يوسف أبو الفوز
haddad.yousif@yahoo.com
الضربات القوية تهشم الزجاج ... لكنها تصقل الحديد !
يوسف أبو الفوز
مساء 31 آذار 2012 ، تضيء 78 شمعة في صواني عيد الشيوعيين العراقيين .
78 نجمة تتألق في سماء الوطن !
78 راية تخفق في وجه الريح !
78 وردة تضوع بالشذى !
ومئات القامات تنهض لتصيح : ها نحن هنا ، كنا ولا نزال ، جذورنا تمتد في أرض الوطن المعطاء ، بين جماهير كادحي شعبنا ، حيث لم تستطع كل ماكنة الإرهاب والعسف ان تمسح من ذاكرة الناس أمجاد وعمق أصالة حزب فهد وسلام عادل والحيدري !
طويلا، حلم الديكتاتور المقبور، جنرال الحرب المزيف ، بوضع نهاية لنشاط ونمو حزب الشيوعيين العراقيين، وايقاف نضاله من اجل الوطن الحر والشعب السعيد . وتناسى ان قبله وبعقود طويلة ، حلمت إمبراطورية ، كانت الشمس لا تغيب عن أرضها ، بذات الحلم ، لكن التاريخ قال لهم قولته .
سقط المئات من الشهداء الشيوعيين ، وجاء بعدهم مئات المناضلين يواصلون الدرب ، يرفعون الراية على ذات الطريق وبأسم ذات المبادئ ، التي تريد الكرامة للناس ، الخبز للفقير، والعدالة للجميع .
كان الخالد فهد واثقا من عدالة مبادئ حزبه وقضيته ، ففي يوم إعدامه قال لجلاديه : " نحن أجساد وأفكار فان دمرتم أجسادنا فلن تدمروا أفكارنا ". ومن على حبل المشنقة ، أطلق صرخته الشهيرة التي بيّن تاريخ شعبنا ووطننا مع كل الصعاب والنكسات ، قوة وصدق تلك الصرخة : "الشيوعية أقوى من الموت واعلى من أعواد المشانق " ! ولم يستطع قطعان الحرس القومي الفاشي ، ان ينالوا من صلابة الشهيد الأسطورة سلام عادل ، الذي أرعب جلاديه بصموده ، رغم كل وحشية ما تعرض له من تعذيب بأساليب بروح سادية ، كان يستمد صلابته من قناعته ان المسيرة ستستمر وسيستعيد حزب الكادحين قوته وستبنيه الأجيال الجديدة. وحين اتكأ النصير أبو أيار ( الفنان فؤاد يلدا ) على جراحه ، وضغط الزناد مختارا الموت على الاستسلام لافراد العدو بعد أصابته في كردستان ، كان يرى ذلك الأفق المشرق لشعبه الذي سيساهم في رسمه نضالات حزبه.
وكان الديكتاتور المقبور، يواصل حلمه العقيم ، من لحظة ان رفع راية القومية الشوفينية في بلادنا ، وراح ينثر الموت والخردل والحزن في كل ربوع الوطن ، كان يظن انه سيضع حدا لطموحات شعبنا في الحرية ووقف نضال حزب الشيوعيين العراقيين . كان الديكتاتور المخلوع يظن ان مقابره الجماعية ، وزنازين سجونه ، وأحواض الاسيد ، والإرهاب المنظم سيكون كافيا لغسل ذاكرة الشعب ، ولكن التاريخ عاد ليقول كلمته من جديد : لا يمكن لكابوس الظلم ان يستمر طويلا ، فشمس الشعب لابد ان تشرق ، لتتنفس الحياة الأمل بكل ما هو نظر وجديد .
كان حزب الشيوعيين يتصلب كل يوم ، وسنين النضال تمنحه افاقا جديدة ، في العمل والطموحات والآمال ، وتحت رماد سنين الصبر كان جمر الأمل ينتظر تلك الصباحات ، التي لا اجمل منها ، صباحات سقوط القتلة ، فاشتعلت ذاكرة العراقيين بالمحبة للحزب الذي عرفوه طيلة سنوات عمره المديدة ، مدافعا عن قضاياهم ومستقبل أجيالهم القادمة .
يوم اضطررت لمغادرة الوطن ، سرا عبر الصحراء ، صيف 1979 ، ولوداع أهلي واحبتي ، كتبت لهم على الباب الداخلي لدولاب ملابس سطرا من الشعر للشاعر الروسي بوشكين يقول :
الضربات القوية تهشم الزجاج
لكنها تصقل الحديد !
حين زرت وطني من بعد غياب 27 عاما ، وجدت ان أحبتي لا زالوا محتفظين ، وباعتزاز ، بدولاب الملابس ذاته، وبالكلمات المكتوبة عليه ، فالأيام بينت لهم ولنا ولاعداء شعبنا ، ان الحديد صار فولاذا بالطرق المتواصل...
هكذا حزب الشيوعيين ! !