| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان فارس

adnanfares_1@hotmail.com

 

 

 

السبت 28/2/ 2009



التلويح بإعادة كتابة الدستور العراقي... وعدٌ ام وعيد؟

عدنان فارس

ليست الدعوة الى إعادة النظر في الدستور العراقي الحالي بالامر الجديد حيث ان العديد من الكيانات والشخصيات السياسية والاقتصادية والحقوقية والقانونية من المشتركين في العملية السياسية والذين من خارجها وكذلك العديد من مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني قد ابدو ملاحظات نقدية واعتراضات على عدد ليس بالقليل من مواد وفقرات الدستور الحالي الذي كُتب على عُجالة وضمن أجواء استثمار ردة الفعل الطائفية، إثر سقوط صدام، التي سادت الشارع العراقي بتغذية وتحريض مباشرين من قبل القيادات الشيعية التي لم تألو جهداً ولم تدّخر وسعاً بهدف التكسب السياسي من خلال إشاعة وإذكاء الروح الطائفية.. ليس بخافٍ على احد ان القيادات الشيعية ومنذ سقوط صدام، وبكل إصرار وعناد، سائرة على هذا النهج، ولا ننسى ان الاستفتاء على الدستور قد تم حصراً في المناطق ذات الاغلبية السكانية الشيعية والكوردية.

لعل السيد نوري المالكي الذي ساهم هو شخصياً وحزبه ضمن الائتلاف الشيعي، الموحد سابقاً، في استعجال كتابة الدستور والاستفتاء عليه في مناطق معينة من العراق وتمريره في الجمعية الوطنية الشيعية الكوردية.. لعله هو آخر الداعين الى اعادة كتابة الدستور... ولكن السؤال لماذا الآن وفي هذا الوقت بالذات جاءت دعوة المالكي حيث تتوتر العلاقة الشيعية الكوردية؟ ماهي النوايا.. وماهي المواد والنقاط في الدستور التي ينوي المالكي مراجعتها وإعادة كتابتها؟..

اما فيما يخص آلية إعادة كتابة الدستور العراقي.. من سيراجع الدستور ويعيد النظر في كتابته.. هل هم انفسهم السياسيون المنحازون حزبياً وطائفياً وقومياً الذين كتبوا الدستور العراقي الحالي؟.. ان دساتير وقوانين الامم المتحضرة والامم التي تروم التحضر يكتبها أناس مستقلون سياسياً واختصاصيون في القوانين وحقوق المواطنة والاقتصاد الداخلي والخارجي والعلاقات الدولية القائمة على اساس التكافؤ والمصالح المشتركة وشؤون البيئة والسلام... اما أن حفنة من الطائفيين والقوميين وبرئاسة شخصية معممة حائزة على شهادة دكتوراه بالطائفية فلن تكتب سوى دستور مشوه وقوانين تقود البلد نحو التخريب والشرذمة.

قبل أكثر من سنتين وفي ظل زحمة الاستقالات والانسحابات من حكومة المالكي صرّح السيد المالكي بانه سيعيد تشكيل الحكومة على اساس مهني بعيداً عن المحاصصة الطائفية ولكن وبعد مرور هذه الفترة قد اتضح جليا ان تصريح المالكي لم يكن وعداً للشعب العراقي بتخليصه من داء المحاصصة الطائفية في ادارة شؤون الدولة والمجتمع بل كان تهديداً لكيانات وقوائم الوزراء المنسحبين بأن يعودوا الى صف المحاصصة وإلا سيُحرمون من نعيم المحاصصة.. وقد ثاب البعض من المنسحبين الى رشده والتحق مجددا بركب المحاصصة الطائفية أما اولئك الذين ركبوا رأسهم ولم يعدلوا عن غيّهم ولم يعودوا فقد تمّ استبدالهم وتقسيم حقائبهم الوزارية الشاغرة على أوفياء المحاصصة وبهذا اصبح العراق يحتل المرتبة الاولى في قائمة الدول الراعية للفساد الاداري الذي يعاني منه المجتمع العراقي، بكل فئاته ومكوناته، الامرين... كل الخدمات الاساسية وعموم مستوى الحياة اليومية في العراق تسير من سيء الى اسوأ.. أفضل مهنة الآن في العراق هي ان تصبح شرطي او جندي او ميليشياوي وبتزكية من امراء الطوائف الدينية والقومية والمناطقية. فهل عسكرة المجتمع بهذه الطريقة هي الاسلوب الأمثل لبناء وإعمار بلد خربه صدام وعساكره؟؟

