| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

يوسف أبو الفوز 
haddad.yousif@yahoo.com

 

 

 

                                                                                الخميس 12/7/ 2012

 

طلاب العراق والعالم وثورة الرابع عشر من تموز

يوسف ابو الفوز

لأول مرة تنشر رسالة تحية لطلاب العالم بخط الزعيم عبد الكريم قاسم

الزعيم عبد الكريم قاسم :
"كانت الثورة جهد جميع ابناء الشعب وقد لعب الطلبة دورا بارزا في النضال ضد الامبريالية وفساد النظام الملكي ، وان من اهداف الثورة محاربة الفساد وتحسين مستوى معيشة الناس !"

أعرف ان ضمن ارشيفي الشخصي ، ثمة مجلة قديمة ، تاهت مني وسط فوضى اوراقي وكتبي التي دائما ما تشعل نار حرب اللوم بيني وبين "شادمان" شريكة حياتي ، اخيرا عثرت عليها في زاوية من أحد الصناديق . انها عدد ثمين من مجلة ( اخبار طلاب العالم ) ـ WORLD STUDENTS NEWS ـ الصادرة باللغة الانكليزية ، عن منظمة "اتحاد الطلاب العالمي " ، من مقره في تشيكوسوفاكيا ذلك الوقت . أهمية العدد ، وهو مزدوج ويحمل الرقم 11ـ 12 ، تكمن في كونه صادرا عام 1958 ، تحديدا في شهر آب ويغطي احداث ثورة 14 تموز . حيث ثمة مقال أحتل الصفحات 22 ـ 23 ـ 24 كتبه الفقيد المناضل ابراهيم اليتيم (أديب ومترجم عراقي 1927 ــ 2008) * ، عبارة عن ريبورتاج طويل مصحوب بصور نادرة (ننشر بعضها طيا) .

يتحدث فيه عن القرار الذي اتخذته قيادة اتحاد الطلاب العالمي لأيفاده فورا ، بعد أيام من انطلاق ثورة 14 تموز ، الى بغداد للتهنئة بنجاح الثورة ودراسة الوضع لتكون قيادة اتحاد الطلاب العالمي في حقيقة ما يجري ، وكان أبراهيم اليتيم في حينها عضوا في هيئة تحرير النسخة العربية من مجلة الاتحاد (أخبار طلاب العالم) ويشغل موقعا قياديا في اتحاد الطلاب العالمي ممثلا لأتحاد الطلبة العام في العراق ، الممنوع من العمل العلني في عهد النظام الملكي ، الذي يقبع العديد من مناضليه في سجون النظام الملكي .

طلبت السكرتارية من أبراهيم اليتيم ان يكتب مشاهداته لمجلة اخبار طلاب العالم ليترجم فيما بعد الى كل نسخ المجلة التي كانت تصدر بثمان لغات . في بداية الريبورتاج ، الذي حمل عنوان ( من داخل العراق الحر ) يروي الكاتب اليتيم شوقه ولهفته لزيارة وطنه الذي اجبر على الابتعاد عنه سنينا طويلة ، اكثر من سبع سنوات ، ويذكر انه كان غير مصدق كونه سيزور وطنه العراق الذي حطمت ثورة 14 تموز جدار سجون العبودية ، وانه سيسير حرا في شوارع بغداد ويقول ما يريد وبحرية تامة .

يروي الريبورتاج المضايقات التي تعرض لها الطلبة وعموم الموطنين العراقيين العائدين من مختلف الدول الاوربية في طريقهم الى وطنهم حيث لا تزال السفارات العراقية تعمل وفق قرارات النظام القديم ، ويسرد ما حصل معهم في روما، حيث اجبر العديد من الطلبة للانتظار حتى تم السماح لهم بمواصلة السفر نحو بغداد .

يروي لنا الريبورتاج تجربة المرور بدمشق خلال طريق العودة ، حيث كان هناك الكثير من العراقيين ، من الطلبة وغيرهم يعدون العدة للعودة الى وطنهم، يقول " لم نكن نسأل عن اسماء بعضنا البعض ، كانت عيوننا المبللة بدموع الفرح هي من تحكي اكثر". ويتحدث عن اول اتصال له مع الطلبة العراقيين الذي جرى في مدينة الرمادي، التي وصلها بالباص، حيث كانت هناك تظاهرة كبيرة تستقبلهم عند محطة الباصات وتستقبل في نفس الوقت احد الطلبة الخارج من سجون نوري السعيد حيث كان محكوما بالموت لاسباب سياسية لكن ثورة تموز انقذت حياته (للاسف لم يذكر الكاتب اسم هذا المناضل) .

