| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عزيز الحاج

 

 

 

الثلاثاء 2/2/ 2010

 

مهازل عراقية و"صداميات" لا تنتهي!
(1-3)

عزيز الحاج

عوقب الكيماوي بحق، كما عوقب من قبله صدام .
ذهبا غير مأسوف عليهما وذهب إلى غير رجعة نظامهما الدموي الطغياني، وارتاحت في قبورها المعروفة والمجهولة أرواح ضحاياهما، وهم لا يعدون ولا يحصرون.

لا داعي لتكرار الحديث عن جرائم أمس، وتكرار الحديث، لأن أي عراقي لا يجهلها ولا يمكن أن ينساها - وذلك أيا كان مذهبه وقوميته واتجاهاته. وعندما أقام الألمان والإيطاليون واليابانيون أنظمة جديدة على أنقاض الفاشية المهزومة، فإنهم لم يكونوا يتلون على مسامع الشعب والعالم كل يوم، وكل ساعة، أهوال أمس، التي شملت المعمورة كلها لا بلدانهم وحسب. لقد انصرفوا للبناء والتنمية ورفع مستوى الشعب، مستفيدين استفادة تامة لصالح الشعب من مشروع مارشال وغيره من أنواع المساعدات الأميركية والغربية الأخرى. لقد استثمرت قياداتهم الجديدة أموال المساعدات الهائلة لا لملأ أرصدتهم في بنوك الخارج، بل لإعادة التعمير، والنهوض بالخدمات، وتوفير العمل للمواطنين، ولإعادة تثقيف النشء الجديد، وكل الشعب، بقيم التسامح والديمقراطية ومعاداة التمييز بكل أشكاله.

أما في العراق، فقد ذهب الماضي الصدامي البغيض، وكان المطلوب ألا يعاد استنساخ أساليبه وسياساته في وضع جديد وبإخراج جديد. لكن هذا هو ما يحدث مع الأسف. فالقيادات العراقية بعد صدام لم تبرهن على أهلية لحكم العراق ديمقراطيا، ولم تستطع، أو لم يرد كثير منهم، الانصراف إلى إعادة بناء العراق الجديد، واستعادة لحمة الشعب وتماسكه الوطني اللذين زعزعتهما سياسات النظام الفاشي المنهار.

الصدامية المستنسخة تثرثر باسم الديمقراطية لاغتيال كل خطوة نحوها، وتمزق الشعب بالنعرات الطائفية والعرقية. إنها في نهب المال العام وترك أكثرية الشعب في حالة بؤس أو ما يقرب. إنها في الثأر من ظلم بممارسة ظلم مقابل. إنها في التعامل مع عهد ما بعد صدام بنهم وجشع النهب وتكديس الثروات والامتيازات، وبعقلية اقتسم الغنيمة. والصداميون الجدد هم من يمارسون سياسة الاحتكار والإستئصال.

أجل، إذا كانت مآسي عهد صدام لا تنتهي، فإن مهازل اليوم هي الأخرى لا تنتهي، وهي، في الوقت نفسه، مآسي يعاني منها الشعب والبلاد، وحيث أن كثرة من ممارسات صدام، كما قلنا، يعاد إنتاجها في الوضع الجديد، فلا تعود الشقشقة المستمرة عن جرائم بعث صدام، ولا التذكير، كل لحظة، بتلك الجرائم- وكأن أحدا قد نسيها - غير ذر للماد في العيون، ومناورة لستر ما يجري في عراق اليوم من فشل تام في كل الميادين، ومن شحن الأجواء، وتأجيج البغضاء والطائفية وعقد الماضي، ومن صراعات على الكراسي لا يحافظون فيها على الحد الأدنى من أصول العمل السياسي، وقواعد الديمقراطية، بل هو التكسير وتصفية الحسابات- هذا ناهيكم عن الاسترخاء، أو الصمت، أو الرضا، عن تدخل القوى الإقليمية، خصوصا نظام الفقيه..

حين نتحدث عن المهازل، فآخرها مبارزة السيد علي اللامي مع بترايوس!! وهي موضوع المقال التالي.
 


خاص بعراق الغد - 31 كانون الثاني 010


 


 

free web counter