| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز الحافظ
 

 

 

 

الجمعة 7/1/ 2010

 

الكاميرا البؤبؤية

عزيز الحافظ

وهبتها الطبيعة مشهدا كتلويا متميزا آخاذّا ، قامة هيفاء يغزوها الوقار ،إكتنازا عضليا يثير ريبة الغرائز!أغصان شعر أسود قاتم منسدل يتدلى تتطاير منه النهايات كالنوارس حول قمة جبل أفرست اردافها ذات أنغام الموجات الزقزقية الاغرائية بلا ناي ولا عصا قائد الاوركسترا.. العينان مخفيتان بنظارة شمسية إلتهمت نصف الوجه فلا يدري الناظر منْ إلتهم منْ ؟ تزندت بنصف ثوب لم توزعه وكالة الاغاثة فلم يستر زنودها التي كانت من حلويات جواد الشكرجي العراقية الشهيرة ، تكفل الثوب الميكروجوبي بتغطية لا يستر ما بقي من جسد احتوى سيقان لم تمر بها قوافل الجزّ حتى خلت من وبر الإبل! سيقان عذريتها نعومة الملمسية.. لم يكن للمكياج وجود في حديقة بهجة وجهها لم يكن فمها الا خاتما بنصريا ورضاب شفاها هو احمر الشفاه السكنجبيلي.. كان رصيف جسر الشهداء المبعثر في بغداد نفسه يلاحقها بتراثه وهي تغيب ذوبانا في التواصل المسيري لتلج شارع النهر. مرت كريشة رسام على لوحة النواظر فقفزت من مقلتيها العينان! افتتنت المحاجر بلقياها وملاحقتها ،أين ستذهب زبدة الزمن؟ وقعُ خطاها على ارضية الرصف الطابوقية له شأن محسوس آخر في الآذى! تسارعت رنّة خلخال الخطى ،ثوبها اللامنسوج القصير الذي يكسو بعضا من نعومة بضاضة ممشوقيتها يفضح صامتا لاأبالية عُريها تغادر محلا لتدلف لآخر دون ان تتغير في يديها مرجحة الحقيبة الصغيرة المتدلية على عري الزندين والمحتلة بالارتفاع الكتف الايسر. نسي المتسوقون قوائم الشراء وصارت ملهمتهم يلاحقونها بالابصار ومنهم بالتحسر والانين الصامت والهسيس اللامفتعل صار خلفها جيش من المتسكعين قسم يتمعن بخط سيرها الملولب الذي الهب الابصار وجمع يسير عسى تتعثر خطاها فيرى بإهتزازها كل قتمة الاحراش في غابة مابين الساقين وجمع ينظر لجحافل غزاة الشارع!لم تكن ابدا تعلم بريبة مايحصل لم تتيقن ان ساقيها حراب للناظرين وزنديها سكاكين تقطيع مطبخ مطعمي.. لم تهتم لإقتراب حافتي الاندروير كثمرة ناضجة بدات بالتساقط لقربه من ضفاف الهجرة من بين ساقيها!لم تكن تعي ان كتلة جسدها صاروخ هاون سينطلق اي لحظة! كانت شغوفة بشيء ما خفي تبحث عنه في الدكاكين ولاتناله تغادر بعد دلوفها بسرعة ولم تحس إفراغ المحلات من البائعين والزبائن عند البي باي! شنت حربا في شارع النهر كان سلاحها اللاابالية وكنزة لحوم جسدها والمكروجوب وبضعة التقمش الذي يغطيه! إقتربت من وسط الشارع لم يجرؤ احد على همس بتفكير التحرش بها فقد خُلقت للاستمتاع والتحسرّ..والتنهد الآهاتي ...
وإذا في سطوة سيطرتها على مشهد الشارع كله يقترب منها شابا يحمل كاميرا لم يلتف حولها للتصوير الامامي ركع تحت قامة عجيزتها وأقترب من بين ساقيها حتى ظننا تلاصقه وعناقه ضفاف الردفين الباسمين! ثم اطلق العنان لكاميرته لتصوير كل التضاريس اللامخفية في المنطقة المحرمة! وسط ذهول الذهول وكبت زقزقة عصافير صمت الملاحقين ثم أمال الكاميرا عن عينه وترك لبؤبؤا عينيه وقزحية محاجره التمعن عيانا بتلك المنطقة الممنوعة من الصرف! ثوان ولحظات خيّم الصمت الرهيف، لم تنتبه! فلا خُطى ولا هسهسة ولا همس خفوتي ولا جُلبة اقدام ولا صرخات إستهجان . توارى المصور الجريء جذلا محبورا منتشيا منتصرا فترك للاعناق آلية الالتواء وللعيون الدهشة التي سرقها وللذهول الانذهال وتقمص زي الزحام بعيدا!

 

free web counter