| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي فهد ياسين

 

 

 

                                                                                 الأربعاء 7/9/ 2011



الشعب يدفع تكاليف الهروب !!

علي فهد ياسين

تتسابق وسائل الأِعلام , منذُ ( أِعلان النار ) الذي أطلقه الخالد ( البوعزيزي ) في تونس , لأِقتناصِ لحظات هروب القادة والدوائر المحيطة بهم خلال ثورات الربيع العربي , في سلسلة من التداعيات تمثل أنهياراً حقيقياً لمنظومةٍ عفنة كانت مهمتها الرئيسية تنفيذ أجندات الغرب في صفحات الحرب الباردة بأشكالٍ مختلفة ومضمونٍ واحد حقق أهداف أمريكا في نظرية القطب الأوحد لبعض الوقت , قبل أن يستعيد العالم توازنه وتتعدد أقطابه التي أجبرت أمريكا على البحث عن بدائل لأصنامها القديمة في سيناريو جديد يتوافق مع ثورة المعلوماتية, شرط أن يؤًمِن تدفق النفط من ينبوعه العربي بأوامر من حكامٍ جدد سيدربون لاحقاً على ( تنشيط قدراتهم للأِستدلال على موقع التوقيع تحت الطاولة ) !.

التواقيع تحت الطاولات ليست جديدة على السياسة عالمياً وعربياً وعراقياً , والأمثلة عليها لاتحتاج الى تذكير , لكن تنشيطها في واقعنا الآن بعد سقوط الدكتاتورية البعثية العفنة يعتبر جرماًمشهوداً بحق الشعب بعد ضرائب الدم والتهجير والجوع وضعف الخدمات والبطالة وووو من السلسلة الطويلة التي لانستطيع جمعها والتي يتحمل مسؤوليتها كل من ( يحكم بلسانه أو قلمه )رئيساً لمنظومة في أعلى السٌلم السياسي أو مسؤولأً عن عمال نظافة في مكتب رئيس !!.

النظام الدكتاتوري السابق كان محكماً بفكر صدام وأساليبه , وهو في ذلك مفهوم , وحين نستعرض تفاصيل سنوات القهر والدمار التي تعرض لها الشعب , لانأتي بجديد ولانريد أن نستعرض الشطارة على شعبنا الأشطر منا ومن جميع الكتاب حين يتعلق الأمر بتفاصيل الاجرام البعثي الذي أستهدفنا جميعا لهدفٍ أوحد هو (مخافة القائد قبل الخالق), والتي على أساسها كان اللقاء مع (الشيطان !) تبريراً لقادة اليوم , كي يخدموا شعبهم , وسقط الأوحد وأنتظر الشعب (الموحد) ما يحلم به من قادة توافقوا على نبذ الدكتاتورية وتبني مفهوم العمل الجماعي في بلدٍ عانى من التفرد طوال تأريخه , أول غيث قادة الشعب , أن صوتوا للدستور , وصوتنا ! وبعدها الشعب بملايينه يحترم الدستور وقادته المنتخبين لايحترموه !.

بعد دورتين اِنتخابيتين , عنوانهما الديمقراطية, نعود من جديد الى الفوضى السياسية التي من اكبر عناوينها عدم تحمٌل السياسيين مسؤولياتهم , لابل أستهتار السياسيين بالضوابط التي توافقوا عليها من خلال حجم الفساد المخزي الذي يتوٍج رؤوسهم بتفاصيل تجاوزت كل المقاييس لتكون شهادة للحكومات العراقية المتعاقبة قبل ثورة تموز , بأنها أنظف أداءاً ومسؤولية وكفاءة من حكومات التوافق العراقية التي أخزت ناخبيها الموشحين بدماء ضحاياهم !.
منذُ التاسع من نيسان 2003 والى الآن , لم يشهد الشعب سياسياً يستحق تضحياته !, والدليل على ذلك ليس صعباً أو مستحيلاً , لأن جداول المناصب من أعلاها الى أقلها شأناً تدر على شاغليها المنافع التي وفرتها (العملية السياسية) العقيمة التي أِعتمدت الدم بديلاً عن العقل في بناء العراق ,وأفضت الى تكويناتٍ سرطانية لاعلاقة لها بالشعب والوطن وكل ماهو أِنساني لأن ذلك يتعارض مع مناهجها الخادمة لمصالحها أولاً , وأجندات اِنتماءاتها المتنوعة ! , وهي في ذلك شأنها شأن الحكام الهاربين في تونس ومصر وليبيا , لكن الفرق بينها وبين أولئك هو خرائط الهروب وفي العراق لازال هناك متسعاً للفاسدين ولم يحن الوقت لهروبهم .

الهاربون من المسؤولية في العراق يتوافقون على سكِ عملةٍ واحدة , الوجه الأول لها تتزاحمُ فيه صورٌ للهاربين من السجون من عتاة قتلة الشعب اِضافة الى حيتان سرقة المال العام من حملة الجنسية المزدوجة وسرًاق المال العام الجاثمين على صدور العراقيين ومزوروا الشهادات الدراسية ووو من العناوين التي يعرفها الوطنيون الحقيقيون ويعرفها الشعب العراقي , والوجه الثاني للعملة يتزاحم فيه تجار السياسة المتنابزون على المناصب والمتوافقون على حماية أذيالهم في الوجه الآخر للعملة ,وهؤلاء جميعهم هاربون بغض النظر عن مواقع مسؤولياتهم خدمةٍ لمصالحهم ومصالح سانديهم من ( غير العراقيين ) دولاً اِقليمية أو عالمية , والشعب وحده المبتلى بعملتهم ( التنك ) التي يجنون منها أرصدتهم بالدولار , وهم عارفون أن أرصدتهم الحقيقية في ذاكرة الشعب العراقي عنوانها الصفر !.

أمام هذه اللقطة من اللوحة العراقية التي تحتمل ملايين اللقطات , ينتظم البرلمان العراقي أمس بحضور 200 نائب من مجموع نوابه ال 325 !, ويكون بذلك 125 نائب لايختلف توصيفهم عن الهاربين من السجون ! , لأن من يتخلف عن اداء مسؤولياته في هذا الظرف بالذات لن يكون مخلصاً لناخبيه ولالشعبه الذي اختاره لمنصبٍ (يحسده عليه كل برلمانيي العالم لما يدره من ثرواتٍ وأمتيازات) ينتظر منه عملاً وطنياً حقيقياً يخرجه من كابوسٍ لا يحتمل !.

النواب المتغيبون عن جلسات البرلمان لابد أنهم ينفذون أجندات كتلهم ويمتثلون لأوامر قادتهم وليس لتكليفِ ناخبيهم , وهم بهذا التوصيف ممتنعون عن أداء اعمالهم ضمن هيكل الدولة العراقية ! , ولأنهم قادة وفي أعلى منصب من مناصب الدولة العراقية , ومحكومون بدستور وناشدوا الشعب لقبولة , سيكونون في تخلفهم عن حضور أي جلسة من جلسات البرلمان , هاربين من مسؤولياتهم التي يتقاضون عليها ,أضافة الى قيمتها الأعتبارية , رواتباً محسوبة ضمن ميزانية الدولة وهي اصلاً من أموال الشعب , لذلك يكون الهارب من السجن كالمتغيب عن جلسة البرلمان , المستلم لراتبه دون عمل , لكن الفرق بينهما أن الهارب من السجن قاتلاً بالسلاح والمتغيب عن البرلمان قاتلاً بالغياب !.
 

 

 

free web counter