ويتحدث الريبورتاج عن الاجواء الحماسية والجميلة التي سادت هذا التجمع الجماهيري، حيث ان الشعارات المضادة للاستعمار الانكلو اميركي والامبريالية وشعارات تأييد الثورة والجمهورية تقاطع بين الحين والاخر القراءات الشعرية والاغاني الوطنية والفلكورية التي ساهم في تقديمها الطلاب والطالبات جنبا الى جنب . يقول كاتب التقرير ، الأديب ابراهيم اليتيم ، انه اخبر ضابط الكمارك بأنه يحمل رسالة وهدية الى الزعيم عبد الكريم قاسم ، فأجابه بانك ستقابله قريبا وفورا ، ويضيف الكاتب ان ذلك اثار استغرابه اذ هو يعرف ان مقابلة مسؤول حكومي تحتاج وقتا طويلا وسلسلة من التحقيقات والتفتيش .

ويضيف كاتب الريبورتاج ان الضابط وضعه فورا في سيارة عسكرية اخذته فورا الى بغداد والى وزارة الدفاع ليجد نفسه عند باب مكتب قائد ثورة 14 تموز ، الزعيم عبد الكريم قاسم ! . ويتحدث الكاتب أبراهيم اليتيم عن ظروفه الخاصة ، كيف انه لم ينم لمدة يومين في سفر متواصل تخلله حضور مهرجانات واجتماعات ، ولم يتوفر له الوقت ليستحم او يحلق ذقنه وكان ملابسه متغضنة ومتربة ، ولم ينقذه من الورطة سوى مرافق الزعيم الذي اجل موعد اللقاء ليومين ، حيث التقى كاتب المقال مع الزعيم عبد الكريم قاسم .

ابدى كاتب المقال اعجابه بحيوية ودماثة وبساطة الزعيم قاسم ، واشار الى كثرة ساعات عمله وكونه ينام على ارضية مكتبه في وزارة الدفاع ، وثم قدم له هدية رمزية بأسم قيادة منظمة اتحاد الطلاب العالمي ومعها رسالة التهنئة للجيش والشعب العراقي بنجاح الثورة ، وذكر الكاتب بأن الزعيم قال : " كانت الثورة جهد جميع ابناء الشعب وقد لعب الطلبة دورا بارزا في النضال ضد الامبريالية وفساد النظام الملكي ، وان من اهداف الثورة محاربة الفساد وتحسين مستوى معيشة الناس " (كم نحن بحاجة لمثل هذا الرجل الان !) ثم يذكر الكاتب ان الزعيم عبدالكريم قاسم كتب رسالة تحية لطلاب العالم نُشرت بخط الزعيم مع نص الريبورتاج.

ثم يتحدث الريبورتاج عن ان اتحاد الطلاب العالمي كان من اوائل المنظمات العالمية التي ايدت ثورة 14 تموز وتضامنت معها ، ويتحدث عن أتحاد الطلبة العام في العراق الذي تأسس في 14 نيسان عام 1948 كأول منظمة طلابية عراقية، والذي خاض النضالات ضد النظام الملكي وقدم العديد من الشهداء ودخل المئات من اعضاءه السجون ، وخرج للعمل الشرعي مع اول ساعات انطلاق ثورة 14 تموز ، وساهم بحيوية في تنظيم التظاهرات المؤيدة للثورة والجمهورية.

