| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي فهد ياسين

 

 

 

                                                                                 الأثنين 27/6/ 2011



العراق ..بين ترشيق الحكومة وترشيق الرفاق !!

علي فهد ياسين

في واحدة من هلوسات ( القائد الضرورة !) نهاية ثمانينات القرن الماضي , أمر الهُمام أن يخضع الرفاق في قيادة حزبه العتيد , الى برنامج (ترشيق) يؤهلهم لأِجتياز اِختبار تناسب الطول مع الوزن ضمانا لبقائهم في مناصبهم الحزبية والوظيفية ,وقد أعلنها جهارا في أكثر من حديث بُث على الهواء من شاشة التلفزيون الحكومي ,في واحدة من عناويين التفاهة السائدة في ذلك الوقت , وما أكثرها , في وقتٍ كان فيه الشعب مثخنا بجراحه النازفة .

الآن تعود الى الواجهة مفردة (الترشيق), ولكن هذه المرة بعنوان أكبر هو (ترشيق الحكومة) ومن رئاستها , وكأن ترهلها لم يكن باِرادة الأطراف المشاركة فيها ووفق توافقاتهم التي دفع الشعب ضرائبها من دماء أبنائه ,طوال أشهر اجتماعاتهم وصفقاتهم وتهديداتهم وأتصالاتهم بعرابيهم ,حتى تقاسموا حصصهم من الغنائم تحت عناوين حكومة المشاركة الوطنية لخدمة الشعب !, التي أفضت الى شراكتهم في اِستمرار معانات الشعب المتفاقمة من تنامي معدلات الفساد وحماية شبكاته تحت مظلاتهم المحكومة بالصراع المغلف بوطنيةٍ زائفه .

لاندري مالذي أيقظ ضمائر دعاة الترشيق بعد أشهرِقليلة من اتفاقهم على طاقم حكومي هو الأكبر منذ تأسيس الدولة العراقية ليطلقوا بالونهم السياسي في أجواء العراق الملبدة بغيومٍ سياسية بلون الدم تعيد الى الأذهان مشاهد الدمار التي رسموها قبل سنوات ؟ , وهل توافقوا على الترشيق قبل أن يعلنوه كي يجنبونا مزايداتهم في الأِعلام ؟, لقد بدءت جولة جديدة من فوضى التصريحات حول ترشيق الحكومة , تتصاعد منها روائح المصالح الذاتية والحزبية على حساب المصلحة الوطنية , لتكون عناوين الصراع الجديد في مسلسل لم يتوقف منذ سقوط الصنم البعثي القذر والى أجل غير مسمى ,بقيادة النخب السياسية المتصارعة بعيدا عن مصالح العراقيين .

اِن توقيت بالون الترشيق والصراع على آليات تنفيذه يأتي في بداية صيفٍ جديد تتصدر فيه مشكلة الكهرباء كل العناوين الأخرى !, وهو اِجتهادُ غير عراقي , لأن الوجبات الدسمة في مطبخ السياسة العراقية الآن يقدمها العرابون لتهدئة الاوضاع المتفاقمة من الأداء السياسي الهزيل للنخب المتصدرة للواجهه, والتي أفضت الى عرقلة حل أهم وأكبر مشكلة يعاني منها العراقيين وهي مشكلة الكهرباء , التي تكدست الوعود الخائبة من الحكومات المتعاقبة في حلها وهي العصب الأول في كل بناء جديد , وكانت كل اِجراءات الحكومات التي أعقبت سقوط الفاشية البعثية قد أخفقت في تنفيذ سياسة حكيمة لتوفيرها .

لقد أنتج الفساد الذي تتحمله أطراف السلطة وتفرعاتها في العراق آلياتٍ تسد كل طرق البناء الموعود به الشعب , وما رشح منه الى الآن غيضُ من فيض , تجاوز عشرات المليارات , وقد كان كافياً , لو كانت هناك ذمماً بيضاء , لاِنارة آخر بيتٍ عراقي في أبعد نقطة في ريف العراق , لكن دعاة الوطنية اختاروا اِنارة دهاليزهم المفضية الى مصالحهم خارج العراق تاركين بيوت العراقيين وأماكن عملهم التي توفر لهم لقمة عيش كريمة تسبح في الظلام .

سينتظر العراقيون ترشيقا للحكومة لن يحدث !, لكنه سيدخلهم في ترقبِ لأشهر حتى ينتهي الصيف , وبعده سيكون للحكومة أكثر من فرصة تستعد بها لصيفٍ جديد !.
 

free web counter