| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

يوسف أبو الفوز 
haddad.yousif@yahoo.com

 

 

 

                                                                                الخميس 6/9/ 2012

 

السينما الغربية وأساطير الشرق ... "بياض الثلج والصياد" أنموذجا
(1-2)

يوسف ابو الفوز

في قاعات العرض الاوربية ، من اسابيع بدأ عرض فيلم "بياض الثلج والصياد" (127 دقيقة) وهو فيلم مغامرات وخيال علمي، انتاج هوليودي لشركة يونيفيرسال لعام 2012 ، وبميزانية تقدر بحوالي  170 مليون دولار وصمد طويلا في قائمة الافلام التي نالت اقبالا وحققت ارباحا غطت التكاليف بنسب مضاعفة، وهو من أخراج الانكليزي روبرت ساندرز (مواليد 1971) المقيم في لوس انجلس ، المعروف سابقا كمخرج تلفزيوني في عالم الاعلانات التجارية والعاب الفيديو والحاصل على جوائز عالمية عن ذلك ، الأمر الذي أهله للانتقال الى امريكا للعمل السينما واخراج اول فيلم .  بعد مشاهدة الفيلم ، وما ان صرنا خارج صالة العرض، حتى قالت لي زوجتي شادمان ، ابنة كردستان : " انهم يقتبسون من أسطورة كاوة الحداد والضحاك ! "، ولم تكن مخطأة ، فالسينما الغربية ، من عقود طويلة وهي تقتبس من أساطير الشرق دون ان تتوقف عند حقوق او أشارة الى المصادر أو التأثير والاقتباس !

منذ سنوات طويلة توجهت اشهر شركات الغرب السينمائية الى انتاج افلام مقتبسة عن مختلف الاساطير والحكايات، والكثير يعرفون افلام مثل "سنووايت ـ بياض الثلج" ، "سندريلا"، "أليس في بلاد العجائب" وغيرها من الافلام التي قدمتها شركة "والت ديزني" (تأسست 1923) والمقتبسة عن قصص الالمانيين الأخوين جريم ، ويلهلم (1786 ـ 1859) ويعقوب (1785ـ 1863) !  في افلام الغرب ، عموما ، نجد مساحة واسعة لاساطير الشرق ، سواء تم تناولها بشكل جمالي موضوعي او تم اقتباسها بشكل خاطيء وهزيل، عن جهل وعدم دراية أو عن قصد ، ليساهم بعضها في الاساءة للشرق وحضارته الموغلة في القدم واخلاقياته وعاداته وتقاليده ، ولابد من القول ان بعض من هذا يأتي تحت تأثير من عوامل سياسية واجتماعية وفكرية . مع تطور انتاج رسوم الافلام المتحركة وافلام الحكايات بدأت الحاجة للعديد من المؤلفات والقصص الجديدة ، فراحت شركات السينما تتوجه لكتب حكايات الخيال العلمي ، فنجحت الكاتبة البريطانية ج. ك. رولنغ (مواليد 1965) لتكون من اغنى نساء العالم بسبب سلسلة قصصها عن مغامرات بطلها الصبي الساحر "هاري بوتر" وفي هذه السلسلة يجد المتابع هنا وهناك تأثيرات وأسقاطات عديدة متناثرة من اجواء اساطير وحكايا الشرق ، سواء كانت بالاقتباس أو بالتلاقح ، هذا الامر الذي نراه ونلمسه ايضا في افلام عديدة ، لكن المشكلة ان شركات الانتاج لا تشير الى هذه الحقيقة .

عن قصة الاميرة "سنو وايت ـ بياض الثلج " ، للاخوين جريم يعرض هذا العام فلمان مقتبسان عنها ، ويشار الى ذلك في اعلانات الفيلم ، الاول هو " مرآة ... مرآة " ، (106 دقيقة ) ، انتاج امريكي من ستديوهات ريلاتيفتي ميديا مع بيرني غولدمان ، وهو فلم لكل الاعمار وحتى الاطفال من سن سبع سنوات ، وجاء بايقاع كوميدي ، حاول ان يلتزم بالخط الاساسي لحكاية الاخوين جريم فنجد هناك مساحة واسعة للاميرة "سنو وايت ـ بياض الثلج "، التي لعبت دورها الممثلة ليلي كولينز (مواليد 1989) ، والملكة الساحرة الشريرة، لعبت دورها الممثلة جوليا روبرتس (مواليد 1967)، والاقزام السبعة الذين يساعدون الاميرة الحسناء بياض الثلج في صراعها مع الساحرة الشريرة لاستعادة حكمها ولفك السحر عن حبيبها وعن أبيها ، ولكون مخرج الفيلم ترسيم سنغ (مواليد 1961) الهندي الاصل بقي أمينا لتقاليد الافلام الهندية فأنه انهى لنا الفيلم بأغنية استعراضية رقص فيها الجميع واستعرضوا ازيائهم الفاخرة التي استهلكت جزءا كبيرا من ميزانية الفيلم ، التي بلغت حوالي مئة مليون دولار، حيث عمل فريق من اكثر من مصم معروف عالميا للازياء ، منهم المصممة الحاصلة على العديد من الجوائز ومنها الاوسكار لاعمالها ، اليابانية ايكو ايشيوكا (1938 ـ 2012) الذي كان هذا فيلمها الاخير !

