| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عادل حبة

adelmhaba@yahoo.co.uk

 

 

 

 

الأثنين 1/8/ 2005

 

 

 

نعم لقد حقق الارهابيون اهدافهم
 


عادل حبه
 
لو دققنا في المجازر الدموية التي يرتكبها ارهابيو التطرف الديني الاسلامي في العالم سواء في العراق او في بلدان عربية او غربية واخيراً في المملكة المتحدة لتبين لنا بدون اي شك الجوهر الشيطاني لهذه الزمر الدينية المتطرفة والتي يتحدد هدفها في امر واحد وحيد هي ممارسة "شعائر" الابادة الجماعية والتدمير فحسب، وليس كما يعلنون انهم يسعون الى استرجاع الحقوق التي هضمت او مواجهة ما يسمونه بالظلم المسلط على رقاب المسلمين مرضاة للخالق. واضافة الى ذلك فان هذه الافعال الشريرة هي الاخرى تفضح اثرياء الارهاب في دول الخليج ممن مولوا ومازالوا يمولون الارهابيين في البلدان العربية والاسلامية والغربية وبنصبون الفضائيات المشبوهة التي تعج شاشاتها برجال فتاوى الارهاب تحت ستار اعلاء كلمة الاسلام. لقد تحول رجال الدين في هذه المراكز الاعلامية الى جنرالات جيش ومخابرات يصدرون الاوامر العسكرية والامنية واحكام الموت ضد من يخالفونهم في الرأي. كما ان الافعال الارهابية الشريرة تعري تلك الاقلام الصفراء التي تروج للعنف والتدمير وتتستر على او تحولت الى اداة مأجورة بيد مافيات الارهاب لتبرير افعالهم المنكرة المعادية للانسانية. ان شخصاً مشبوهاً ومعتوهاً مثل عبد الباري عطوان خرج على شاشات التلفزيون بعد موجة الارهاب الاخيرة في لندن ليتوعد البريطانيين بالمزيد من القتل وابادة الابرياء والتدمير.
وتجمع هذه الزمر الارهابية المتوحشة قواسم مشتركة اولها استهداف المدنيين والمراكز الحضارية من وسائل نقل ومدارس ومستشفيات ودور عبادة. كما ان مافيات الارهاب تجند عتاة الجريمة وشراذم الانحطاط الاخلاقي ليتحولوا الى ادوات عمياء مأجورة لتنفيذ هذه المخططات السوداء. وهكذا نرى كيف تم تجنيد مجرمين عاديين في بريطانيا من الذين تحولوا بقدرة قادر الى اصحاب لحى وجلابيب وجباه سوداء بعد ان تم تجنيدهم وهم داخل السجن للمشاركة في افعالهم المشينة. ويمكن ملاحظة نفس المواصفات في العراق حيث يتم تجنيد المجرمين والقتلة والشواذ بصفقات مالية لتحطيم البنية التحتية العراقية واغتصاب النساء وقطع الاعناق وقتل الاطفال والسطو على المال الخاص والعام. ويشترك هؤلاء الجناة بسلوك شائن مشترك هو سعيهم الى الاساءة الى تلك الايادي التي قدمت لهم المساعدة واستضافتهم. ففي العراق يقوم هؤلاء "الضيوف" بتدمير وقتل العراقيين الذين قدموا لقمة خبز اطفالهم الى هؤلاء القتلة. ونفس الامر يحدث في دول اللجوء التي وفرت كل شئ لهؤلاء من اجل بناء مستقبل افضل لهم. ان هؤلاء بدلا من ان يستنيروا بالحكمة القرآنية القائلة "وما جزاء الاحسان الا بالاحسان"، بادروا الى تطبيق مقولتهم القائلة "وما جزاء الاحسان الا بالجحود" التي تعكس مدى الانحطاط الاخلاقي الذي انحدروا اليه. انهم يؤسسون ويروجون لأخلاقيات غريبة وحشية لا تبررها اي من الاخلاقيات التي اعلنها ابناء آدم. ان المعلومات التي نشرتها الصحف البريطانية أخيراً تشير الى ان 130 من رجال الدين المسلمين وظفتهم الحكومة البريطانية للقيام بدور اصلاحي لحوالي 4000 سجين من اصول اسلامية في السجون البريطانية والمتهمون بغالبيتهم بتهم جنائية، الا ان البعض من رجال الدين هؤلاء قاموا بتجنيد البعض من هؤلاء المجرمين للقيام بأعمال إرهابية ومنهم من شارك في الاحداث الدموية في 21 من تموز الماضي. لقد تحولت مساجد لندن العامرة التي بنيت ايضاً بدعم وتسهيلات من الحكومة البريطانية والجمعيات الخيرية البريطانية ومواطنين بريطانيين الى مراكز لتطوع وشحن الارهابيين والفوضويين بفنون التطرف الديني لتنفيذ الاعمال الارهابية ليس في داخل بريطانيا بل في العراق وغيرها من بلدان العالم الاسلامي وغير الاسلامي. لقد حق على هؤلاء وصف الامام علي ابن ابي طالب حين قال:"يأتي على الناس زمان لا يبقى فيه من القرآن الا رسمه ومن الاسلام الا اسمه. مساجدهم يومئذ عامرة من البنى، خراب من الهدى. سكانها وعمارها شر اهل الارض، منهم تخرج الفتنة، واليهم تأوي الخطيئة، يردون من شذ عنها منها، ويسوقون من تأخر عنها اليها..".
