| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي فهد ياسين

 

 

 

                                                                                 السبت  2 / 8 / 2014



الشعب يقاتل والسياسيون يجتمعون في المنازل ..!

علي فهد ياسين

حين تتعرض البلدان الى ظروف استثنائية , نتيجةً للكوارث الطبيعية أو الحروب أو ماشابهها , تتكاتف قواها الرسمية والشعبية لمواجهة تلك الظروف والخروج من تأثيراتها السلبية بأقل الخسائر المادية والبشرية لتعيد البلاد الى وضعها الطبيعي , ساعية الى الاستفادة من تلك الاحداث لتصحيح مساراتها السياسية وبرامجها , وصولاً الى اداء افضل يخدم الجميع .

لقد توالت الاحداث غير الطبيعية في العراق منذ عقود الدكتاتورية , واستمر الحال على أسوء ماكان عليه سنة بعد أخرى , على الرغم من أن أطراف الأزمات العاصفة بالعراق خلال العقد الماضي , كانوا ولازالوا يأخذون على النظام السابق فرديته التي اتت على فرصة البناء الذهبية التي توفرت له بعد تأميم النفط في العام 1972 , وأنهم سيكونون البديل الجمعي المناسب لتعويض الضحايا عن جرائمه , وبناء البلاد على اسس ديمقراطية .

وبدلاً من أن يأخذو من الديمقراطية دوائها الشافي لنزعاتهم التسلطية , أضافوا اليها خلطاتهم الطائفية والشوفينية التي أفسدتها وشوهتها وجعلتها المتسببة في الخراب العام الذي ضرب اركان الدولة ومؤسساتها وبدد ثروات الشعب واعاد دورات الدم التي كان العراقيون يستبشرون بالخلاص منها بعد سقوط مُشعل الحروب وعرابها .

لقد تعرض العراق منذُ سيطرة عصابات داعش على الموصل وماتبعها من تمدد مستمر خلال الاسابيع الماضية ومايزال , الى واحدة من أخطر الهزات المهددة لوحدته وسلامة شعبه , بعد فصول من الوحشية والبربرية التي اعتمدتها تلك العصابات منهجاُ مدروساً لاثارة الرعب في صفوف المتصدين لها من القوات النظامية والمتطوعين , وزادت عليها بتهجير المسيحيين والطوائف الاخرى , وسبقتها بترتيب عسكري مخابراتي دولي ساند , لتحييد قوات الجيش وانسحابها غير المفهوم من مواقعها داخل الموصل وحولها , ثم باقي المناطق الاخرى , لتهدد العاصمة والنظام برمته , دون ان تكون ردود الافعال من السياسيين المسؤولين عن كل ذلك بحكم مواقعهم الوظيفية وسلطاتهم , بمستوى هذا الحدث الجلل , لاقبل وقوعه ولاخلاله ولابعد وصوله الى ماهو عليه الآن .

لقد استمر السياسيون بتناحرهم الفارغ وغير المجدي , خلافاً لماتفرضه الاحداث عليهم من ضرورات العمل المشترك لحماية ارض العراق وشعبه , فيما يقاتل ابناء الشعب المتطوعين جنباً الى جنب مع القوات الامنية والجيش, تلك العصابات المدججة باسلحة عراقية هذه المرة , ويقدمون التضحيات من دمائهم الزكية , وعلى الجانب الاخر يسترخي السياسيون وقادة الاحزاب وبطاناتهم طوال الفترة الماضية , وخلال العشرة ايام الاخيرة التي أعلنوها عطلة رسمية بمناسبة الـ ( العيد ) , وكأنهم في بلد مستقر أمنياً ومتطور اقتصادياً بجهودهم الفذة .

لقد طلع علينا قادة الكابينة السياسية في العراق ببدع جديدة على العمل السياسي في البلدان الخارجة من الحروب والدكتاتوريات , ومنها بدعة اللقاءات السياسية والاجتماعات في المنازل , فاليوم يستضيف فلان اجتماعاً سياسيا في بيته لمعالجة ازمة ما , وغداً يرد عليه الآخر بالدعوة الى اجتماع مماثل في بيته هو , وكأن مؤسسات الدولة ومواقعها الحكومية العليا ليست مناسبة لتلك اللقاءات , التي حولوها الى لقاءات شخصية لتفكيك ازمات تهدد كيان العراق , دون ان ينتبهوا الى انهم بذلك يساهمون في اضعاف هيبة الدولة وشروط العمل في مواقعها العليا التي تمثل عناوين رئيسية في العمل السياسي المعتاد في كل دول العالم , وياليت اجتماعاتهم كانت مثمرة كي يغض الشعب الطرف عن اماكن حدوثها التي هي أصلاً أملاكاً عامة ليس من حق الساكنين فيها اشغالها قانوناً !.

هذه دعوة للسياسيين الذين يشغلون مواقعاً مهمة في هياكل الدولة العراقية , وخاصة أصحاب القرار الذين تخولهم تلك المواقع الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور والقوانين النافذة , أن يقوموا بمامفروض القيام به للوقوف مع الشعب الذي يواجه القتلة والمجرمين من عصابات داعش وباقي العصابات الاخرى, ليساهموا بشكل فعال في حماية الشعب والحفاظ على كيان الوطن الذي يتنعمون بخيراته , ومن دون ذلك لن تكون لاجتماعاتهم بالمنازل قيمة ترتقي لمستوى الاخطار التي تحيق بالشعب والوطن في هذا الظرف العصيب .



 

free web counter