| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

يوسف أبو الفوز 
haddad.yousif@yahoo.com

 

 

 

                                                                                الأثنين 8/10/ 2012

 

 " شهداء الحزب ... شهداء الوطن" الجزء الثاني ... تاريخ وطن وشعب !

يوسف ابو الفوز

أصدر الحزب الشيوعي العراقي ، اوائل خريف هذا العام ، جزءا ثانيا من كتاب " شهداء الحزب ... شهداء الوطن" ، بطبعة أنيقة عن مطابع دار فيشون في السويد ، وجاء الكتاب بـ 520 صفحة من القطع المتوسط ، وضم الكتاب اسماء 573 شهيدا ، توزعوا على سنوات نضال الحزب من عام 1964 وحتى عام 1978 واستشهدوا في مختلف ساحات النضال على ايدي الانظمة القمعية الحاكمة وكان لحكومات حزب البعث حصة الاسد في ان تكون سببا لاستشهادهم ، وملحق بالكتاب ايضا أسماء 116 شهيدا ومعلومات عنهم ، لم يضمهم في حينها الجزء الاول الذي صدر 2001 وغطى السنوات 1943 وحتى نهاية 1963 ، لعدم توفر المعلومات حينها .

ولاغناء الكتاب ، واضافة الحيوية عليه ، وامكانية استخدامه في البحث ، وضمان سرعة الوصول الى المعلومات المطلوبة ، حوى فهارس ذكية وعملية في اول وأخر الكتاب . الفهرس الاول جاء كدليل لمواقع واحداث الاستشهاد ، وثمة جدول ثان حسب الحروف الابجدية بأسماء الشهداء الذين حواهم الكتاب ، يتبعه فهرس وفق تسلسل الاحداث .

ضم الجزء الثاني من الكتاب شهداء من مختلف القوميات والانحدارات الطبقية ، وهذا العمل تطلب سنينا طويلة من البحث والمتابعة ، من رفاق سهروا الليالي ، وكرسوا جهدهم للبحث عن اي معلومة ، وسط غياب الوثائق وصعوبة الحصول عليها .

بعد سقوط النظام الديكتاتوري ، قام مؤلفوا الكتاب بعمل ميداني متميز ، حيث زاروا اغلب المدن العراقية ، باحثين عن المعلومات الدقيقة من مصادرها ، ويتواصل العمل من اجل انجاز الاجزاء التالية ، ليكون الكتاب بمجمله وثيقة تغطي السِفر الخالد لنضال الشيوعيين العراقيين ، فشهداء الحزب الشيوعي العراقي هم شهداء هذا الوطن ، الذي روت ارضه دماء شهداء العراق من كل الطيف العراقي ، وتأريخ كل شهيد هو ملك تأريخ هذا الشعب والوطن وصفحة ناصعه ومجيدة في سجله الخالد .

القائمون على العمل ، نخبة من كودار حزبية مخضرمة في العمل الحزبي والسياسي ، يشكلون قوام هيئة خاصة بأسم "لجنة مطبوع شهداء الحزب"، والمعروف انها لجنة حزبية مختصة تعمل بتوجيه من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي .

غلاف الكتاب جاء من تصميم المبدع الفنان "عبد الواحد الموسوي"، وجاء معبرا ببساطته ، اذ طغى عليه اللون الابيض الناصع ، وتوسط الجزء الاعلى منه زهرتان حمراوتان قانيتان يمتد عوداهما الأخضران برشاقة ليعتليا عنوان الكتاب ، وجاء هذا امتدادا لتصميم الجزء الاول حيث كانت هناك زهرة واحدة .

تصدرت صفحات الكتاب كلمة باسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي اشارت الى : (إننا اذ نكرس هذا السفر لشهداء حزبنا الشيوعي العراقي ، تكريما لبطولاتهم وتمجيدا لتضحيتهم ، فلأننا نريد صيانة ذكرى هؤلاء الاعزة وتذكير الاجيال الجديدة بمن ضحوا وقدموا حياتهم قربانا للمثل النبيلة) ص6 .

الكتاب ، لم يأت مجرد سجل بأسماء شهداء الحزب ، بل حوى الى جانب المعلومات الشخصية عن كل شهيد ، معلومات عن حوادث الاستشهاد وظروفها ومكانها . وفي كل مرحلة تأريخية محددة ، اذا كان حادث الاستشهاد حصل خلال احداث تأريخية بارزة ـ مثلا كوكبة شهداء أيار1978ـ يتقدم اسماء الشهداء شرح مكثف وموثق عن الحدث وتفاصيله وملابساته، وهكذا فأن المرور على مجموعة الحوادث التأريخية ومعها سجل الشهداء في هذا الكتاب ، ونصوص وصايا بعض الشهداء وبعض المواقف من مآثرهم النضالية سيعطي صورة ناصعة عن نضالات الشيوعيين من اجل وطنهم ، وحجم تضحياتهم ومواقفهم التي عمدوها بالدم الزكي.

ان هذا الكتاب ليس سجلا لشهداء حزب عراقي فقط ، انه تاريخ وطن وشعب . انه كتاب يعبر عن موقف نبيل من حزب الشيوعيين في الوفاء لمن ساروا على درب الشهادة غير هيابين ، حالمين بوطن حر وشعب سعيد . وارتباطا بدعوة "لجنة مطبوع شهداء الحزب" : (نعرب عن يقيننا ان عملنا ومهما بذلنا فيه من جهد يظل بحاجة الى التقويم الذي ننتظره ممن تعز عليه مهمة توثيق سيرة شهداء الحزب والوطن) ص 7، فأن اي ملاحظة تقدم هنا عن هذا الكتاب ، فأنها لا يمكن ان تقلل من الجهد الجبار المبذول لانجاز الكتاب ولا من اهميته ككتاب لا يمكن الا التوقف عند انجازه بأنحياز وتقدير كبيرين، فهو من الكتب التي يمكن القول لابد لكل عراقي من الاطلاع عليها ، ان لم نقل اقتناؤها *.

