| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي فهد ياسين

 

 

 

السبت 29 /1/ 2011

 

غياب القرار يغيًب الاستقرار

علي فهد ياسين

لم تتوقع أكثر دوائر المخابرات مهنية ما حدث في تونس مع كل أكداس ملفاتها وأنشطة عملائها ومواقع رصدها المخفي والمعلن , فقد أجبر أحرار تونس أصحاب الوجوه الصفراء على التحديق في وجوه بعضهم في لوحات سريالية أعادت الى الذاكرة ضربات فرشاة بيكاسو!!!

واليوم يعيد أحرار مصر الشاشة الى موقع العرض ليتواصل الحفل الذي طال أنتظاره والمنقول على جراح الشعوب التي عانت ولاتزال من أنظمة القهر الجاثمة على صدورها منذ عقود والمسنوده من طغاة العالم الجديد كصمامات أمان لترويض الشعوب وتحويلها الى قطعان تجري وراء لقمة العيش التي تتحكم بها عصابات السلطة المتحالفة مع مصاصي الدماء من أصحاب رؤوس الاموال المقسومة بين السلطة والافاقين المستحوذين على الثروات والمهيمنين على الاقتصاد الذي تخطط له السلطات ليكون على مقاساتهم ,والمباركين من شريحة مايسمى بعلماء الدين المختارين من مطبخ السلطات ليكونوا خطباء للجمع في مساجد يلوذ بها الفقراء الذين يمثلون السواد الاعظم من شعوبنا عللًها تجيرهم من ضنك العيش وتهديهم للسراط المستقيم بعد أن فقدوا كل أمل في الحياة , وبدلا من أن تتضمن خطب الجمع تذكيرا للناس بقول علي بن أبي طالب الشهير والصالح لكل العصور (عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج شاهرا سيفه !!!! ) فأن كل خطب هؤلاء تحظ على ضرورة طاعة أولي الامر الذي يمثل طغاة الحكام الان نماذجها المخزية .

الان وقد شهد العالم سقوط جلاد تونس قبل أسابيع وتحول سدنة جوامعه بلمح البصر الى دعاة بثوب جديد مستفيدين من قدرة الحرباء على نزع جلدها وسيحذوا حذوهم رفاقهم في الرهط في جوامع السلطة في مصر ليكونوا مواكبين للتحولات المدفوعة أثمانها من دماء الفقراء , سنعود من جديد الى اسطوانة أولي ألامر وضرورة طاعتهم وسيستمر أعتماد أذناب السلطة في ترويض الناس وفقا لمناهجهم السابقة وكأنهم صالحين لكل العصور .

لقد أطل جلاد تونس قبل هروبه من شاشات التلفاز في خطاب بائس يعترف به بسواد الوجه بعد ثلاثة وعشرين عاما من الطغيان بسذاجة لا تتوافق مع موقعه كرئيس مثلما أطل جلاد مصر بنفس السذاجة , وكأن ألاثنان يصفعون شعوبهم في أخر لقاء عندما يحاولان التشبث بالسلطة وطلب فرصة لاصلاح ما أفسدوه طوال عقود وكأنهم لم يتعمدوا الفساد ولا الجرائم وتدمير بلدانهم التي هي لولا طغيانهم لابد أن تكون بلدان خير على أبنائها .

ألاصل في كل ما حدث في تونس ومصر وما سيحدث في بلدان أخرى في فضائنا العربي هو عدم وجود قرار لصالح الشعب , لان شعوبنا حافظة في ذاكرتها أدق التفاصيل المسؤولة عن نكباتها وبؤس حياتها وهي عارفة تماما بأنها تستحق حياة أفضل بكثير مما هي فيه , وهنا يجب التوقف بحكمة ووعي لحالنا في العراق الذي أنتظر طويلا وقدم شعبنا في هذا الانتظار مئات الالاف من خيرة أبنائه من أجل حياة كريمة يستحقها منذ عقود , فلينتبه ساسة العراق الى أن غياب القرار الوطني المجرد من منافعهم ومنافع أحزابهم هو الاساس في كل تضحيات العراقيين منذ سقوط عصابة البعث , فأن لم ينتبهوا وأصروا على مناهجهم غير المجدية الى الان فكأنما أختاروا نفس طريق الطغاة بأرادتهم متناسين تجربة أعتى جلادي العراق الذي لم يدافع عنه أحد فقدم نفسه للعالم جرذا في حفرة ستتذكرها الاجيال و سيسيرون في طريق لا أشك في نهايته مضافين لقائمة فتح صفحتها الاولى جلاد تونس حين تنطلق شرارة في مدينة عراقية تتبعها حرائق في كل مدن العراق , حينها لن يكون لاحد شفيع لان صحائف الجميع يخجل منها البياض بعد ثمان عجاف لايسع المجال لتفاصيلها ولان شعبنا أخبر مني في صورها التي يعيشها على أرض العراق .

 

free web counter