| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عادل حبة

adelmhaba@yahoo.co.uk

 

 

 

 

الخميس 13/10/ 2005

 

 

 

علام هذا التستر على شرور حكام التطرف الديني في ايران!!
 


عادل حبه

اصبح من الواضح لكل ذي بصيرة حقيقة موقف دول الجوار من التحولات الجارية في العراق بغض النظر عن لغة الدبلوماسية او النفاق السياسي الذي يبديه هذا الطرف او ذاك، الاقليمي منه اوالدولي، ازاء العراقيين ومستقبل حياتهم ومصير بلدهم. فما يبيت للعراقيين ويطبق عملياً شئ وما يعلن بلغة الدبلوماسية عن الحرص الزائف على بلادنا هو شئ آخر تماماً. فالكفة تميل بالبراهين الميدانية على ما يضمر من شر للعراقيين من قبل غالبية دول الجوار. وهذا ينطبق على غالبية الاشقاء كما ينطبق على من يدعي الاخوة في المعتقد والدين. ان اسباب هذا الموقف العدائي لمن يحيط بنا او لمن يبعد عنا بمسافات شاسعة ينبع بالاساس من تعارض بين ما يجري في العراق وطموح اهله لبناء البلد على اسس من سيادة القانون واللجوء الى صناديق الاقتراع للتعبير عن ارادة الناس ونبذ التطرف ولغة التكفير والتعصب القومي والديني وبين ما يفرض على الشعوب الاخرى من حكم هو اقرب في الجوهر لحكم الطغيان الذي ساد العراق قبل التاسع من نيسان عام 2003.

ولعل موقف الفئة الدينية المتطرفة المتحكمة برقاب الايرانيين هو مثال واضح على ما يضمر من شر تجاه العراقيين وتأكيداً على ما اشرنا اليه في صدر هذه السطور. فكل الدلائل تشير الى النشاط المحموم لهذه الفئة المتطرفة وادواتها من "الحرس الثوري" و"التعبئة" و"المخابرات" من اجل التغلل والتأثير على مجريات الوضع في العراق ولجم العملية الديمقراطية عبر عناصر تحمل الجنسية العراقية تماماً كما يعتمد غرباء في طرف آخر من امثال الزرقاوي وبطانته على شلل عراقية اعتادت على قبض المال الحرام والتهريب لتنفيذ نفس المخطط. لقد اضحت المحافظات المحاذية لايران وتحديداً محافظة البصرة وميسان وواسط، على غرار المحافظات المحاذية لسورية، مرتعاً خصباً لعملاء المتطرفين الدينيين الايرانيين الذين يوزعون اموال الشعب الايراني وينقلون الاسلحة لتشديد الوضع المحتقن في العراق وعدم السماح لاستقرار يطمح اليه كل العراقيين.

وبغض النظر عن الدلائل التي تؤكد هذا المسعى، فإن طبيعة الحكم القائم في ايران لابد وان ينفذ هذا المخطط. فكل الانظمة الاستبدادية المعزولة عن شعوبها تسعى على الدوام الى الهاء شعبها بنقل معركتها لحماية نظامها المتهري الى الخارج. فما من حكم يضطهد شعبه ويتجبر عليه يمكن ان يتحول الى حمامة سلام للشعوب الاخرى. هذه هي القاعدة العامة لكل عتاة الاستبداد من كل لون ومشرب. هكذا عمل صدام حسين وزمرته عندما نقلت الصراع الى خارج الحدود تارة الى لبنان وقبرص ودول اوربية اوعمدت الى اشعال حروب عادت بالدمار على الشعب العراقي والشعب الايراني والكويتي وشعوب المنطقة. كما ان هذه الانظمة تخشى على الدوام ان يتحول المثل الديمقراطي الجاري في دول مجاورة الى عامل يجذب الشعب نحو التغيير وكنس هذه الانظمة الاستبدادية الفاسدة. ومن هنا فمن الطبيعي ان لا يقف النظام الايراني والانظمة الاستبدادية المحيطة بنا مكتوفة الايدي ازاء مسيرة في العراق تسعى الى الديمقراطية وسيادة القانون واعطاء القوميات حقها في المشاركة في اعادة بناء البلد. ان مجرد اقامة انتخابات فيها ملامح من التنوع والحرية والتعددية واعطاء الاقوام القاطنة في العراق حقها بما فيها تبوء مناصب حساسة في الدولة كما يحدث في بلادنا يثير ذعر النظام الايراني الاستبدادي ومنظومته الظلامية القائمة على التجهيل وتغييب دور المواطن وتكريس الطابع الطائفي في بناء الدولة في اطار تعاويذ مضللة. بالطبع لدى حكام ايران القدر من المهارة والقدرة على التضليل ليضعوا كل ذلك في اطار ما يسمى بمواجهة "الكفار" و "الشيطان الاكبر" ودعم ما يسمى "بالمقاومة العراقية" تماماً كما يفعل انصار التكفير ومروجي الارهاب في الجزء الغربي من العراق.