السيد بريمر ارتكب أخطاء فادحة أبان حكمه العراق وان الذين تعاقبوا من بعده على حكم العراق، حكومة اياد علاوي وابراهيم الجعفري والآن نوري المالكي، متفقون في تشخيص اخطاء حقبة حكم بريمر.. ولكن دلّونا على خطأ واحد من أخطاء بريمر قد تم تصليحه خلال الخمس سنوات المنصرمة على يد واحدة من الحكومات الثلاثة التي اعقبت حكم بريمر!؟

شيء واحد فعله حسناً بول بريمر وهو انه قد حذر من اجراء انتخابات مبكرة في العراق حيث ان هكذا انتخابات سوف تأتي بأعداء الديمقراطية من اسلاميين طائفيين وقومجيين الى دسة حكم العراق ولكن هذا كان هو الشيء الحسن الوحيد الذي قاله بريمر والذي لم يأخذ به من خلف بريمر في حكم العراق... ولقد تم عقد وإجراء ثلاثة انتخابات تخللها استفتاء في ظروف شاذة كرست النفوذ الفئوي والمحاصصة طائفياً وقومياً وتهدد العراق الآن بالشرذمة على اساس هذه الولاءات اضافة الى الولاء الخارجي... كل المؤسسات القائمة حالياً في العراق، الرئيسية منها والفرعية، ينبغي إعادة النظر في بناءها وإعادة هيكلتها وفي المقدمة منها الرئاسات الثلاثة التي تشكل بصياغتها الحالية رمزاً وحماية لنهج المحاصصة الطائفية والقومية البغيض.. وقبل هكذا اجراء جذري ينبغي ويتوجب تنفيذ خطوات اساسية من شأنها تطبيع الاوضاع في العراق وفق نوايا حقيقية وصادقة يتم التوافق عليها بدافع المصالح العليا للشعب العراقي..

ومن اجل ان لاتتحول دعوة رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي حول إعادة كتابة الدستور العراقي من "وعد الى وعيد" لابد ممايلي:
- نبذ التكسب السياسي باسم الدين والطائفة والقومية وتحريم ذلك بتشريع برلماني، اتحادي واقليمي، تصادق عليه السلطتان التنفيذية والقضائية.
- تطبيع الاوضاع في محافظة كركوك وفق المادة 140 من الدستور العراقي الحالي ووفق المادة 58 من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الذي تم الغاؤه ماعدا المادة 58 والفقرة (أ) من المادة 53 وفق المادة 138 من الدستور العراقي الحالي:
يُلغى قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية وملحقه عند قيام الحكومة الجديدة،باستثناء ما ورد في الفقرة(أ) من المادة (53) والمادة(58) منه.
- السياسات والتدابير الامنية والاجراءات العسكرية في البلاد وحسب الدستور العراقي هي من اختصاص وزارتي الدفاع والداخلية ولا يحق لأي مسؤول في الدولة وبضمنهم رؤساء السلطات الثلاثة ان يكوّن حلقات او مجموعات مسلحة خاصة.. وإلا فهذا خروج على القانون.
- قوات بيشمركَة كوردستان العراق وحسب الدستور العراقي هي احدى تشكيلات الجيش العراقي المرابطة في اقليم كوردستان العراق وقيادة البيشمركَة هي جزء اساسي من قيادة وزارة دفاع الدولة العراقية.


27 / فبراير / 2009



 

free web counter