| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي فهد ياسين

 

 

 

                                                                                 السبت 27/8/ 2011



داود أٌوغلوا : أذا لم تقتلوا أُخوانكم .. نحن نقتُلهم بأموالكم !!

علي فهد ياسين

وزير خارجية تركيا ..داود أوغلوا رد اليوم عبر لقاء تلفزيوني لأحدى محطات التلفزة التركية , نقله موقع ( أخبار العالم ) ("اذا لم تستطيعوا استئصال العناصر الارهابية من أراضيكم فسنقوم بالعمليات العسكرية اللازمة".)!.

الوزير التركي يعبر بوضوح عن سياسة بلاده المعلنة للعالم حول الصراع بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني المطالب بحقوق الشعب الكردي التي لاتعترف بها الحكومات التركية المتعاقبة منذ سقوط الدولة العثمانية , في مفارقةٍ غريبة بين أِدعاءات الأتراك دعمهم لحرية الشعوب في تقرير مصيرها وبين اضطهادهم لحقوق الكرد على تراب كردستان ضمن جغرافية تركيا المحكومة من قبل الأتراك , ولعل أقرب مثالين لنفاق حكومة أوغلوا مواقفهم من الوضع في ليبيا وسوريا , وزيارات أوغلوا التي يعلن فيها مساندته لحق الشعوب في الحرية والحياة الكريمة !.

لكن أنشطة الحكومة التركية , المنفذه من قبل رئيسها ووزير خارجيته , هي حق لها وواجب عليها أمام شعبها مثلها مثل كل الحكومات في عالمنا الواسع , وهي أذ تنفذ سياستها المعلنة , فأن ذلك محسوب لها ولا أعتراض عليه , اذا احتَرَمت مبادئ الحرية وحقوق الأَنسان كمنهجٍ ثابت ودون تمييز , أما أذا كانت خارطة السياسة التركية بألوانٍ متعددة يكون الأسود فيها خاص بالكرد وألوانها الأخرى موزعة على بلدان العالم , فأن ذلك يضع تركيا في موقعٍ لاتُحسد عليه مهما أتخذت من مواقف صحيحة في النزاعات الأخرى , لان الحق لايتجزء وألوان السياسة لاتصبغ جذوره !.

الطرف اللآخر المعني بتصريحات الوزير التركي , لأنها ترد عليه , هو الحكومة المركزية في العراق وحكومة اقليم كردستان ,والحكومتان لم تتخذا منهجاً واضحاً لوقف الأعتداءات التركية والايرانية المستمرة منذُ سنوات , معتمدتان على التصريحات الدبلوماسية الفضفاضة وتشكيل لجان الكشف والتحقق التي تضخمت ملفاتها دون قرارات لحسم المواقف , ولعل آخر المواقف السياسية المعلنة جاءت من برلمان اقليم كردستان الذي يتعرض سكانه للعدوان ,حين أعلن (وحذر برلمان إقليم كردستان خلال جلسته الإستثنائية التي عقدها مساء أمس من مراجعة الإقليم لعلاقاته مع تركيا في حال إستمرار قصفها لمناطقه الحدودية، فيما طالب البرلمان الحكومة التركية بالإعتذار من شعب وحكومة الإقليم على خلفية قصفها لحدود الإقليم)

قبلها كانت هناك مواقف شعبية ضد العدوان التركي والايراني تمثلت في تظاهرات ومسيرات احتجاج ساندتها تهديدات من تجار القطاع الخاص بمقاطعة البضائع المستوردة من البلدين , وقد شكلت هذه المواقف على محدوديتها تقدماً على مواقف السلطات الرسمية التي هي الملزمة في معالجة الموقف السياسي مع بلدان العدوان لأنها ترتبط معها بعلاقات متينة منذ سقوط طغاة البعث ,وفرت لتركيا مثلما وفرت لايران حجم تدول اقتصادي كانت تحلمان به , في ظل كسادٍ عالمي ضربت نتائجه قطاعات مختلفة في جميع أنحاء العالم .

الفريق السياسي التركي , الذي يأخذُ طينةً من هنا وبذرةً من هناك ليسوٍق منتوجاً تركياً يدعم أقتصاد تركيا , يعرف تماماً أن حجم التجارة مع العراق يشكلُ ركناً أساسياً في الأقتصاد التركي , وأذا أُضيف له حجوم التجارة مع العرب , سيكون أحد أعمدة الأستقرار الأقتصادي لتركيا , لكنه يعرف كذلك بأن ورقة الاقتصاد في العراق عامة وأقليم كردستان خاصة تحكمها السياسة المتشضية للاطراف التي تقود السلطة في العراق , وله من تلك الاطراف نصيباً يحركه لخدمةً مصالحه , ولنا في موضوعة المياه التي استهتر فيها الأتراك مثالاً واضحاً , عندما قام الأتراك بدعم مواقف لجهات سياسية معروفة في العراق, من خلال أِطلاق مناسيب اضافية لنهر الفرات خلافاَ لمناشدات الحكومة , بعد أن ضرب الجفاف مناطق واسعة نتيجة أنخفاظ مناسيب الفرات , وهذا الموقف موثق تأريخياً ويعرفه العراقيون , بعد أن زار طارق الهاشمي تركيا واعلن من هناك موافقتها على زيادة حصة العراق من المياه , وكأن حقوق العراق مرتبطة بأشخاص وليس بمصير الشعب العراقي !.