ان المجموعة المتطرفة الحاكمة في ايران، والتي تمارس اشد انواع العسف ضد الايرانيين، تطبق الاساليب نفسها في العراق عبر وكلائها او من ظل الطريق من العراقيين. والامر لا يحتاج الى اثبات ذلك سوى الاستفسار من اهالي المحافظات العراقية الثلاث المتاخمة لايران والذين يعيشون يوميات هذا التدخل المشين لحكام ايران في الشؤون الداخلية لبلادنا. كما ان هناك سيل من الممارسات التي لا تحتاج الى اثبات. ففي خضم صراع الشعب العراقي ضد نظام القبور الجماعية في انتفاضة عام 1991 كان كل هم هذه الفئة الايرانية المتطرفة ارسال تصاوير الخميني وخامنئي ومئات من الشاحنات لنهب ممتلكات الدولة العراقية وتهريبها الى ايران تماماً كما فعل صدام حسين عندما نهب ممتلكات الشعب الايراني في "قادسيته المشينة". واصبحت منافذ العراق الى الدولة الجارة ايران مثل حاج عمران والمنذرية وزرباطية والشلامجة بمثابة معسكرات لتجميع هذه الممتلكات العراقية المنهوبة وتهريبها بمساعدة صعاليك يحملون الجنسية العراقية ولا يهمهم سوى جمع المال الحرام. واننا لا نذيع سرأ حين نقول ان مجمع سد بخمة الضخم بمعداته الضخمة وناقلاته العملاقة قد نقلت بكاملها امام نظار العراقيين لقاء اثمان بخسة الى ايران. اضف الى ذلك اخذت هذه المراكز تستقبل ماسرق من الكويت من سيارات ومعدات وكنوز لتباع بسعر التراب على اطراف الحدود الايرانية تحت سمع وبصر من يدعي الدين من قبضايات النظام الايراني. فأي دين يبيح تداول المسروقات واين هؤلاء من المقولة الدينية التي تنزل اقصى العقوبات بالسارق والسارقة؟. ان ادعائهم بالحرص على الشعب العراقي ما هو في الواقع سوى محاولة للتستر على السرقة والسراق واستقبال المسروقات على الحدود مع العراق. ومازالت هذه العملية قائمة حتى الآن وتحت سمع وبصر فئات كردية نافذة في كردستان العراق للاسف. فالآثار العراقية والسيارات التي ينهبها الارهابيون من العراقيين وعصابات السطو من المجرمين المحترفين يقومون بإيصال هذه المسروقات الى الحدود الايرانية لكي تسلم الى الحرس الايراني "المتدين" بأسعار بخسة وهي جميعها من المسروقات التي حرمت كل الاديان والمعتقدات التعامل بها.

