| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 10/12/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

حقوقنا المُنتهكة

عدنان حسين

في مثل هذا اليوم قبل ثلاث وستين سنة أصدرت الأمم المتحدة "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" لتكريس حقّ الناس جميعاً في الحرية والعدل والمساواة والسلام ولتحقيق "ما يرنو إليه عامة البشر (في) انبثاق عالمٍ يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة"، كما جاء في ديباجة الإعلان.

قبل تسع سنوات عندما كان نظام صدام لم يزل قائماً ونحن نعارضه كنا ننشط لكسب تأييد المنظمات العالمية والإقليمية وحكومات الدول المختلفة، مستخدمين قضية حقوق الإنسان ورقة رئيسية في ذلك النشاط، وساعين إلى إقناع العالم بأن نظام صدام ينتهك المواد الثلاثين للإعلان العالمي أو معظمها في الأقل، ولم يكن صعباً علينا إثبات ذلك، فالنظام كان بالفعل من أكبر منتهكي حقوق الإنسان في العالم.
صدام أُعدم قبل خمس سنوات، ونظامه أصبح، بعَجْرِه وبجره، في ذمة التاريخ. لكن ماذا عن الآن، بعد تسع سنوات من سقوط نظام صدام؟ ماذا عن "نظامنا" الذي تولاّه معظم الذين كانوا "يصدحون" بحقوق الإنسان ومظلومية الشعب إلى درجة أن العراقيين ظنّوا أن مفتاح فرجهم الأبدي قادم مع خلفاء صدام؟
أمامي الآن الإعلان العالمي بمواده الثلاثين. أقرؤها واحدة بعد الأخرى، وأكتشف أن النظام الحالي ينتهك، أو لا يُؤمّن تحقيق، معظم هذه المواد مثلما كان يفعل نظام صدام. "يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق"، تقول المادة الأولى، والعراقيون اليوم ليسوا متساوين في الكرامة والحقوق، فأعضاء الأحزاب الحاكمة وأزلام الشخصيات النافذة في السلطة لهم الأولوية في كل شيء وهم متقدمون على سائر العراقيين في الحقوق، وكثير من العراقيين لا كرامة له ولا حقوق، تماما مثلما كانت حاله في عهد صدام.
المادة الثلاثون تقول "ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يخوّل لدولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه"، وفي عراق ما بعد صدام لم يزل الكثير من أجهزة الدولة ومن الجماعات الحاكمة والأفراد المتنفذين في السلطة تتمتع بـ"حق" القيام بنشاطات وتأدية أعمال تهدف إلى هدم الحقوق والحريات العامة والفردية الواردة في الإعلان.
وبين أول مادة وآخر مادة ثمة الكثير من الحقوق والحريات التي تنتهكها دولتنا، فالمادة الثالثة تحظر التمييز من أي نوع ولون، ونحن لدينا أكثر من نوع ولون للتمييز.. تمييز سياسي، وتمييز جنسي (ضد المرأة) وتمييز ديني وطائفي وتمييز لصالح أصحاب السلطة والمال ضد عامة الناس.
المادة الخامسة تمنع تعريض أي إنسان للتعذيب والعقوبات والمعاملات القاسية والوحشية والحاطّة بالكرامة، ويومياً تقريباً يجري في بعض دوائرنا الأمنية تعذيب الناس بسبب مواقفهم السياسية، ومعاملتهم بالطريقة التي كانت أجهزة صدام تعامل المعارضين بها، واسألوا نشطاء التظاهرات عن صحة هذا الكلام.
المادة السابعة تقول "كل الناس سواسية أمام القانون"، ولدينا أناس فوق القانون وآخرون لا ينصفهم القانون.
في المادة 12 يرد "لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلّد الوظائف العامة في البلاد"، ولدينا حق تقلّد الوظائف مقتصر على أعضاء الأحزاب الحاكمة وأتباع قياداتها، بمن فيهم مزورو الشهادات والوثائق، فيما مئات الآلاف من الخريجين الأكفاء عاطلون عن العمل. والمادة 23 تقول "لكل شخص الحق في العمل... كما أن له حق الحماية من البطالة"، وحق العمل لم يزل مهدوراً في بلادنا، أما حق الحماية من البطالة فلا وجود له إلا على الورق.
المادة 25 تقرر أن "لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته"، وهذا من الأحلام لملايين من أبناء الرافدين والنفط الذين يعتاش عشرات الآلاف منهم على الفضلات في المزابل وعلى الصدقات.
ليس هذا كل شيء .. والخلاصة إن حقوق الإنسان التي حاربنا نظام صدام بها لم تزل مهدورة في عراق ما بعد صدام.

 


العدد (2328) السبت 10/12/2011



 

 

free web counter