أما فيلم "بياض الثلج والصياد" ، فرغم الاشارة الى انه يعتمد على حكاية الاخوين جريم ، الا انه يحوي الكثير من الاقتباسات الاضافية ، وهناك العديد من الشخصيات التي ظهرت في الفيلم ولا جود لها في حكاية الاخوين جريم ، وذلك لتدعم قصة الفيلم التي اشترك في كتابتها اربعة من كتاب السيناريو ، لحد ان بعض النقاد اعتبروه مملا لاكتظاظه بالشخصيات والاحداث التي لا لزوم لها (مايكل أوسوليفان في الوشنطن بوست 4 حزيران 2012) ، فالملكة الشريرة ، التي ادت دورها الممثلة من جنوب افريقيا شارلس ثيرون (مواليد 1975 ) ظهر لها اخ اسمه فين ، ادى دوره الممثل  الانكليزي سام سبريول (مواليد 1968) ، وظهرت شخصية الصياد ، التي ادى دورها الممثل الاسترالي الاصل كريس هيمسورث ( مواليد 1983 )، الذي اجبر على المساهمة في تعقب الاميرة الهاربة بياض الثلج ، ادت دورها الممثلة كريستين ستيوارت (مواليد 1990) وتقديم خدماته مقابل وعد من الملكة الشريرة بأن تعيد له حياة زوجته المتوفاة . الفيلم وبايقاع متسارع ، خلال اكثر من ساعتين يحكي لنا قصة الملكة الشريرة "رافينا" ، بأداء الممثلة الفاتنة تشارلس ثيرون ، التي تضعنا امام معادلة الشرير الجميل ولتواصل التقليد الحديث في السينما الغربية ، في كسر نمطية صورة قباحة الشخصيات الشريرة، فالفيلم يقدمها هنا مثيرة ، شهوانية ، الا انها باردة العواطف ، مجرمة وسفاحة ، وان كان بعض النقاد رأى اداء تشارلس ثيرون مبالغ فيه اكثر من اللازم (الوشنطن بوست 4 حزيران 2012) ورافينا هي ملكة جيش الظلام ، فحين اصطدم جيش الملك مانغوس ، ادى الدور الممثل الانكليزي نوح هنتلي ( مواليد  1974)، والد الاميرة بياض الثلج مع وحدات من جيش الظلام استطاعوا تحرير أمراة سجينة أعجب بجمالها وتزوجها في اليوم التالي ، دون ان يعرف بأنها الشريرة رافينا ، لتقتله ليلة الزفاف في سرير الزواج ولتفتح ابواب القصر لاخيها ورجالها فتستولي على الحكم وترمي بالطفلة بياض الثلج في زنزانة في برج من القصر لتكبر هناك وحين تبلغ الثامنة عشر تنجح في الهرب ، ومن بعد مطاردات ومغامرات تتعرف فيها الاميرة الى الصياد الذي يعرف دروب الغابات المظلمة جيدا ، حيث لا سيطرة للملكة الشريرة فيها ، التي ارسلته لقتل الاميرة الهاربة دون معرفته لهويتها الحقيقية، لكنه ينضم الى الاميرة بعد اكتشاف خديعة رافينا الشريرة التي لا تستطيع اعادة الحياة للاموات، واكتشافه الشخصية الحقيقية للاميرة ، فيقرر حمايتها وتدريبها للدفاع عن نفسها وبمساعدة من الاقزام السبعة وجيش من المتمردين من انصار والدها فيتم اقتحام القصر واستعادة الحكم ، ويتراجع في الفيلم الدور العاطفي لابن العم ويليام الذي ادى دوره الممثل الانكليزي سام كليفن (مواليد 1986) لصالح الصياد .

يتبع ...

 

 عن المدى البغدادية العدد (2583) الخميس 06/09/2012
 



 

 

free web counter