ان اصحاب القضايا العادلة لا يلجئون الى اساليب شريرة لتحقيق مآربهم، هكذا علمنا التاريخ القديم والحديث. ولا يلجأ اصحاب القضية العادلة الى قتل المدنيين والاطفال والنساء والشيوخ او استهداف المراكز التعليمية والصحية والاقتصادية والقتل على الهوية كما نشاهده اليوم في بلادنا على يد العابثين من "المقاومة الشريفة" وغير الشريفة والانتحاريين من ضيوف بلادنا. ان المقاومة الفيتنامية والفرنسية والروسية والاوكراينية واليوغسلافية او المقاومة السلمية في الهند على يد المهاتما غاندي لم توجه نار حقدها على المدنيين وابناء جلدتهم. فهذا الاسلوب هو اسلوب عتاة الاستبداد من امثال صدام حسين وفلوله وعيدي امين وهتلر وموسليني وغيرهم من اعداء البشرية ومجرمي الحرب. وهؤلاء مهما تمادوا وعبثوا فالتاريخ له حسابه ولم يفلت احد منهم من حكم التاريخ البليغ. وسوف لا يحكم التاريخ على هؤلاء الارهابيين الا بكونهم شلة من القتلة وستلفظ كل احلامهم المريضة بالوصول الى جنتهم المزعمومة ولقاء حورياتهم الموهومة.
نعم سوف يحكم التاريخ على هؤلاء بالادانة لافعالهم. ولكن هؤلاء استطاعوا تحقيق بعض اهدافهم. انهم استطاعوا ان يشوهوا تاريخنا وحضارتنا السابقة في اعين الشعوب الاخرى. واصبح المسلم، شأنا ام ابينا، رديفاً للسيف والقتل وبتر الاعناق والتفجيرات والتفخيخات. ومهد هؤلاء الاوباش الطريق لمن يدعي بالخطأ ان المسلمون ما هم الا شلة من الهمج المعادين للحضارة الانسانية وللرحمة والتسامح والديمقراطية ولا يستحقون المساعدة والاحترام. ومهما سنحاول من تصحيح الصورة، الا اننا سوف لا نستطيع بسهولة مسح فقدان الابن والاخت والام والاب والطفل من ذاكرة من فقدوهم من المواطنين في البلدان التي تعرضت للعمليات الارهابية المشينة. ان هؤلاء لارهابيين يريدون عزل شعوبنا عن مسيرة الازدهار والتقدم الانساني بما يحرمنا من فرصة ان نلعب دورنا المطلوب في تطوير الحضارة الانسانية التي كنا من روادها. لقد تحقق هدف هؤلاء في تمهيد الفرصة والذريعة بيد التيارات العنصرية في بلدان الشتات حيث سيتم حرمان الملايين من المسلمين فيها من فرص العمل والابداع والمشاركة في العملية الاقتصادية والاجتماعية بما يعني دفعهم الى هوة العزلة والحرمان.
ان مسؤولية كبرى تقع على عاتق رجال الدين حيث ينبغي عليهم الابتعاد عن دائرة السياسة ودروبها واحابيلها والكف عن اصدار الفتاوى "العسكرية والامنية والدعوة للتدمير والقتل" والقيام بدورهم الوجداني والكف عن اثارة عواطف الشبيبة ودفعهم الى متاهات واخطار كبيرة. اننا لم نسمع لحد الآن من رجال الدين ادانة او حملة جدية لوقف نزيف الدم في العراق وغيرها من البلدان المبتلاة بداء الارهاب الخطير. ولم نسمع ادانات جدية لقتل المدنيين في البلدان الغربية بل سمعنا الشماتة بل واحياناً البهجة مرددين زوراً "نصر من الله وفتح قريب". كما ان على المثقفين العرب ان يستيقضوا ويتحرروا من ثقافة الاستبداد والعمى السياسي والكف عن ترويج ثقافة العنف والطائفية المقيتة وتبريرها كما لاحظناها في مثل العراق حيث قام هؤلاء بتبرير كل اعمال التدمير والقتل التي ارتكبتها وترتكبها الى الآن شراذم "المقاومة الشريفة" وغير الشريفة وفلول صدام و"الضيوف" الارهابيين العرب والمجرمين المحترفين.
كلمة اخرى الى من ساند الارهابيين في الدول الغربية والعربية والاسلامية والذين صرفوا المليارات وقدموا احدث المعدات الحربية لدعم من سموهم بالمجاهدين من اجل "الاسلام" و "اعداء الكفر" في افغانستان وحمايتهم وتدريبهم في بلدانهم ان يدركوا عمق الخطر الذي اوجدوه بأنفسهم وان يعوا الخطأ الكبير الذي ارتكبوه والذي ادى الى تشكيل بؤرة خطيرة من الارهاب في العالم والذي سيحتاج الى وقت لاستئصاله من حياتنا.
نعم حقق الارهاب غايته حيث توجه الاتهامات الى شعوبنا وعلينا ان نمسح هذا العار ونصحح النظرة تجاه شعوبنا التي هي الاخرى تطمح الى العدالة والسلام والحرية والتقدم والديمقراطية.