| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي فهد ياسين

 

 

 

                                                                                 الجمعة  28 / 3 / 2014



نقولُ شُكراً لمن يستحقها ..!!

علي فهد ياسين

لأنها الجمعة التي يزدحم فيها بيتنا في الناصرية بالأحفاد وعوائلهم , وهو تقليد أعتدنا عليه في حياة أبي ومازال مستمراً , أتصل أخي مستفسراً عن عدم وجودي على برنامج ( السكايب ) الذي أعتدنا على التواصل من خلاله , أعتذرت لتأخري عن موعدنا الأسبوعي , وبعد دقائق طالعتني وجوه الأطفال التي أحتلت المشهد كباقة ورد ملونة تتدفق منها الحركة والضحكات والأشارات الممزوجة بأصواتهم العذبة التي تفتح لنا أبواب البهجة كل أسبوع متقدمين على آبائهم ومُفتتحين كعادتهم برنامجنا المجاني للتواصل بالصوت والصورة , الذي يُخفف علينا قسوة الغربة التي نعيشها ويتندر علينا حين نعلنها احبتنا في داخل الوطن , وهم مُحقون في ذلك , لأن فقدان الأمن لا يمكن مقارنته بكل عناوين القسوة مجتمعة , وهم محقون , ونحن لا نزايد على معاناتهم ولا نُجادلهم في موضوعة التندرعلى ما نشعر به , وقد يكون ذلك هماً مُضافاً لهمومنا معاً .

على الجانب الآخر من تواصلي عبر برنامج الـ ( السكايب ) , كُنتُ أفتقدت عمتي الساكنه في بغداد خلال هذا الأسبوع , لأنقطاع الأنترنت في بيتها لعدم تجديد الاشتراك في موعده , عمتي ( أُم الشهداء ) التي أتصل بها بين الحين والآخر بسعادةِ لا توصف , لأنها واحدة من أعمدةِ بنائي الفكري والأجتماعي مُنذُ أربعة عقود ومازالت بحكمتها وأتزانها ودقة وفائدة ارشاداتها , رغم تجاوزها التسعين , وهي شهادة أحترم نفسي حين أعلنها بثقة كما كنت مُعلناً لها طوال عقود قُربي الحميم منها , في سنوات العسر والارهاب الأمني المقيت لعصابات البعث مُنذُ نهاية سبعينات القرن الماضي , وتواصلاً في غربتي لأنها تستحق تواصلي معها مادُمنا معاً على قيد الحياة , عمتي هذه الحكيمة , قالت أمس في الهاتف حكمةً لا تُنسى , قالت بلهجتها المُحببة لنفسي ( يُمًه .. التلفون ما يشفي .. وما يعوًض عن هاي الحديده !! ) , وهي تقصد اللابتوب الي كانت تستخدم فيه برنامج ( السكايب ) , لأن الهاتف لا يوفر الصورة مع الصوت .

على هذا الكوكب ( الأرض ) , الذي لا يمثل أكبر من حبة ( رز ) في الكون العظيم , والذي يعيش على سطحه ما يقرب من سبعة مليارات من البشر ومئات المليارات من الأحياء الأُخرى , أجتهد العلماء في أبحاثهم لتسهيل الحياة عليه وديمومتها ومازالوا في برامج أبحاثهم يجتهدون للوصول الى الأفضل , هؤلاء العلماء لا يهمهم أسماء البشر على الكوكب ولا دياناتهم ولا لغاتهم ولا لون بشرتهم ولا جغرافية بلدانهم ولا جنسهم ولا ولا ولا , ما يهم العلماء على أختلاف مواقعهم هو الوصول الى نتائج أبحاث توفر للبشرية جمعاء حياةً أفضل .

أنا, ومن البيت الذي أسكنه في المانيا في مدينة بادن بادن , والذي لا يُشكلُ نقطةً في محيطات سكن السبعة مليارات انسان في هذا العالم الفسيح , من واجبي الذي تفرضهُ أخلاقي والفكر الأنساني الذي أحمله, أُقدم خالص شكري وأحترامي لكل عالم في هذا الكون المترامي الأطراف , كان ساهم في تمتعي بالبهجة التي يوفرها لقائي مع من أُحب عبر المسافات التي تبعدني عنهم , ان كان بالصوت أو بالصورة المرافقة , وأقول لهم جميعاً أن جهودكم التي وفرت لنا ذلك تستحق منا العرفان والاعتزاز في هذا الوقت وعلى مدى تأريخ البشرية .

أذا كان كل خادم للبشرية يستحق الأحترام والشكر من البشرية جمعاء , فأن من حقنا ونحن جزء من هذه العالم الفسيح , أن نسأل أنفسنا .. مَن مِن السياسيين الذين وصلوا للسلطة في العراق يستحق أن نقول له شُكراً طوال الخمسة عقود الماضية من تأريخنا , وهل يعرف السياسيون أن في العراق الكثير من العلماء المساهمين في التطور العلمي على مستوى العالم , كان الأولى أن يشع ضوء جهودهم من بغداد بدلاً من أن تُحسب لبلدان الشتات التي أختاروها مرغمين فضائل أبحاثهم النافعة للبشرية ؟ , وهل هناك من سبيل الى عودة الكفاءات العلمية العراقية كي تساهم في بناء الوطن وسط أجواء الحرية الحقيقية التي بدونها لا يمكن أن يحتضن الوطن أبناءه المبدعين في الداخل والخارج ؟.
 

free web counter