موقع الناس     http://al-nnas.com/

أفلام توم وجيري ! *
 


يوسف أبو الفوز

الخميس 23/3/ 2006

تقلب الصحف الاجنبية والعربية ، وتتنقل بين شاشات الفضائيات التي لا عد لها ، وتزور المواقع الاليكترونية التي تتكاثر كالفطر ، وتتابع النشرات الاخبارية في الاذاعات المختلفة ، والتي يرسلها لك اصدقاء احبة ، وايضا تلك النشرات التي يواظب على ارسالها من لا ترغب برؤية اسمه في صندوق بريدك . في كل هذا ، ومن بين دروب الامك وجبال همومك ، وقلقك على وطنك وشعبك ، تبحث عن اسم العراق لترى ما هو جديد ، فماذا تجد ؟ لا شئ غير اخبار الاحتقان الطائفي والتحزب الضيق والتخندق والقتل والخطف والاغتيال والدم والموت . الموت ولا شئ غير الموت يطرق ابواب اهل العراق وينثر من جديد ثياب الحداد والدموع . فمن بعد عطايا نظام الديكتاتور المجرم المقبور، التي انتشرت في عموم العراق مقابرا جماعية وسجلات شهداء مفقودين وغيمات خردل ، ومن بعد ضحايا " النيران الصديقة " لقوات الاحتلال ، كان ابناء العراق ينتظرون ساعات صفاء وسلام وحرية وتفرغ للعمل والبناء . ولكن الواقع الامني المتردي بفعل الممارسات الطائفية التي تزيد من حدة التوتر ، صرت فيه لا تعرف هل ستلحق لمهاتفة بعض من اهلك واصدقائك ومعارفك في العراق قبل ان يعثروا على جثة احدهم طافية في نهر دجلة وطلقة في راسه ؟ او ان يختطف لجهة مجهولة ثم ترمى جثته في الشارع تحت جنح الظلام ؟ او ان تمر به سيارة بيضاء من نوع " البطة " ليرشقه ركابها بصلية رشاش ويتركوه في عرض الشارع متخبطا بدمه دون ان يعرف سبب اغتياله ؟ او ... !! حقا ان ثمة استخفافا كبيرا بحياة الانسان في العراق هذه الايام ، والله برئ من كل ما يفعله المجرمون بأسمه وهم يمسدون لحاهم ويدورن مسابحهم ويسبلون عيونهم . المجرمون الذين لم يتورعوا عن نسف وتفجير بيوت الله في مختلف المدن العراقية . ما يجري في العراق يدفعك لشتم من تشاء ،وصب النقمة على السياسيين ورجالات الدولة الغارقين في كواليسهم وصراعات الكراسي والنفوذ ، وصقل الحناجر امام الميكروفونات . صديق عزيز، طبيب ، امام الاوضاع الحالية الجارية في الوطن ، وبعد ازمتي الصحية الاخيرة ، وهو يعودني نصحني ـ جادا ـ ان ابتعد عن متابعة اخبار العراق ،والافضل ان ارفع الصحن( الستالايت ) وان اغلق خط الانترنيت ،فبأعتقاده ان هذا لا يحمل سوى اخبار الموت ولا يجلب سوى الجلطة وربما الموت !
ـ ولكن يا صاحبي ؟
ان كان ولابد من بقاء الستالايت فانصحك بمتابعة افلام كارتون توم وجيري فقط ، فهي تعرض بسخاء على كل الفضائيات . حاول ان تحافظ على سلامة قلبك بالابتعاد عن تفاصيل اخبار العراق وتصريحات رجال السياسة فيه والاعيبهم ومناوراتهم ، وذلك بالتفرج على افلام توم وجيري ، فهما على الاقل في صراعهم الازلي لم يتجرأ احد منهما على قتل الاخر ، وفي احيان كثيرة توصلا الى حلول صلح واديا عمليات مشتركة ، رغم كل الاختلافات بينهما !
انصرف صديقي الطبيب وانا اقلب الامر مع نفسي : اترانا حقا ، وصلنا الى ايام توم وجيري ، حيث من اجل الحفاظ على صحتنا واعصابنا لا ينفعنا سوى التفرج على افلامهما ، وربما يقودنا الخوف والقلق وحتى العبث للبحث فيها عن حلول ما ؟

سماوة القطب

* عن المدى البغدادية 23 اذار 2006م