| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

يوسف أبو الفوز 
haddad.yousif@hotmail.com

 

 

 

الأحد 8/3/ 2009



تضاريس الايام في دفاتر نصير

حالمة حد الأشتعال ! (*)

النصير يوسف أبو الفوز

الشهيدة احلام ، هي "عميدة عذبي الخميسي " ، مواليد بغداد 1956 ، طالبة في كلية الزراعة . قطعت دراستها وغادرت العراق عام 1978 أبان الحملة الارهابية للاجهزة الامنية للنظام الديكتاتوري المقبور . عادت مع زوجها الى الوطن ، الى كوردستان العراق ، والتحقت بصفوف الأنصار في 28 / 5 / 1982. أستشهدت ببطولة في الأول من أيار 1983 ، في احداث " بشت ئاشان" الاولى !

للقلب شكل القنبلة .
وللرصاص هجس الأصابع ،
لم يعرفوا ــ ولن يعرفوا ــ أن المبادئ وقوفا عن موقعها تدافع !

كان دجلة شاهدا حين عرفت أن تلك الغادة التي يتناثر الليل على كتفيها اسمها ( عميدة عذبي الخميسي) ، وكانت بنادق الأنصار شاهدا وهي تلمح قامتها الرهيفة تخطر بين نساء قرى منطقة " روستي" (1) تنثر المحبة وشموسا صغيرة . وعبر تضاريس الايام ظلت تلك الغادة حالمة حد الاشتعال ، راحلة أبدا في شموس الأماني ، في تويج الروح ، في شرايين الفرح ...

كان ليل عدن الساحر يلمنا في شرفة مقمرة . زوجها يسترخي قريبا منا ، " ناظم حكمت " وأشعاره ، وحبيبته منوّر، يشاركونا جلستنا ، التفتت عميدة إلى زوجها ، وفي عينيها بريق حالم أخاذ :
ـــ اذا صار لدينا طفلة سنسميها منوّر !
هل لي ان أتبارك من عيني منوّر ؟ ان اجدل شرائطها ، وارتب لها حقيبتها المدرسية ؟ ان اسهر لاجل عينيها مرة ؟ ليلة واحدة اسأل فيها النجمة التي أريد ، ليلة اسهر، ارسم لها الأماني عصفورا لجناحيه شواطئ دجلة والفرات ؟
الحمى تحرق جسدي ، وأمي بعيدة ... بعيدة ، وحزن المنفى له ملمس الحجر، حين أفقت ، كانت أمي تجلس عند سريري ساهرة والليل يتناثر على كتفيها !

كل ليلة تراني النجمة ساهرا مع بندقيتي، أوقد هواجسي شموعا و( حلومه ) المتألقة على خافي الوميض تتقد شموسا ، وذات يوم سأزهر عند مفرق شعرها ورد رازقي له عطر الأماني وسيكون ناظم حكمت ضيفنا !
ان من يستهين بامرأة تحمل بندقية ، يشتبك زنادها أحيانا بالضفائر، في (بشت ئاشان) عرف ان أمراة كـ "أحلام" يمكنها بسهولة ان تترك خلفها امشاطها ومرآتها وأن تتفجر بعنفوان الفرات ، وان يكون لاصابعها قوة الصخر وهي تضغط الزناد دفاعا عن شرف المبادئ !

في معارك الأنصار، حين ينحني الرصاص متكسرا عند الصخور، ويهوم صداه في الوديان وحنايا الروح، أراك يا عميدة ، على خط التسديد ، عند كتفي " الفرضة " ، تسندين ذراعيك وتبتسمين .
لرصاصي سيكون استدارة شفتيك ، وبريق بسمتك . ومنوّر ستأتي ، وسأضع صورتك وخصلة من شعرك في حقيبتها المدرسية !
أحلام ...

قد نلتقي وأضع بين كفيك الرصاصة التي ستحولني الى "سر الليل" (2) ، وقد انتظر لأجدل ضفائر منوّر، واهمس لها عن امرأة يتناثر الليل على كتفيها ، حالمة حد الاشتعال ، ظلت الشموس تتناثر من بين أصابعها حتى اخر لحظة من حياتها !


6/ 3 / 1988
كردستان / مقر مراني


ملاحظات اضافية :
(*)
النص كتب في حينه لعدد من مجلة انصارية خاص بعيد المرأة .
(1) روستي : منطقة تابعة الى محافظة اربيل ، كان فيها مقر لسرية من الأنصار ، عملت الشهيدة أحلام هناك لفترة ، وقدمت خدمات مشهودة في التوعية والتمريض لنساء قرى المنطقة .
(2) دأب الأنصار عادة على اختيار أسماء الشهداء ككلمات لسر الليل .


عن طريق الشعب العدد136 ليوم 8/3/2009

 

free web counter