يوسف أبو الفوز
haddad.yousif@yahoo.com
سقوط أحدهم !
يوسف ابو الفوز
يكتب الصحفيون ويتحدث المعلقون ويتظاهر سلميا الناس المدنيون ، في بالهم جميعا تقديم النصيحة والمشورة وتبيان الحقائق من أجل وضع الأصابع على الجروح لأجل تضافر الجهود الخيرة لما فيه صلاح وخير البلاد ، لكن البعض ان لم تكن له آذان من طين ، فهو يعيش أيامه سادرا في غيه ، متوهما بأن ما منح من سلطة وفق الاليات الجديدة في الدولة العراقية ، يمكن ان تدوم له او انه قادر على توارثها ويمكنه تفصيلها على مقاساته ، ومن اجل ذلك تجده يستنسخ لنا اساليب تجارب لا يمكنها سوى ان تستعير من ديكتاتوريات غاربة برامجها واساليبها ، فينسى انه ايضا سيكون بانتظاره نتائج وخيمة يوما ما ! و"فلان الفلاني" واحدا منهم ، لطالما أتحفنا بالاحاديث عن الديمقراطية والدولة المدنية ، لكنه لم يكلف نفسه يوما ليحضر فعالية او مؤتمر لقوى سياسية من خارج اطار ثوبه السياسي ، المؤسف ان مريدي هذا " الفلان الفلاني" يجندون جل وقتهم لمحاولة كم الافواه ، بأساليب مختلفة، وان حاولوا أحيانا ان يكونوا حضاريين ، فيلجأون الى لغة العتب والغمز واحيانا الزعل ! .
حدثني صديق بأنه يوما تحدث في محفل عام عن “سياسي من هذا الزمان” ، مواقفه وسلوكه وحماياته ومرافقيه وما يتعلق بهما ، لم يذكر أسما ، تحدث عن حالة معاشة من قبل المواطن العراقي من قبل الكثير من السياسيين والمسؤولين في الدولة ، بعد ان غادر المكان ، اخذه جانبا احد الاخوة من المحسوبين على أحد الاحزاب العراقية المتنفذة ، ومتعكزا على علاقة ودية ، وهو يبتسم عاتبه لأنه مس صاحبه بحديثه وترك الاخرين ! لم يمر يومان حتى هاتفه شخص اخر ، من حزب ثان ـ متنفذ ايضا ـ ، ليهمس له على الهاتف بأسلوب مهذب : " على كيفك ويانا !"!
ما حكاه لي هذا الصديق قادني الى مراجعة دوافع الانزعاج والضيق من وسائل الاعلام والحقائق التي يتداولها الناس ، هذا الانزعاج الذي يتحول الى مضايقات بأشكال مختلفة للصحفيين والاعلامين والمثقفين والناشطين من منظمات المجتمع المدني ، سواء بسد باب الرزق او بإيجاد طرق لكتم الافواه ، منها كواتم الصوت التي غدرت بالشهداء كامل شياع وقاسم عبد الامير عجام وهادي المهدي ، والقائمة قد تطول ، وما سبق وكشف من معلومات عن قيام اجهزة أمنية وحكومية بالتنصت على هواتف ناشطي منظمات المجتمع المدني قبيل التظاهرات السلمية المطلبية !
كل هذا قادني الى استذكار قصة رواها صاحب النوبل لعام 1982 استاذنا الروائي الكولومبي "جابرييل جارسيا ماركيز"، حين روى عن ايام منفاه ، ومعيشته في باريس في عمارة يقطنها منفيون من القارة الامريكية الجنوبية ومن عدة دول ابتلت بحكام ديكتاتوريين يتبارون في اضطهاد شعوبهم . يقول ماركيز في صباح يوم باكر وقف احد سكان العمارة في الباحة ليصرخ بفرح : سقط الديكتاتور !
خرج سكان العمارة المنفيون جميعهم ، من كل دول امريكا اللاتينية ، ليشاركوه الفرحة ويعانقون بعضهم البعض ... كل واحد منهم كان يظن ان المقصود بالسقوط هو ... ديكتاتوره !!
عن المدى البغدادية العدد (2556) السبت 04/08/2012