| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

يوسف أبو الفوز 
haddad.yousif@yahoo.com

 

 

 

                                                                                الأثنين 21/11/ 2011

 

وجهة نظر

جمعية خيرية أسمها : حلف الناتو !

يوسف أبو الفوز

كان الشعار الابرز الذي حملته الجماهير الثائرة ، في مختلف البلدان العربية ، هو "الشعب يريد اسقاط النظام "، كان مثارا للجدل بين المراقبين والسياسيين ، لكن المعروف ان الجماهير الثائرة لا تعني انها تريد سيادة منطق الفوضى ، كما حاولت الانظمة الحاكمة ان تشيع وتنثر الدخان لإفراغ الشعار من محتواه الثوري ، الذي يعني اساسا اسقاط النظام الاستبدادي الحاكم . مع تنامي الفعل الجماهيري ونشاطه وتهاوي الانظمة الحاكمة في تونس ومصر وليبيا، والحبل على الجرار، بدأت تتصاعد الكثير من الاسئلة المشروعة، عن البديل الذي سيملأ الفراغ ، وعن نظام الحكم السياسي الجديد وأي قوى سياسية ستبني البديل الذي تنشده الجماهير ؟

الصراعات ما زالت محتدمة حول القوى الاجدر بقيادة التغيير، توقفت النشاطات الاقتصادية في العديد من البلدان العربية وبرزت حالة كثرة تشكيل الاحزاب السياسية ، خاصة بين القوى الديمقراطية واليسارية ، مما يؤدي الى تشظي الجهود ، وجعل العديد من المخاوف الجدية تبرز الى السطح ، منها المخاوف من ان يركب الاسلام السياسي الموجة وخصوصا التيارات السلفية ، التي تبدو موحدة اكثر، مما يؤهلها لسرقة الثورة من شعوبها ، أو ان تتصدر المشهد السياسي قوى محاصصة طائفية ، تستغل ألية الديمقراطية لتعزيز موقعها في السلطة. وسط كل هذه المخاوف والتساؤلات المشروعة ، نجد هناك من يتحسر على سقوط القذافي ، وهناك من يبكي سقوط الفكر القومي ويحذر من "سايكس بيكو" جديدة ، بل ان هناك من يطالبنا بحك رؤوسنا ويحذرنا من كون ان ما جرى في تونس ومصر وليبيا ما هو الا عودة لقوى الاستعمار الى المنطقة وان هذه الشعوب مخدوعة بسبب تعطشها للحرية وصارت اداة لمخططات اطلسية !

الأنظمة العربية الحاكمة ، المعادية للحياة الديمقراطية الحقيقية ، صاحبة مسرحيات الانتخابات وفوز حكامها بنتائج الـ 99% ، كانت تحظى بدعم دول الغرب لأغراض سياسية ليس خافية ، فهي في المحصلة تصب في خدمة دوران عجلة الرأسمال العالمي، هذه الانظمة وخلال سنوات حكمها ، وبمباركة من حكومات الغرب قمعت كل رأي معارض لها، فتحت السجون وابواب المنفى وصبت جام غضبها على القوى اليسارية والديمقراطية والليبرالية والاسلامية المعتدلة ومارست بتفوق سياسية التجهيل مع شعوبها وابتدعت الحملات الايمانية ، ترافق ذلك مع انتشار فضائيات النفط ، التي أكملت المهمة ، فلم يعد المواطن العربي يقترب من كتاب او مجلة علمية او نشاط مدني ، نهشه الفقر فصار جل وقته يجري من اجل لقمة الخبز متحاشيا شرطة وعيون الاستبداد ، صارت الافكار الغيبية والخرافات تسكن روحه وتفسر له كل مجريات حياته . مع كل هذا الواقع ، فأن ثورة الاتصالات الحديثة ، فجرت في الجماهير القدرة على ابتكار اساليب جديدة لتنظيم نفسها ، دفعها ذلك لتتلمس طريقها بعيدا عن تأثير القوى السياسية التقليدية ، ومنها قوى الاسلام السياسي التي فشلت في بعض البلدان لان تقدم نموذجا ديمقراطيا يحقق الامن والحياة السعيدة. ان شباب الربيع العربي ومن يساندهم من فئات الشعب ، يدركون ان مستقبلهم ونجاح ثورتهم مرهون بمواصلة العمل لإرساء اسس جديدة للحياة الجديدة ، من هذه الاسس ، فكر تنويري يتسامح مع الاخر ، يجعل المواطنة اساس التعامل . الشعوب العربية ، وقواها المخلصة للتغيير، تدرك جيدا ان الولايات المتحدة الامريكية ، وحلف الناتو ليس جمعية خيرية، وان للدول المشتركة فيه مصالحا في المنطقة ليست بخافية على احد ، ان الكرة الان في ملعب الشعوب ، لتمضي الى الامام في مشوار التغيير ، وان لا تغفل عن نوايا قوى الراسمال الذي لن يخسر كثيرا لو تم اعادة تأهيل الاسلام السياسي ليحكم على النمط التركي او نمط مبتكر جديد !!

 

عن المدى البغدادية الاثنين 21 /11/2011
 

 

free web counter