وياليت كان الامر يقتصر على السرقة والسطو، حيث تجاوز الامر الى القيام بعمل امني وسياسي متعدد الجوانب هدفه التأثير على العملية السياسية في العراق بعد ان اتضحت معالمها. فالفئة المتشددة الحاكمة في ايران ما زالت تحلم بتحقيق شعارها الذي رفعته ايام الحرب العراقية الايرانية "الطريق الى القدس عبر كربلاء"، جواباً على الشعار الاخرق الذي رفعه صدام حسين في بداية الحرب"الطريق الى القدس عبر عبادان" لتبرير فعلته الاجرامية في اشعال نار الحرب. ان اصرار الفئة المتشددة في ايران على استمرار الحرب آنذاك يعود الى دوافع داخلية لتصفية الخصوم ولدوافع اقليمية من اجل التوسع بعد ان بدت بوادر ضعف صدام حسين وحكمه. وعلى طريق تحقيق هذه الاهداف وبعد انهيار نظام صدام حسين سارع حكام طهران المتطرفون وعلى رأسهم خامنئي بالتنديد بهذا التحول الذي استقبله العراقيون. وتحولت خطب الجمعة الى خطب تحريض واضح ضد ارادة العراقيين. وشرعت دوائر القمع الايرانية بوضع خطة لاثارة عدم الاستقرار في العراق عن طريق تشكيل فصائل متطرفة بواجهات دينية وتمويلها ودعم منظمات اخرى تتميز بالتطرف لاثارة النزاعات الطائفية تحت ستار مواجهة المحتلين. ومن اللافت للنظر هو اعتماد حكام ايران على حلفاء جدد من تشكيلات القاعدة المتطرفة من الذين استضافتهم ايران بعد انهيار حكم "الطالبان" في افغانستان. فهناك المئات من الارهابيين من انصار بن لادن وملا عمر ممن يعيشون الآن في ايران وينسقون مع اجهزة القمع الايرانية. ومن اجل ذر الرماد في العيون يدعى حكام طهران انها قدمت البعض من هؤلاء الى المحاكم وهم يقضون احكاماً في السجن في "مضايف"الطغمة المتشددة. ان الاخبار التي تسربت منذ فترة غير وجيزة عن تنقل الارهابي ابو مصعب الزرقاوي وزمرته بين افغانستان وباكستان وايران والعراق تؤكد الممارسة المخابراتية التخريبة الخطيرة التي تنتهجها اجهزة القمع الايرانية ضد العراقيين. والى جانب ذلك لابد من الاشارة الى نشاط ما يسمى بـ"انصار الاسلام" الكوردية اللون والتي مارست نشاطها في كردستان العراق منذ فترة واتخذت من قواعد لها في كردستان ايران وبدعم لوجيستي ايراني للقيام باعمال التخريب في العراق والقتل ضد انصار التيارات السياسية العراقية الكوردية. وليس من قبيل الصدفة ان تيار القاعدة والزرقاوي واتباعه، وهم يخططون للتخريب في كل العالم، لا يقومون بأي نشاط ضد الشيعة او ما يسمونه بـ"الرافضة" في ايران كما يطلق الارهابيون هذا النعت الكريه على الشيعة العراقيين ويدعون الى حرب ابادة ضدهم. وعلى نفس النهج فهم لا يمسون تلك المنظمات التي تتعاون مع حكام ايران في مواقع اخرى كحزب الله في لبنان على سبيل المثال، في حين يقومون بأبشع انواع الفتك بالعراقيين.

اذن ينطلق سلوك حكام ايران من منطلق سياسي امني يستهدف الحفاظ على كرسي حكمهم المتزلزل. وعلى هذا لاساس جرى تشكيل منظمة "هيئة اركان شهداء النهضة الاسلامية العالمية" في طهران بعيد احداث الفلوجة في العام الماضي والتي ضمت اكثر من 25 الف انتحاري تعهدوا بالقيام باعمالهم الارهابية في بقاع مختلفة ومن ضمنها العراق. ولا تأتمر هذه المنظمة الا بأوامر من السيد علي خامنئي الحاكم الفعلي لايران. ان هؤلاء الحكام يقومون بحرب سرية خطيرة في العراق وبدعم من ضعاف النفوس من العراقيين. ويقود العمليات في العراق العميد قاسم سليماني المستشار العسكري للسيد علي خامنئي في الشؤون العراقية والافغانية. وعلى هذا النهج جرى، وبدعم مالي وتسليحي ايراني، تشكيل "حزب الله العراقي" و "منظمة ثأر الله" ومجاميع من ميليشيات مسلحة منها مجموعة المدعو مصطفى الشيباني التي تضم 280 مسلحاً وموزعة على 17 مجموعة تقوم بصنع القنابل المحلية ومجهزة بأسلحة ايرانية حديثة وقامت بسلسلة من التفجيرات في بغداد بلغت 37 عملية. ووفقاً لانباء من مصادر ايرانية فإن الحرس الثوري الايراني يدفع رواتب لحوالي 11740 من افراد الميليشيات المسلحة في المحافظات الجنوبية وخاصة في البصرة. وهناك اكوام من الدلائل حول العثور على كميات كبيرة من الاسلحة والمتفجرات والقنابل الحديثة الصنع من ايران الى عملاء لهم في العراق بهدف اشاعة عدم الاستقرار واثارة حمى الطائفية واشعال نار الفتنة بين العراقيين. وتمول حكومة طهران العديد من اجهزة الاعلام والصحف والفضائيات للتستر على هذه النشاطات المعادية للشعب العراقي. كما انها اصبحت المصدر الاساس في تمويل مظاهر العنف في المناسبات الدينية كتوريد القامات والسواطير والزناجيل من اجل فرض حالة من الجهل والظلامية على مناسبات دينية عزيزة يقدسها العراقيون. وفي الواقع ان كل ذلك يأتي متناغماً مه اهداف قوى الارهاب والتكفير في الجانب الآخر من الحدود العراقية الغربية مما يؤشر الى وجود حالة من التنسيق بين هذه الاطراف لتحقيق اهداف مدمرة ضد العراقيين.

