| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عزيز الحاج

 

 

 

 

نسخة سهلة للطباعة
الأحد 20/11/ 2005

 

 

 

 الوجود الأمريكي المرحلي ليس أم المشاكل!!

 

عزيز الحاج

اليوم، افتتح مؤتمر القاهرة، الذي لا أتوقع له نجاحا ولو جزئيا. الأسباب في رأيي كثيرة، في مقدمها: المطالب التعجيزية للمشاركين نيابة عن سنة العراق، هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى استمرار الممارسات المخالفة للقانون من جانب المليشيات والتنظيمات "الائتلافية ونهجها للهيمنة والتسلط؛ وأما من الجهة الثالثة، فلأن الجامعة غير مؤهلة أصلا لتحقيق مصالحة وطنية حقيقية على أساس برنامج ودستور وطنيين و ديمقراطيين.
أما عن المطالب، فلأن الجهات الأولى تعتبر وجود القوات الأجنبية المحررة هو أصل المشاكل، كما صرح أمس الشيخ عبد الناصر الجنابي، عضو مجلس الحوار الوطني. وهم يعتبرون الخروج الفوري لهذه القوات هو رأس الحلول. لكن من لا يعرف أن الخروج الفوري لتلك القوات يعني استباحة شاملة للعراق على أيدي الإرهاب الصدامي ـ الزرقاوي من جهة، وإرهاب المليشيات الشيعية من جهة ثانية، وما يخلق ذلك الفراغ الأمني من ظروف مناسبة لحروب داخلية طائفية وغيرها؟ كما أن وجود القوات المذكورة مقر دوليا في عدة قرارات لمجلس الأمن، كما طالبت الحكومة العراقية نفسها بتمديد فترة وجودها لآخر 2006، وهذا أيضا مشروط في رأينا بشرط استكمال تدريب وتأهيل وتقوية القوات العراقية، وتحصينها ضد الاختراقات الطائفية والحزبية والصدامية. ولذلك لم يوضع جدول زمني لخروج هذه القوات كما تطالب الجامعة العربية بمنتهى الحماس. ونأمل أن لا يوضع مثل هذا الجدول لكي لا يصبح قيدا كما صار الجدول الزمني لانتقال السيادة. وما أدى له من وضع دستور "كشكولي" على قدم الاستعجال.
وما يرتبط بالمطلب الأول، مطالبتهم ب"الاعتراف بالمقاومة العراقية، والتفريق بينها وبين الإرهاب". وهذا أيضا مطلب السيد عمرو موسى وجامعته. ولا نعلم كيف نفسر ذلك مع أنهم لم يدينوا لحد اليوم ممارسات النظام الصدامي ونهجه العنصري والطائفي؟ كما لا ندري كيف يفرقون بين "المقاومة العراقية" وبين الإرهاب؟ وأين هي نقاط وحدود التمايز يا ترى؟ من الذين يفجرون المساجد ومنشآت النفط وتنقية المياه، ومن الذين يغتالون المهندسين المختصين بالكهرباء وتنقية المياه، ومن يغتالون مختلف الشخصيات والأساتذة والأطباء، ألخ.. وألخ..!! هل لهم دام فضلهم توضيح الأمور بحسب ما يعتقدون؟
على صعيد آخر، يطالبون بتقوية الطبيعة الإسلامية للدستور بجعل الإسلام نصا ووضوح أكبر هو المرجع الوحيد للتشريع. ونعلم أن الدستور المعتمد يتضمن بنودا تفسح المجال واسعا لقيام النظام الإسلامي ولكن على نمط ولاية الفقيه كما أنها تعتدي على حقوق المرأة وحرياتها.
أما من جانب التحالفات الشيعية المقابلة، فمن يجهل سوء الأداء وما يتم اقترافه من انتهاكات وحشية تحت ظلها وظل الوزارات التي يتولونها، كما كشفت بعضها فضائح البصرة والسجون السرية في بغداد نفسها، وكذلك التدخل الإيراني واسع النطاق في البصرة والجنوب وفي قلب السلطة ومؤسساتها، ومطالبة إيران مرة بدستور عراقي إسلامي، وأخرى بوجود رئيس وزراء يحظى برضاها. كما أن المرجعية الشيعية لم تدن هذه الانتهاكات المستمرة ولا أدانت ولا مرة التدخل الإيراني المتعدد الوجوه.
وبخصوص الجامعة، فنعرف مدى تجاهلها لمجلس الحكم، والطعن في شرعيته، والسلبية والصمت طويلا تجاه العمليات الإرهابية الوحشية المقترفة تحت ستار "المقاومة الوطنية العراقية"؟ وهي اليوم تطالب وكشرط لمصالحتها إشراك قوى العنف المسلح في صميم العملية السياسية، وحتى بدون إشارة ما حتى لاستبعاد للزرقاويين القادمين من سوريا، والذين ليسوا عراقيين. فكيف إشراكهم يا ترى في العملية السياسية؟ وما هي نقاط التمايز بينهم وبين البعثيين الصداميين؟؟
إن الجامعة التي تجاهلت الشعب العراقي قبل سقوط صدام وبعده، تريد اليوم فرض وصايتها البائسة على مقدرات ومصير العراق. فأية مصالحة هذه! وأي مؤتمر ينعقد لا في بغداد بل في القاهرة التي تستقر فيها الجامعة والتي تتخذ معظم شرائحها السياسية والدينية والثقافية والفنية مواقف سلبية جدا من العراقيين بعد سقوط صدام ولحد صدور فتاوى معروفة لرجال الأزهر. ومصر التي تلح مع الجامعة على الاعتراف ب"المقاومة" لم تصدر لا هي ولا الجامعة ولو مجرد نقد صريح للتدخل السوري الواسع وحيث من الحدود السورية تتدفق شراذم المجرمين السفاكين لتل العراقيين ونشر الموت والخراب.
على كل، هل توقعاتنا يا ترى لا تقوم على أساس؟ وهل ستكون نتيجة المؤتمر معجزة ما لصالح التغيير الديمقراطي في العراق؟
فلننتظر إن أردتم، مع احتفاظي بالنظرة المتشائمة عن المؤتمر العتيد!