيبة فظنني محامياً، وناشدني المساعدة.. ما القصة؟ سائق التاكسي قال ان قريباً له معاقاً يمشي على كرسي متحرك شاء حظه العاثر أن يوجد ذات ساعة في مكان شهد عملاً إرهابياً، فاعتقل مع آخرين كمشتبه بهم.. القريب المعاق اضطر تحت التعذيب القاسي الى الاعتراف بان له علاقة بالعمل الإرهابي.. اعترف ليتوقف التعذيب المهول الذي لم تكن له طاقة لتحمله... ولأنه اعترف فقد حُكم بالإعدام!!

مثل قصة الزميل وابنه الحزينة وقصة سائق التاكسي وقريبه الأكثر حزناً ثمة المئات وربما الالاف. وهي قصص لم تنقطع، وهذا ما يعرفه مبعوثو الاتحاد الأوروبي ومبعوثو الأمم المتحدة ونعرفه نحن قبلهم، وهو ما يمثّل عاراً حقيقياً لنظامنا الذي أردناه بديلاً للديكتاتوريات السابقة فاذا به يخوض في الوحل الآسن نفسه، وحل الوحشية المنفلتة.. انه عار حقيقي لحكومتنا والقائمين عليها الذين ذكّرهم بيان الاتحاد الأوروبي بالتزامات دولة العراق "التي يُوجبها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، لافتاً الى "ان احترام حقوق الإنسان هو أداة جوهرية لبناء ديمقراطية قوية ولمحاربة الإرهاب والعنف"، وان "أياً من التعذيب أو عقوبة الموت لا يردعا الإرهاب بفاعلية".

هل من يسمع؟ هل من يرى؟ هل من يقرأ؟

 

المدى
العدد (2959) 11/12/2013

 

 

free web counter