| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

يوسف أبو الفوز 

 

 

 

 

السبت 19 /11/ 2005

 

 

 

شماعة البعث هل ستنقذ السيد بيان جبر صولاغ ؟
 


يوسف أبو الفوز

قبل سقوط النظام الديكاتوري ، كتبت اكثر من مرة ، وفي اكثر من مطبوع للمعارضة العراقية ، بان زمن العراق القادم ، سيحول كلمة " البعث " الى شتيمة بين الناس ، وتكون شتيمة ينفر منها السامع ويخجل منها ويغضب لو نعتوه بها . وقبل سقوط نظام البعث الدموي ، كان البعض ـ افرادا ومؤسسات ـ وحين تعوزه الحجة لمواجهة طرف معين ولتصفية خلافاته يلجأ الى اسهل وابشع الحلول الا وهو اطلاق اشاعات بارتباط او علاقة فلان او الجهة الفلانية بمخابرات نظام البعث الصدامي ، المواطن العراقي ، وبعد التغيرات الكبيرة في حياة العراق السياسية ، وزوال نظام البعث الدموي ، لم يتوقع ان قوى سياسية عراقية ستلجا الى " البعث " ليكون عونا لها للخروج من ورطة حقيقية ، وفضيحة مدوية .
رغم كوني ، في الشهور الاخيرة ، صرت لا اميل لمتابعة المؤتمرات الصحفية لاعضاء الحكومة العراقية الحالية ، التي اشبعتنا وعودا ، حيث لا نجد جديد في تصريحات مسؤوليها ، بل وان بعضهم يبدو لك مثل "روزخون" عادي ، في جامع او حسينية منزوية ، اكثر من كونه رجل دولة مسؤول ، ليس فقط بأسلوب ادائه ولا بهيأته ، وانما في كلامه الانشائي المعاد والممل والمزدحم بالوعود وبانجازات لم ير ويلمس المواطن العراقي شيئا منها ، اقول رغم كل ذلك ، تركت ما بيدي ، وجلست الى شاشة التلفاز ، اتابع السيد بيان جبر صولاغ ، القيادي في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية ، ووزير الداخلية ، في حكومة السيد ابراهيم الاشيقر (الجعفري ) ، في مؤتمره الصحفي الاخير ، الذي عقده محاطا بالضباط القادة الميدانيين في وزارة الداخلية ، الذين وبعد نهاية المؤتمر تبين انهم حضروا كديكور وزينة اكثر من كونهم مساهمين . فامام تفاعل فضيحة معتقل الجادرية ، التي هزت الشارع العراقي ، واخذت اهتماما اعلاميا ودوليا ، حيث وبغض النظر عند حجم الاشاعات والمبالغات التي احيطت بها ، لاغراض سياسية او انتخابية ، فان الوقائع تشير الى ممارسات بشعة وانتهاكات فضة لحقوق الانسان تمت باسم الحكومة الحالية ومليشيات بعض القوى السياسية المؤتلفة فيها ، هذه الحكومة التي فشلت في خطابها الطائفي بادارة البلاد وتحقيق نجاحات ما ، وبدلا من المعالجة المتروية والمسؤولة لفضيحة معتقل الجادرية ، التي ادينت على نطاق واسع من مختلف الاطراف السياسية ومنظمات المجتمع المدني وساهمت في فتح ملف انتهاك حقوق الانسان من قبل مليشيات حزبية تعمل بشكل طائفي ، فأني وكمواطن ، فوجئت بالسيد وزير الداخلية ، خلال مؤتمره الصحفي ، وعصبيته اللافتة للنظر التي ظهر بها ، والتي لم تجعله يستقر في مقعده لحظة واحدة ، وكان يرفع صوته في اكثر من مرة بشكل وطريقة لا تليق برجل دولة عليه ان يلتزم الهدوء والدبلوماسية ، اضافة الى استغلاله المؤتمر الصحفي ، المخصص