| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالباقي فرج

 

 

 

 

الجمعة 21 /10/ 2005

 

 

 

البعث بين المحاكمة والمصالحة !
 


عبد الباقي فـرج

في العام 1980 حاولت وصديقي جمال سلطان اللجوء إلى سوريا عبر قضاء القائم أو بوابة الموت البعثي السورية هذه الأيام ! ، ولم نستطع فمن قصدناه طلب منا العودة إلى بغداد والقدوم ثانية بعد أسبوع لكنه حذرنا من إننا سنقع بيد البعثيين ـــ فهذه المدينة صغيرة وأهلها يميزون الغرباء على حد قوله ! ـــ وبالفعل وقعنا بيد البعثيين عند أول حاجز وكأنهم جاءوا خصيصاً لإلقاء القبض علينا ولكن دون وشاية من صاحبنا وإنما لكوننا غرباء وفي منطقة محاددة لغريمتهم الفردة السورية من البعث !، وبعد ساعات من التهديد والوعيد والشتائم بحق البصرة والجنوبيين ، الشراگوه ـــ وكأن حصيبة من الريف الأنگـليزي ـــ ! أطلقونا فعدنا وسائقنا ــ الشروگي ـــ وإن وُلد أبيه في بغداد التي عدنا إليها لأغادرها في ذات الليلة إلى بابل بينما ألقي القبض بعد أيام على صديقي الشهيد جمال سلطان نتيجة أنهيار أحد الأصدقاء تحت التعذيب ، عـُذب جمال الوسيم ، ذو الصوت الرخيم والأمنيات النبيلة في سجون صدام حسين ليعدم ومجموعة كبيرة من الأصدقاء البصريين من شيوعيين وإسلاميين ومنهم أخي الإسلامي الشهيد عبد الحسن فرج في العام 1983 الأسود وأي من أعوام البعث لم يكن أسود ؟! .
لم تكن هذه المقدمة للطعن بعراقية حصيبة وأهلها ، لا ، إنما حضرتني لإن قتلة جمال والملايين من العراقيين سواء قتلوا تحت التعذيب أوفي الحروب أوكمداً في عراق ضاق بأهله أوفي منافي ألله الواســعـة !يمثلون الآن أمام محاكمة حقيقية لا نريد لها أن تكون مصالحة خارج قاعة المحكمة مع من لم يمثل للمحاكمة من البعثيين وغير البعثيين وحتى من بعض ضحاياهم ممن يحملون ذات الفكر العنصري ، القائم على إقصاء الآخر .
رغم كلّ ما قيل من ملاحظات حول المحكمة التاريخية للبعث ورموزه ، عن حلم وهدوء القاضي أو عن تطاول السافل صدام أو التقنية البائسة بحق إلاّ إنها محاكمة لا للبعث ورموزه فقط بل لكل الطغاة الموتى منهم والأحياء ، المتجبرين منهم والمندحرين ، ومن يبتغي السير على طريقهم وإن بقميص آخر وخطاب يفسر الديمقراطية على إنها وسيلة لأرتقاء الحكم وتحقيق غايته في فرض لونه الوحيد الأحد ، المتفرد ... إلى آخر الصفات المورثة دكتاتورية ً بالضرورة !، إن محاكمة العصر بدأت تواً والطغاة وأذنابهم بأعاجمهم وعربانهم هرعوا للإلتفاف على المحاكمة التي ستؤرخ لشرق جديد ، فخرجوا علينا بنظرية المصالحة !!! ؟ .
المصالحة بين من ومن ؟
بين قوى سياسية تختلف كثيرا وتلتقي عند هدف واحد هو خدمة العراق ؟
بين طائفتين ؟
بين عشيرتين ؟
بين زوجين ؟
بين من ومن ؟
بين القاتل والقتيل إذاً تريدونها مصالحة ً ؟
بين ماض ولـّى بفعل ملايين الشهداء وحاجة العالم للتخلص منه وفي مقدمة هذا العالم يقف الأميركان وحلفاؤهم الذين أكتشفوا بعد تجارب ودّ ٍ دامت طويلاً إن شرقاً يتحكم فيه الإرهابيون من بعثيين وظلاميين يشكل خطراً حقيقياً لا عليهم فقط بل على العالم أجمع فزحفوا بجيوشهم وكأنهم أستمعوا بعد دهر لأنين الملايين من العراقيين ، قتلى وأحياء قتلى ، فحدث ما أسس لشرق جديد رغم وعورة الدرب التي يستميت بقية ألله من الطغاة ـــ جلّ ألله وعلا على بشاعاتهم وشهواتهم الدنيوية ـــ لإعادة حراب الزمن إلى الوراء ولكن هيهات أيها السفلة !
تريدونها مصالحة إذاً وليس محاكمة ؟
قالت الناس ـــ رغم كل هذا الخراب الرهيب ـــ ليكن مؤتمرا ً توافقياً بين العراقيين فقط ... فمن تلطخت أيديهم بدم العراقيين وأنين العراقيين وجوع العراقيين ومال العراقيين وكوبونات نفط العراقيين وآثار العراقيين وأدب العراقيين ... لا ...
لا مكان لهم في هذا المؤتمر وغير ذلك سيكون مؤتمر مصالحة بين البعث القاتل والعراق القتيل ! .