كتاب انجز بجهود جماعية وبدأب شديد وبأمكانيات مادية متواضعة ان لم نقل شحيحة، وكان لي شخصيا شرف متابعة هذا الكتاب منذ ان كان فكرة في ذهن احد المناضلين الشيوعيين ، في منظمة حزبية صغيرة ، الى ان صار مشروعا نبيلا يهم حزبا بكامله ، وبالتالي ليغدو مشروعا نضاليا يهم الوطن .

ان الملاحظات التي اود ايرادها هنا تطمح لان يكون المنجز في الطبعات والاجزاء اللاحقة افضل وأكثر كمالا . فالملاحظ ان التصميم الجميل للجزء الاول، الذي صدر في لبنان عام 2001 ومن توزيع دار الكنوز الادبية ، والمستوحى من المفكرات المدرسية ، والذي تكرر في الطبعة الثانية الصادرة عام 2010 عن "دار الرواد المزدهرة" في بغداد ، وايضا الطبعة الثالثة التي صدرت بعد عدة شهور في نفس العام عن دار النشر السويدية "فيشون ميديا" ، تكرر هنا في الجزء الثاني الا انه جاء هذه المرة مرتبكا بشكل واضح ، وكأنه انجز على عجل ، رغم الفترة الزمنية الطويلة الممتدة بين صدور الجزء الاول بطبعاته الثلاث والطبعة الاولى من الجزء الثاني .

فالكتاب مثلا حوى 25 صفحة بيضاء ، تناثرت بين الفصول، وكان يمكن استغلالها بوضع بعضا من التخطيطات او الاقتباسات التي تكدست وازدحمت بشكل بارز في الجزء الاول من صفحات الكتاب ، بينما خلت بقية صفحات الكتاب من اي تخطيطات او اقتباسات شعرية . اضافة الى ان الاقتباسات الشعرية من 23 شاعرا عراقيا وعربيا وعالميا (13 بالفصحى 10 شعر شعبي) جاءت كلها لشعراء رجال دون وجود اي اقتباس لشاعرة امرأة سواء عراقية او عربية او عالمية ! .

ولابد من القول ان الاقتباس عن الشاعر والمناضل الشيوعي الفلسطيني معين بسيسو لم يكن دقيقا اذ ورد (الحزب الشيوعي العراقي رئة من الشعر) ص 332 والصحيح هو (الحزب الشيوعي العراقي رئة تتنفس الشعر) ، اما التخطيطات الفنية ، التي ذكرنا انها ازدحمت في جانب واختفت في جانب من الكتاب ، فالملاحظ انها كانت تخطيطات للعديد من الفنانين العراقيين منهم محمود صبري ، جواد سليم ، اياد صادق وملاك مظلوم وغيرهم اضافة الى العديد من البوسترات السياسية ، لكن الكتاب اورد في مقدمته فقط اسم الفنانة ملاك مظلوم، التي كان لها 14 تخطيطا من عموم تخطيطات الكتاب ، وكان الافضل هنا ، وارتباطا بالحقوق الفكرية ومهنية النشر، ان يتم ايراد اسماء كل الفنانين الذين تم استخدام تخطيطاتهم وربما ايراد عدد اعمالهم الى جانب أسم كل فنان .

يلفت الانتباه أيضا ان الكتاب اذ حوى 689 أسما من الشهداء الابطال لكنه حوى فقط 239 صورة لهم ، اي تقريبا بنسبة الثلث من اسماء الشهداء ، وهذا من وجهة نظري لا يتحمل مسؤوليته معدو الكتاب والمشرفون على انجازه، وانما يتحمل مسؤوليته ذوو الشهداء ورفاقهم واصدقاؤهم والمنظمات الحزبية داخل وخارج الوطن ، فـ"لجنة مطبوع شهداء الحزب"، ومن بدء عملها لانجاز هذا المشروع النبيل نشرت وفي كل صحافة الحزب ومواقع الانترنيت وكررت في الندوات والاجتماعات وباستمرار الدعوة والاعلان لتزويدها بالمعلومات والصور، وطالبت المساهمة بتدقيق المعلومات ، ومثلما ورد في طبعات الجزء الاول، حوت مقدمة الجزء الثاني من جديد دعوة "لجنة مطبوع شهداء الحزب"، للتعاون واشارت : (ونحن اذ نطمح الى تدقيق هذا الجزء ايضا من قبل ذوي الشهداء ورفاقهم ومعارفهم وتزويدنا بما تتوفر لديهم من معلومات موثقة وكذلك صور للشهداء الذين لم نحصل على صور لهم ، و من تتوفر لديه صور بنوعية افضل من التي نشرت في هذا الجزء وكذلك الجزء الاول) .

ومن هنا حرص معدو الكتاب ومن باب الوفاء والتوثيق على تثبيت قوائم باسماء الشهداء الذين جردت أسماؤهم ولم تتوفر عنهم اي معلومات وارفقوها بالدعوة لتزويدهم باي معلومات عنهم .

تحية لهذا الجهد النبيل وللجنود المجهولين الذين كرسوا وقتهم وعملوا بتفان شديد لاجل أنجاز هذا المشروع ونحن بانتظار الاجزاء التالية !


* حسب معلوماتنا ان الكتاب يمكن اقتناؤه بسهولة من خلال منظمات الحزب الشيوعي العراقي !
 

نشرت في طريق الشعب العدد 44 الأثنين 8 تشرين الأول‏ 2012


 

 

free web counter