الوزير التركي يستخدم مفردة ( الأِستئصال ) التي يعرف تماماً أنها تتعارض مع مطالب حكومته المتلاحقة للانضمام الى التحاد الاوربي !, لكنه يعرف كذلك ان الأوربيون يغضون الطرف عن ذلك أذا كان حديثه موجهاً للكرد ! , لأن منظومة الحرية التي يتشدقون بها مفصًلة على مقاسات مصالحهم التي تمثل فيها تركيا الجدار الواقي لعالمهم بعيداً عن الجغرافية التي تليها , والتي تمثل دين آخر وعادات وتقاليد أُخرى وضوضاء هم في غنى عنه مادامت ثرواته تصلهم بيسر وسهولة بفضل حكامٍ ينفذون المطلوب لقاء بقائهم في السلطة .

أِن ذراع حكومة أردوغان ووزير خارجيتها هو الجيش الذي يستخدم آلته العسكرية في قصف الأراضي العراقية في أقليم كردستان , متسبباً في الخراب وتهجير السكان وحرق المزارع , وأذا كان كل هذا الدمار يمكن تعويضه فأن أزهاق ارواح المواطنين الآمنين في قراهم وداخل بلدهم لايمكن أن يعوًض , وهو في عداد الجرائم الدولية لأنه يشكل استباحة لأراضي بلد مجاور , وهو بالمقابل مسؤولية الحكومة العراقية وحكومة كردستان , بعد أن تبين أن الأتراك ينفذون عدوانهم بالأتفاق مع الأمريكيين خلافاً للاعراف الدولية التي تلزم القوات الامريكية بحماية الأراضي العراقية , الأ اذا تبين لاحقاً أن هناك أتفاق مسبق بين العراق وتركيا وامريكا على ذلك , وان صح ذلك فهو جريمة يتحملها كل المشاركين في التنفيذ !.

لقد عانى الشعب العراقي خلال سنوات الفوضى والتناحر السياسي , الذي أستغلته قوى الا رهاب , من تدخل حكومات الجوار ودعمها للقتلة وللجهات السياسية التي تستفيد من أنشطتهم , دون أن يؤئر ذلك على مكاسبها الأقتصادية الهائلة التي جنتها بأِغراق السوق العراقي ببضائعها على حساب المنتجين العراقيين في الصناعة والزراعة واعادة التصدير من المناشئ الاسيوية منخفظة الجودة , وقد كانت تركيا أحد أكبر المستفيدين من ذلك منذ انفصال أقليم كردستان عن حكومة بغداد في منتصف عام 1991 , وقد ضاعف الأتراك مكاسبهم الأقتصادية بعد سقوط النظام عام 2003 , وأمتدت شركاتهم الى وسط وجنوب العراق ليشكلوا أكبر شريك تجاري مع العراق ضمن دول الجوار , فمالذي يمنع حكومة العراق من أتخاذ الردع الاقتصادي وسيلةً للتخفيف من العنجهية التركية في تصريحات القادة الاتراك و من ثم دفع ميزان العلاقات بين البلدين الى التوازن الاجباري , خاصةٍ وأن تهديد مصالح الشركات التلركية في العراق سيسبب مأزقاً صعباً لحكومة أردوغان في الداخل , وهي المعتمدة على النجاح الاقتصادي لترسيخ موقفها الشعبي داخلياً, ان موقفاً حازماً من الحكومة العراقية وحكومة الأقليم ضد مصالح تركيا التجارية سوف يدفع بحكومتها الى الاقرار حتى بحقوق العراق المائية التي تشترك في انتهاكها معى سوريا وايران منذ سنوات , أما بقاء التصريحات الخجولة وتشكيل اللجان والمناشدات الحزبية والشخصية في مواضيع خطيرة كهذه فانها تمثل اخطاء فادحة تتحملها الاطراف السياسية المشاركة في حكومتي المركز والاقليم , وهي محسوبة عليهم تأريخياً , لان حقوق العراقيين ليست للمساومة , وقد انتهى زمن الاتفاقات تحت الطاولات غير المقدسة !.
 

free web counter