| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالباقي فرج

 

 

 

 

الأربعاء 21 /12/ 2005

 

 

 

عقدة الأغلبية المطلقة ... !
 


عبد الباقي فرج

لم يشهد العراق والمنطقة بشكل عام تقاليداً ديمقراطية لكوننا لم ندخل بعد عصر الديمقراطية ! ، ولذا أؤكد جازماً بعدم وجود أيّ حزب أو حركة سياسية أو طائفة لا تعمل من أجل الحصول على الأغلبية المطلقة سواء كانت في الحكم أو في المعارضة ! ، وهذا متأت بالضرورة من قناعات هذه القوى بتفردها بإمتلاك الحقيقة ! وهذه هي أم وأب المصائب إن شئت .
في عراق ما بعد الدكتاتورية وفي أول تجربة إنتخابية تقدم حكومة دائمة ولمدة أربع سنوات ، ساد جدل بناء وبذلت جهود كبيرة من قبل القوى العراقية وقوات التحالف والمحيط العربي لإشراك ممثلي السنة العرب وبالتالي إنهاء معارضتهم المسلحة للبدء في بناء العراق الجديد ، ولذا توقعنا حملة إنتخابية عنيفة وطائفية وقومية ومناطقية تتناسب والواقع العراقي الذي أنتجته الدكتاتورية وكرسته القوى المستفيدة منه ، لكن والحق يقال لم يذهب خيال أي متتبع للوضع العراقي إلى ما مضت إليه تلك الحملات الضارية في المناطق التي تتنافس فيها أكثر من قائمة وأكثر من طائفة فتجاوزت الأمور ، التكفير وتزييف الحقائق والتشهير إلى التصفيات السياسية والإجتماعية والجسدية ولم ينته الأمر عند هذا الحد ! ، فلقد تم حدوث تزوير في كل مناطق العراق ولكنني سأتوقف فقط في الجنوب العراقي الذي أنتمي إليه والذي تسوده طائفتي الشيعية و التي يتمتع فيها الإئتلاف الموحد بشعبية كبيرة ولا يعترض أحد على نيل الإئتلاف غالبية مقاعد الجنوب وجزء من بغداد ولكن السؤال الذي فجره إعلان النتائج الأولية ل90% من الأصوات هو :
ماذا سيخسر الإئتلاف لو ألتزم بحملة إنتخابية تليق بدماء الشهداء والرموز الدينية والشعارات الكبيرة التي يقف خلفها ؟
وكم سيخسر الإئتلاف لو إبتعد عن التزوير [ والذي لن يتجاوز ال20% على الأغلب ] مهما قال خصوم الإئتلاف ، لينال هذا الإئتلاف على 90 مقعد أو أكثر قليلاً دون أن يلجأ إلى ما لجأ إليه من أعمال تفقده الكثير من مقاعده إن لم تعيد إجراء الإنتخابات في أي دولة ذات تقاليد ديمقراطية أو قل لن يحدث هذا أصلاً في مثل تلك الدولة ! .
لماذا إذن هذا الإصرار على ـــ كسر العظم ـــ مع الآخر وليته كان مع البعث كما يدعون ! ، فالبعثيون ـــ ماشاءالله ـــ في كل القوائم ، دون إستثناء ، تناثروا بقعاً سوداء لا تشرّف أحداً .
ثم أين الديمقراطية من لغة الفائز والخاسر ؟ فالسيد صالح المطلق يهدد علناً باللجوء إلى السلاح إن لم يعاد النظر بالنتائج ! بينما وقف الفائزون يتحدثون من عل ٍ وبلغة غريبة ! ، فحين يسأل أحدهم عن الممارسات المنافية لأبسط التقاليد الديمقراطية يرد قائلا ً [ نحن لن نسعى لتكميم أفواه الناس !] ، وكأن أفواه الناس لا تتحرر إلاً بكيل الشتائم والتهديدات والرصاص والنار على المنافس ! ومن إن المسلحين بالرشاشات والقاذفات والإشاعات والفتاوى الوهمية هم رجال الشرطة والجيش وهو يعلم والناس تعلم إن ليس كل المسلحين تابعين للقوات المسلحة العراقية وإن من ساهم من هذه القوات أو دعم أو وقف يتفرج على الممارسات المشينة لذوي الألبسة السوداء من قتل وحرق وترهيب وتزوير ، لا يستحق أن يعد من القوات العسكرية التي ـــ يفترض ـــ إن مهمتها الأساسية هي تطبيق القانون وبالتالي الدفاع عن حق أي طرف في التنافس الديمقراطي ... أليس كذلك ؟
هل حدثت هذه الممارسات في جنوب العراق فقط ؟
أجزم إنها حدثت في أماكن عديدة ولكن بنسب أقل لعدم وجود منافس حقيقي ، لهذه الحركة أو تلك كما حدث في الجنوب العراقي ! .
إنها العصابّة الأيدلوجية التي وضعت كل القوى الشمولية على دربها الوحيد الأحد ... صراطها المستقيم ... الحقيقة التي تملكها وحدها !، وهاهو التاريخ القديم والحديث ينبئنا : إلى أيّ نفق مظلم قادت تلك النزعة الهادفة إلى كسر عظم الآخر بنيلها الأغلبية المطلقة ! .