له بصفته وزير الداخلية العراقي ، واتباعه كسياسي اسلوب تصفية حسابات مع قوى سياسية اخرى ، عند الحديث عن الحزب الاسلامي العراقي ، الذي هاجمه علانية ، او حين تناول قضية ملفات تعود الى حكومة السيد اياد علاوي السابقة . واذا تركنا كل هذا جانبا ، فأن ما اثار استغرابي هو ان السيد الوزير لجأ الى اسهل الحلول للخروج من ازمته وورطته ، فبعد اعترافه بوجود المعتقل في قبو تابع لوزارة الداخلية ، واعترافه بوجود حالات تعذيب وان حاول التخفيف من درجتها والاستهانة بها ، وبدلا من التاكيد على موضوعة التحقيق وتوفير الادلة ومحاولة اثبات الحقائق التي تحفظ له ماء وجهه ، نراه وببساطة لجأ الى اسلوب الاتكاء على " شماعة البعث " ، فاشار الى " وجود بعثيين وضباط امن سابقين بين الكادر من ضباط المعتقل " ، ووعد " باجتثاث البعثيين من وزارته " وانه "سيكون اكثر حزما مع البعثيين" ، ولم يمض وقت طويل على زوبعة المؤتمر الصحفي ، وبموازاة تصريح السيد وزير الداخلية ، وحول فضيحة معتقل الجادرية ايضا ، صدر تصريح صحفي للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية ، الجهة السياسية التي يعتبر السيد وزير الداخلية احد قادتها ، ويشير التصريح ، المنشور في اكثر من موقع اعلامي ، الى اتهام مباشر لانصار المجرم صدام حسين ، " الذين نجحوا في التسلل الى وزارتي الداخلية والدفاع بممارسة عمليات التعذيب التي جرت في معتقل الجادرية " .
توقع العديد من المراقبين لما يجري ان السيد ابراهيم الاشيقر ( الجعفري ) ، رئيس الوزراء الحالي ، وبعد استدعائه من قبل الجمعية الوطنية العراقية للمثول امامها ومسائلته حول فضيحة معتقل الجادرية ، ومن اجل انقاذ نفسه ومستقبله السياسي فأنه قد يلجأ وامام الجمعية الوطنية الى طرح سحب الثقة من وزيره ، السيد بيان جبر صولاغ ، وعندها سنجد انفسنا سنعود الى السؤال ، عنوان هذه السطور ، وهو هل ان شماعة البعث ، التي اتكأ اليها السيد بيان جبر صولاغ ، ستحميه وتنقذه من نيران واجراءات الجمعية الوطنية العراقية ؟
ان تصفية اثار جرائم حزب البعث الفاشي لا تتم باتباع اساليب البعث نفسه بالارهاب والاغتيالات والتصفية الجسدية ، وانما عبر المحاكم العراقية العادلة ، اما محاولة الاتكاء على شماعة البعث كمبرر لوجود الانتهاكات والتجاوزات ، فليس الا جانب يعبر عن فشل الخطاب الطائفي والتبريري ، وسياسة تشكيل المليشيات ، وفشل الحكومة الحالية في تحمل المسؤولية لبناء عراق ديمقراطي فيدرالي ، يضمن حقوق الانسان وفق القوانين التي اقرها دستور العراق الجديد ، وإستخدام الوسائل الديمقراطية والإنسانية بالتعامل مع المواطنين ، بل وان هذا الاسلوب سيدعو الكثير من المواطنين العراقيين ، خلال الانتخابات القادمة ، الى التوقف جديا والتفكير بمسؤولية واعادة وجهات نظرهم في اعطاء اصواتهم لبعض الاطراف ، التي لم يقبضوا منها سوى كلاما ووعودا لم يحقق منها شئ ، ويحاول بعضها اعادة انتاج الديكتاتورية باساليب واشكال اخرى .

سماوة القطب