هذه شذرات مما يضمره حكام ايران ضد العراقيين، وهي امور يتحدث بها الشارع العراقي ولم تعد سراً خاصة على ابناء المحافظات الجنوبية المتاخمة لايران بل وعلى سكنة المدن المقدسة. الا ان ما يثير الدهشة هي ردود فعل عدد من المسؤولين العراقيين بالتسابق على نفي هذه التجاوزات الايرانية وبشكل يثير العجب والتساؤل. والغريب ان من ينفي هذه التجاوزات هم اناس خبروا توجهات الفئة المتشددة الحاكمة في ايران وعاشوا ازمة الحكم وبطشه بالشعب الايراني وتدخله في شؤون الاحزاب العراقية التي اجبرتها الظروف الى الى اللجوء ايران. فالتدخلات في شؤون الاحزاب العراقية الشيعية منها تحديداً ادت الى انقسامات خطيرة داخل حزب الدعوة وفشل مشروع جمع التيار الديني الشيعي تحت خيمة المجلس الاعلى بزعامة الشهيد محمد باقر الحكيم. كما اضطرت احزاب اخرى الى مغادرة ايران الى سوريا ولبنان والغرب كما هاجر الالاف من العراقيين الذين لجأوا الى ايران بسبب ظروف الضغط الى اوربا والولايات المتحدة. ولهؤلاء قصص غريبة عن ممارسات اجهزة القمع الايراني ضدهم وبمن فيهم رجال دين بارزين. كما ان التدخل الايراني لعب دوراً سلبياً في افشال انتفاضة آذار عام 1991.

ان العديد من الشخصيات العراقية التي اجبرتها الظروف الى اللجوء الى ايران جراء عسف صدام واجهزته تحكي عن ممارسات فضة ارتكبتها الاجهزة القمعية الايرانية ضدهم بما في ذلك محاربتهم في قوتهم ودراسة ابنائهم ومنهم من تعرض الى الطرد. ولا يقتصر الامر على الناس البسطاء الذين رمتهم ظروف البطش على الحدود الايرانية بل طالت شخصيات بارزة دينية عراقية بعضها اباح بهذه الممارسات السبية وآخرون التزموا الصمت حفاظاً على من بقي لاجئاً في ايران. لقد اباح الشهيد محمد باقر الصدر الى العديد من الشخصيات العراقية والعربية عن تذمره من اساليب الاجهزة الايرانية التخريبية ضد العراقيين. ففي عام 1993 وعندما كنت في زيارة ضمن وفد عراقي الى العربية السعودية، تصادف ذلك مع قدوم السيد محمد باقر الحكيم لاداء مراسم الحج في الشهر الحرام. ولقد شاءت الصدف ان التقي هذا الرجل الفاضل في مكة المكرمة، واثناء الحديث عن هموم العراقيين وتشردهم عبر بصراحة عن تذمره من الممارسة السلبية للاجهزة الايرانية ضد المنظمات العراقية وضد العراقيين عموماً. وعبر الشهيد الحكيم عن نفس الامر الى الصديق احمد الربعي الكاتب والمفكر الكويتي الذي قابل الشهيد محمد باقر الحكيم في مقره في طهران قبل انهيار الكابوس.

فما بال حكومتنا وخاصة رئيس وزرائنا المحترم ووزير داخليته السيد بيان جبر، وهم العارفون ببواطن الامور الايرانية والاعيب حكامها، يسارعون الى التكذيب المتلاحق للتدخل الايراني في العراق. انهم لا يستطيعون اقناع احد بهذا النفي المتكرر الذي لا يزيا اي اثر من آثار الخروقات الايرانية. واذا كان الامر يندرج في اطار سعي هؤلاء المسؤلين لتجنب صدام ساخن مع الايرانيين، وهو امر لا يريده احد من العراقيين، فان هذا السعي المفهوم له طرقه واساليبه دون السباق لنفي هذا التدخل لحكام ايران المتطرفين في الشؤون العراقية. ان تأكيد رئيس وزرائنا المحترم على مقولة الشفافية التي يكررها في كل لقاءاته مع اجهزة الاعلام، اضافة الى تأكيده على ضرورة وضع الحقائق امام الشعب وعدم التستر عليها تتطلب من السيد رئيس الوزراء وطاقم الحكم ان يجيب على كل التساؤلات التي يطرحها العراقيون حول التدخل الفض للحكم الايراني والسوري وكل من يسعى الى العبث بارواح شعبنا العزيز وتدمير بلادنا .