ويتحدث الكاتب عن زيارته الى كلية الطب حيث التقى مع بعض قادة أتحاد الطلبة العام في العراق الذين كانوا فقط وقبل اسبوعين يعقدون اجتماعاتهم سرا ويعملون بخفاء عن الاجهزة البوليسية ، وبعض من قادتهم كان غادر السجن قبل ايام . وتحدث المقال عن العراق الجمهوري المستقل الديمقراطي الذي منح الحرية للطلبة ومنظمتهم (أتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية) الفرصة للعمل بشكل شرعي والقى عليهم ذلك مهاما جديدة، وعرض للرسالة التي وجهتها سكرتارية أتحاد الطلبة العام الى جميع فروع الاتحاد في العراق والى عموم الطلبة حيث تشير الى ان نجاح ثورة 14 تموز فتح افاقا جديدة امام العمل الطلابي ، وبدأت مرحلة تختلف كثيرا عما سبق، وهذا يلقي على الاتحاد واعضاءه ومؤازريه مهاما جديدة وعديدة ، تتطلب العمل الجاد من اجل مستقبل زاهر وصيانة الجمهورية والديمقراطية والمساهمة في تنمية البلاد من خلال انجاز المهام الدراسية بتفوق .

ثم يعرض المقال لجولة الكاتب في الجامعات العراقية والحديث مع الطلبة عن امالهم واحلامهم ويعرض لقاء مع عضو اتحاد الطلبة (عادل محمد حسن) من المرحلة الثالثة في كلية العلوم ، الذي يخبره كيف انه صباح 14 تموز صحا مبكرا على صوت اطلاقات نارية فحدس انه تحرك عسكري اذ تم أخباره سرا من قبل مسؤوله الشيوعي قبل يومين فقط بأن يكون مستعدا لان ثمة حدثا مهما قادما ، فيقول عادل محمد حسن انه تحرك فورا للاتصال بزملاءه من اعضاء اتحاد الطلبة القريبين واذ سمعوا بيانات الثورة والنداءات تطالب بالتوجه الى القصر الملكي توجهوا بالسيارات واللوريات الى هناك وبدأت مجموعة منهم بكتابة الشعارات المؤدية للثورة على الجدران . ويضيف الطالب عادل محمد حسن انه في اليوم التالي عقد اعضاء الاتحاد اجتماعات في الكثير من شوارع العاصمة يشرحون للناس اهداف الثورة وضرورة دعمها والتصدي للقوى المضادة .

عضوة اتحاد الطلبة (فريدة الماشطة) ، الطالبة في المرحلة الثانية من طب الاسنان قالت للكاتب انها حالما سمعت الراديو تركت البيت لتلتحق بالجماهير التي توجهت الى شارع الرشيد ثم الى منطقة الكرادة ، وتشير الا ان الطالبات من اليوم الاول للثورة توجهن الى البيوت ليطرقن الابواب وليشرحن للنساء عن اهادف الثورة وضرورة دعمها . ويشير كاتب المقال الا انه سمع الكثير من القصص التي تشابه قصص عادل وفريدة ، ثم يختم الريبورتاج بالحديث عن الاجتماعات التي عقدها كاتب الريبورتاج بأسم اتحاد الطلاب العالمي مع اعضاء وقادة المنظمات المهنية ، طلبة وشبية ونساء، ويروي عن القبلات ـ على الخدين ! ـ التي حملوها له لطلاب العالم الذين واصلوا تضامنهم مع طلبة وشبيبة ونساء العراق في كل سنوات القهر االمظلمة .

 
طلاب كلية العلوم والفنون الجميلة في شارع الرشيد لتأييد الثورة              الطالبات التحقن بالمظاهرات


* ابراهيم اليتيم ( 1927 ـ 2008 ) وجد طريقه بشكل مبكر الى صفوف الحزب الشيوعي العراقي ، وعرف بنشاطه في منظمة "اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية " ، حيث احتل فيها مواقعا قيادية لسنوات عديدة، في نهاية خمسينات القرن الماضي ، كان ممثلا لطلبة العراق في العديد من المحافل الدولية ، ومحررا للطبعة العربية لمجلة " اتحاد الطلاب العالمي" التي كانت تصدر بأكثر من ثمان لغات . ولسنوات عديدة شغل عضوية الهيئة الادارية لاتحاد ادباء العراق ، الى جانب الجواهري الكبير ، وكانت لهما معا مشاركات عديدة في وفود الى مختلف دول العالم . كان يجيد بطلاقة ، الى جانب اللغة العربية التي يعتبر فيها عالما ومن المبرزين ، عدة لغات اجنبية، وله ترجمات ادبية منشورة من اللغة الانكليزية والفرنسية.


 

عن طريق الشعب العدد 218 الخميس 12 تموز‏ 2012 / ملف خاص بمناسبة الذكرى54 لثورة 14 تموز المجيدة
 

 

 



 

 

free web counter